"شكوك بلا دلائل".. اليونان تحرّك الإعلام الغربي ضد لاجئة سورية ادّعت وفاة طفلة بلسعة عقرب

"شكوك بلا دلائل".. اليونان تحرّك الإعلام الغربي ضد لاجئة سورية ادّعت وفاة طفلة بلسعة عقرب

عادت قصة مثيرة للجدل حول لاجئة سورية وعائلتها للتداول عبر وسائل إعلام غربية، بعدما شكك مسؤولون يونانيون أن أحداثها لم تبنَ على معلومات صحيحة.

وتعود القصة إلى العام الماضي وبدأت مع صور ومقاطع مصورة تُظهر عشرات من اللاجئين السوريين والفلسطينيين عالقين في منطقة يونانية وصلوها بعد عبورهم نهر إيفروس من تركيا في آب من العام الماضي، وكان بين اللاجئين عائلة سورية قيل إن واحدة من أطفالهم تعرضت للدغة عقرب وتوفيت، بعد أن رفضت السلطات اليونانية تقديم المساعدة لهم.

وكان أبرز الناشرين لهذه القصة مجلة دير شبيغل الألمانية، التي ما لبثت أن حذفت 4 مواد صحافية عنها، قائلة إنه تم اكتشاف شكوك حول القصة، وإنه سيصار إلى إعادة نشرها بعد القيام بتعديلات أو تحديثات عليها، وذلك بعد أن أرسل وزير الهجرة اليوناني نوتيس ميتاراكيس رسالة للمجلة يطرح فيها تساؤلات ويقدم توضيحات.

وبعد انتشار الصور والمقاطع المصورة التي يُفترض أنها تظهر اللاجئين على أرض يونانية، نفت السلطات اليونانية معرفتها بمكانهم رغم إرسال موقعهم من قبل منظمات غير حكومية تعنى بمساعدة اللاجئين، ثم ادعت أنهم موجودون في الجانب التركي ولا يحق لها الوصول إليهم.

وفي إحدى الصور والمقاطع المصورة زعمت سوريّة أن عقرباً لدغ طفلة تدعى ماريا، وقد دخلت غيبوبة وباتت بحاجة لمساعدة عاجلة، قبل أن ينتشر بعد أيام أنها توفيت وقاموا بدفنها على الجزيرة، لتنشر المجلة الألمانية هذا الخبر، وتحمّل السلطات اليونانية مسؤولية ما حدث، ومن ثم تلا ذلك رضوخ السلطات اليونانية لقرار قضائي أوروبي باستقبال اللاجئين، واعتذار وزير الهجرة على ملاقاة الطفلة لذاك المصير.

وبعد وصول عائلة الطفلة السورية المتوفية إلى اليونان، باتت تلك الرواية محل شك، حيث إن الوثائق أظهرت وجود 4 أطفال مع العائلة (3 إناث وذكر) إحداهن تدعى مايا، وقيل إنها الشقيقة التوأم لماريا المتوفية، وبالتالي فإن عدد الفتيات يجب أن يكون 4، وفي الصور المتداولة لا تظهر سوى 3، وبات السؤال المطروح هنا هو هل تم اختلاق هذه القصة بدافع اليأس، أم إنها حقيقية بالفعل؟.

ورفض اللاجئون الذين كانوا محور القصة الحديث لوسائل الإعلام بناء على نصيحة محام، وتكرر الإصرار على أن القصة حقيقية، في حين قال الوزير اليوناني الذي عبّر عن أسفه سابقاً إنه لا وجود للطفلة المذكوة والقصة المروية عنها غير حقيقية.

وكان مراسل المجلة الألمانية التقى والد ووالدة الطفلة المزعومة، وأكد الاثنان وفاة ابنتهما دون تقديم أي دليل على ذلك، في حين رفضت السورية مصورة الفيديو التي تبيّن أنها تحمل اسم "بيداء س" ، وتقيم اليوم في ألمانيا، التحدث للمجلة عن حقيقة ما حدث.

وتعرضت المجلة الألمانية للعديد من الانتقادات وذهب البعض للقول إن ما حصل "فضيحة"، في حين رفضت آراء أخرى استخدام ما حصل كذريعة لتجاهل التعامل السيئ لليونان ووكالة فرونتكس الأوروبية مع اللاجئين، مشيرة إلى أن ما حصل هو أن المجلة لم تتحقق بالشكل الكافي من هذه القصة وسارعت إلى نشرها متأثرة بما يرتكب بحق اللاجئين، بالإضافة إلى أن العديد من وسائل الإعلام غطت القصة ذاتها ولم يقتصر الأمر على دير شبيغل.

 إحياء القصة

قبل أيام، أعادت صحيفة نويه تسوريشر تسايتونغ، السويسرية الناطقة باللغة الألمانية، وإحدى أقدم وأشهر الصحف في سويسرا، إحياء القصة عبر نشرها لمقال اتهمت فيه المجلة الألمانية بإطلاقها حملة ضد سياسة الهجرة التي يتبعها الاتحاد الأوروبي، معتمدة على قصص وأخبار مكذوبة قدمتها امرأة شابة.

والتقت الصحيفة، في إحدى المدن الألمانية (في ولاية راينلاند بالاتينات)، بالشخصية المحورية في القصة، (بيداء .س) الفتاة التي صورت الفيديو وتحدثت بالإنكليزية وأكدت وفاة الطفلة وتحدثت أيضاً عن وجود جدة الفتاة البالغة من العمر 70 عاماً معهم، وذكرت لهم أنها من مواليد العام 1995 في الرقة، وأنها خُطبت العام الماضي لشاب سوري يقيم في ألمانيا أيضاً منذ العام 2015.

وقالت بيداء إنها لا ترغب بالحديث مرة أخرى عما حصل في اليونان، فقد كانت "أوقاتاً عصيبة ومحزنة".

وكشفت الصحيفة أن بيداء مؤلّفة كتب وناشطة معروفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولديها آلاف المتابعين، زاعمة أن لها صوراً ومقاطع فيديو سابقة في تركيا وألمانيا، وأن تاريخ بعضها يعود لما قبل ما حصل في اليونان، بينما لا يمكن تحديد ما إذا كانت بيدا عاشت فعلاً في ألمانيا قبل ظهورها على جزيرة في نهر إيفروس.

وأضافت الصحيفة أن جدة الفتاة السبعينية تبين أنها غير موجودة أيضاً شأنها شأن الطفلة التي توفيت بلدغة عقرب، بحسب ما اكتشف صحافيون يونانيون حينها.

ليست دليلاً دامغاً

ونشرت الفتاة السورية بعد وصولها إلى اليونان بفترة قصيرة مقطعاً مصوراً يظهرها في طائرة تقلع من أثينا مع تعليق مفاده "إلى ألمانيا بعد معاناة طويلة".

وتقول مجلة فوكوس الألمانية التي نقلت مقتطفات من مقال الصحيفة السويسرية، إن الصور التي نشرتها بيداء على أنها في ألمانيا قبل تاريخ حادثة اليونان، ليست دليلاً دامغاً على أنها كانت في ألمانيا قبل أن تذهب بنفسها إلى اليونان، لافتة إلى أنها قد تكون أرسلت لها من قبل خطيبها الموجود في ألمانيا منذ 2015.

وتختم المجلة بالقول إنه لم يعد بالإمكان رؤية أي من هذه الأمور حالياً، إذ قامت بيداء بحذف كل حساباتها الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات