خبراء: مرسوم أسد لـ"الأطفال مجهولي النسب" مخاطر اجتماعية ووسيلة غير تقليدية للالتفاف على "قيصر"

خبراء: مرسوم أسد لـ"الأطفال مجهولي النسب" مخاطر اجتماعية ووسيلة غير تقليدية للالتفاف على "قيصر"

لا ينفك نظام أسد عن اتخاذ أي إجراء لإيجاد مصادر دخل غير تقليدية، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بمناطق سيطرته، وذلك بهدف زيادة مداخليه المادية، متجاهلاً هموم الناس، التي أثقلت حربه على الشعب السوري منذ عام 2011 كاهلهم وأوصلت معظمم إلى أدنى درجات الفقر والجوع.

هيئة مستقلة إدارياً ومالياً

وكان آخر هذه الإجراءات غير التقليدية، إصدار رأس النظام بشار أسد المرسوم التشريعي رقم 2 لعام 2023، الذي يتضمن إحداث هيئة مستقلة إدارياً ومالياً عن حكومته باسم "بيوت لحن الحياة"، بدواعي الاهتمام بتنظيم شؤون الطفل مجهول النسب ورعايته، وفق المرسوم الذي نشر على وكالة أنباء أسد (سانا).

وبحسب المرسوم  يعد بحكم مجهول النسب، "الطفل مجهول النسب ولا يوجد من يقوم بإعالته شرعاً، والطفل الذي يضل الطريق ولا يملك المقدرة على الإرشاد عن ذويه لصغر سنّه أو ضعفه العقلي أو لأنّه أصم أبكم لا يحاول أهله استرداده".

شكك حقوقيون واقتصاديون تواصلت معهم أورينت بالغاية التي يسعى وراءها النظام من إصدار المرسوم، مشيرين إلى أنه بات محترفاً بإيجاد طرق للحصول على الأموال من الخارج، وأنه لا يحترم اتفاقية حقوق الطفل التي وقّع عليها، حيث إن الأطفال من بين ضحاياه سواء عن طريق القتل أو الاعتقال أو الاتجار بهم.

ووفق ما جاء في المرسوم، سيتم إحداث فرع مستقل للهيئة في الموازنة العامية للدولة، وفتح حساب مصرفي مستقل تودع فيه الإيرادات الذاتية من منح وإعانات وهبات وهدايا وتبرعات ووصايا تتلقاها من مؤسسات ومنظمات وأشخاص داخل سوريا وخارجها.

الهدف أموال أممية

وقال المحامي السوري عبد الناصر حوشان لأورينت نت، إن "نظام أسد بإصداره لهذا المرسوم، يسعى إلى التحايل من خلال فك ارتباط حكومته بدور الرعاية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وتحويلها إلى هيئة مستقلة إدارياً ومالياً عن الوزارة بشكل كامل".

وأصاف أن إصدار هذا المرسوم يأتي من باب التحايل على العقوبات الدولية المفروضة على النظام، إذ إن هناك صناديق مالية موجودة في الأمم المتحدة خاصة بموضوع الطفولة والمرأة والأسرة، ويمكن لهذه الهيئة التي أصبحت مؤسسة مستقلة إجراء عقود مع هذه الصناديق.

وأشار "حوشان" إلى أن إصدار المرسوم يأتي بعد انتخاب نظام أسد في تموز/يوليو الماضي كنائب لرئيس الدورة التاسعة للجمعية العامة للدول الأطراف في اتفاقية اليونسكو 2003، وذلك لمدة عامين. 

وأوضح أنه خلال مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الذي عُقد في مقر المنظمة بالعاصمة الفرنسية باريس، تم وضع خطة دعم لعام 2030 تصل إلى 12 مليار دولار أمريكي، الأمر الذي سيجعل نظام أسد يتحرك لاستغلال منصبه، ومن خلال علاقاته مع منظمات الأمم المتحدة الأخرى (يونيسيف مثلاً) للاستفادة من هذه الأموال، بحجة دعم وتطوير أساليب تربية وتعليم الأطفال في مناطق سيطرته.

تفريخ جمعيات لاستجرار الدعم

أما الباحث الاقتصادي خالد تركاوي، فرأى أنه بالنسبة لمرسوم إحداث هيئة "بيوت لحن الحياة"، فإن "هناك نقطتان لجهة الممارسة، الأولى أن النظام يوسّع الأنشطة الاجتماعية، حيث إن هناك تفريخاً لمئات الجمعيات، اليوم يوجد 2200 جمعية عاملة في مناطق أسد، بحسب ما ذكرت وزير الشؤون الاجتماعية والعمل"، لافتاً إلى أن الهدف من تفريخ الجمعيات كان استجرار الدعم، وإحداث "بيوت لحن الحياة" يأتي في نفس السياق.

أما النقطة الثانية، بحسب "تركاوي"، فتتمثل بالإجابة على سؤال لماذا هذا التفريخ للجمعيات الاجتماعية؟ موضحاً أن "استجرار الدعم ليس لمصلحة من يتم إنشاء الجمعية لتغطية مصالحهم فقط، بل لتغطية احتياجات الحكومة نفسها".

وذكر أنه "حتى ميليشيا أسد استفادت من مساعدات قدّمتها مثل هذه الجمعيات، بمعنى أن حكومة أسد ألقت بمسؤوليتها الاجتماعية على هذه المؤسسات والجمعيات لصالح خدمة قوى الجيش والأمن، إذ إن الأولوية لجرحى وذوي قتلاها الميليشيا".

وبحسب "تركاوي" تساعد هذه الجمعيات في إدخال القطع الأجنبي من العملات إلى مناطق أسد، حيث إن كل التبرعات التي تأتي لهذه الجمعيات سواء من أفراد أو مؤسسات تدفع بالدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى، والتي بدورها تسخدم لدعم مستوردات النظام من المواد الغذائية أو الأسلحة أو الوقود. 

مصادر دخل غير تقليدية

من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي فراس شعبو، أن نظام أسد يحاول بهذا المرسوم إيجاد مصادر دخل بأي وسيلة كانت، ودائماً ما تكون هذه الوسائل غير تقليدية، مشيراً إلى أن نظام أسد له باع طويل في الالتفاف على العقوبات بمساعدة من حليفه روسيا وإيران اللتين تخضعان أيضاً للعقوبات الغربية أيضاً.

وأوضح أن العقوبات لا تشمل القطاع الحيوي المتمثل بالغذاء والمواد الأولية، بل تشمل أشخاصاً مرتبطين بالنظام وبعض الأسلحة والمواد التي تدخل في التصنيع الحربي والعسكري ويُمنع على النظام استيرادها.

وأكد "شعبو" أن النظام يحاول بأي طريقة من الطرق إدخال المساعدات وزيادة مداخيله الاقتصادية، ومن غير المستغرب أن يكون هدفه من هذا المرسوم الالتفاف على العقوبات، خاصة أن مناطق النظام تعيش في ظل بيئة اقتصادية اجتماعية وخدمية وتعليمية متهالكة.

وشدد أن هذه "المنظومة والفئة التي تحكم سوريا آخر همها المواطن وتنظيم حياته، حيث إن ما يسعى النظام إلى تحقيقه هو زيادة أرباحهم ومداخيله بشكل حتمي".

وأشار "شعبو" إلى أن "ما تشهده مناطق النظام من حالة فوضى أمنية وتدهور اقتصادي شديد وعدم تدخل حكومة أسد لإيجاد أي حلول، هو دليل على أنها غير آبهة بحياة المواطن سواء أكان معروف أو مجهول النسب".

أوكار لتجارة الأعضاء 

بينما اعتبر الحقوقي السوري مصطفى سعد الدين، أن النظام يصدر المراسيم والقوانين وفق المعايير الدولية، إلا أن المشكلة تكمن في التطبيق الذي يكون مخالفاً للقوانين الدولية.

وذكر "سعد الدين" أن نظام أسد الذي وقّع على اتفاقية حقوق الطفل الدولية، من الممكن أن يستخدم هذه الملاجئ لتكون وكراً لتجار البشر وتجارة الأعضاء، لافتاً أن هناك تقارير دولية حول ما ارتكبه نظام أسد من جرائم كالتجار بالبشر وتجارة الأعضاء خلال السنوات الماضية.

وازدادت ظاهرة الأطفال مجهولي النسب في مناطق سيطرة نظام أسد بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، نتيجة حالة التفكك المجتمعي والفقر والعلاقات خارج إطار الزواج، التي يقوم بها عناصر مييلشيا أسد، إضافة إلى دخول عناصر الميليشيات الإيرانية والأفغانية وغيرها من الميليشيات التي ساندت النظام في حربه ضد السوريين، حيث قام عناصر تلك الميليشيات بالزواج من سوريات أو أجنبيات، ومن ثم قتلوا أو عادوا إلى مناطقهم تاركين وراءهم أطفالاً مجهولي النسب.

التعليقات (1)

    سرور

    ·منذ سنة 4 أشهر
    لك روحو عنا. كثير من الناشطين والحقوقيين بين قوسين سرقو و نهبو مساعدات السوريين و صار عندهم ملايين. طحان ما بيغبر على كلاس
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات