"وول ستريت جورنال": إيران تفاجئ الأسد بشرط جديد مقابل النفط

عقب يوم واحد من زيارة وزير خارجيتها لسوريا وفي خطوة مفاجئة، وجّهت إيران صفعة جديدة لحليفها الأسد بعد مطالبته بالدفع مقدماً لقاء شحنات النفط التي تزوده بها، مع رفعها السعر ليصل إلى أكثر من 70 دولاراً للبرميل.

وبعنوان (إيران تقيّد توريد النفط الرخيص إلى سوريا، تاركةً حليفها في أزمة) أكدت الصحيفة الأمريكية "وول ستريت جورنال" أن طهران ضاعفت السعر الذي تدفعه دمشق مقابل النفط الخام، ما أدى إلى نقص الوقود في البلاد تزامناً مع الانهيار الاقتصادي الذي تشهده.

وبحسب الصحيفة فإن طهران طالبت الأسد بالدفع مقدماً مقابل النفط، ورفضت الطلبات الجديدة للتسليم بالدين، الأمر الذي سيسفر عن تعريض الاقتصاد السوري للخطر بسبب نقص الوقود في الوقت الذي اعتمد فيه على إيران لأكثر من نصف احتياجاته النفطية، مشيرة إلى أن نظام الملالي استخدم النفط المدعوم لتوسيع نفوذه ودعم الأسد في قمع الثورة ضد أبناء شعبه وتحدي الخصوم الإقليميين. 

ونقلت عن أشخاص مطّلعين قولهم إنه في الأسابيع الأخيرة أكد مسؤولون إيرانيون لنظرائهم السوريين أنهم سيضطرون إلى دفع المزيد مقابل شحنات النفط الإضافية مع حلول ذروة الطلب بفصل الشتاء، الأمر الذي ضاعف السعر إلى ما يزيد على 70 دولاراً للبرميل.

وبينت أن الناس في العاصمة أصبحوا يصطفون كل يوم لساعات بالقرب من محطات الوقود المعطلة، وأن تكلفة النقل ارتفعت بشكل كبير ما أدى إلى إجهاد الاقتصاد المتعثر وارتفاع أسعار السلع، وقيام حكومة ميليشيا أسد بإغلاق بعض المكاتب الإدارية لعدة أيام لتوفير الطاقة.

من ناحيته قال الفرنسي "فابريس بالانش" الأستاذ المساعد المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة ليون "إن هذه أسوأ أزمة وقود في الذاكرة الحية لسوريا وإن إيران لا تستطيع تحمّل طموحاتها الإقليمية.

رفض رسمي لدعم الأسد بالنفط

القرار الإيراني المفاجئ جاء بعد لقاء وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان" مع الأسد أمس في دمشق، حيث زعمت وسائل إعلام رسمية في البلدين بالحفاظ على العلاقات قوية فيما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) أن الجانبين ناقشا مشروعاً لتوليد الكهرباء دون الإشارة إلى إمدادات النفط.

مسؤول إيراني في اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات في طهران قال أيضاً إنه لا يوجد سبب للبيع لسوريا بأسعار منخفضة، فيما لم ترد وزارتا خارجية البلدين على الفور على طلبات التعليق.

الصحيفة الأمريكية أوضحت أنه بينما كان حجم النفط الذي أرسلته طهران إلى دمشق في الربع الأخير من عام 2022 مماثلاً للعام السابق، فقد رفضت زيادة المعروض لتلبية الطلب المتزايد في سوريا كما قال أشخاص مطّلعون إن خط الائتمان الذي سمح لسوريا في السابق بالدفع لاحقاً سرعان ما استنفد بعد أن رفعت إيران السعر من معدل 30 دولاراً للبرميل إلى 70 دولاراً ما دفعها إلى فرض رسوم على حليفها مقدماً.

وعادةً ما تستقبل سوريا شحنتين من النفط على الأقل شهرياً من إيران، لكن الناقلة التالية لن تغادر البلاد متوجهة إلى سوريا حتى أوائل آذار القادم أي إن هناك فجوة لمدة 11 أسبوعاً وفقاً لشركة بيانات السلع الأساسية من كابلر.

أزمة نفطية غير مسبوقة

وكان نظام أسد أعلن قبل فترة عن وصول ناقة نفط خام محملة بمليون برميل إلى ميناء بانياس في طرطوس، كما وصلت ناقلتا غاز تحملانِ نحو 4400 طن من الغاز المنزلي، في حين لم تذكر صحيفة البعث التابعة للنظام، الوجهة التي قدِمت منها هذه الناقلات، والتي يُعتقد أنها قادمة من إيران، ضمن ما يُعرف بـ "الخط الائتماني" الإيراني.

ولفهم سبب التأخير المتعمّد رغم وجود عقود توريد طويلة الأمد مبرمة بين نظام الأسد وطهران، تمكّنت "أورينت نت" من الوصول إلى مصدر في وزارة الخارجية في حكومة أسد، مطّلع على بعض التفاصيل التي رشحت من اجتماعات النظام مع المسؤولين الإيرانيين خلال سنوات الثورة.

تركيا وروسيا

ويرى المصدر بأن أحد أهم الأسباب التي دفعت إيران للضغط على نظام الأسد في قطع خطوط المواد التي كانت تصل بشكل دوري عبر خطوط الائتمان هي محاولة النظام إعادة علاقاته مع تركيا عبر وساطة روسية دون أن يكون لطهران أي دور في العملية، وهو ما يُعتبر تهديداً مباشراً من دولة إقليمية ومجاورة على مصالح إيران التي حاولت أن تعميقها خلال عقد كامل من دعم النظام غير المحدود لبقائه.

وبحسب المصدر فإن أحد مطالب إيران الرئيسية أيضاً هي أن يتم اعتماد ما يسمى بـ"الحوزة العلمية" في مقام السيدة زينب كمرجع رسمي يرتبط مباشرة برئاسة الجمهورية، حيث اعتبرَت خطوة إلغاء رئيس النظام بإلغائه منصب "مفتي الجمهورية"، واستبداله بـ"المجلس الفقهي العلمي"غير كافية، وهو ما طلبه علي أصغر خاجي كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة، بلقائه بشار مطلع 2022 وكان من المفترض أن يسمعوا رداً على مطلبهم قبل نهاية 2022، لكن لم يردّ النظام على هذا المطلب.

ولفت المصدر إلى أن الحديث عن منطقة المزة خلف الرازي كانت حاضرة في أغلب اجتماعات الطرفين حيث تطالب إيران بإخلائها بشكل كامل تمهيداً لتحويلها لما يشبه الضاحية الجنوبية في بيروت بتركيبتها الطائفية، وكذلك الأمر تطالب إيران بجعل المنطقة الممتدة من رأس المعرة في القلمون الغربي والبريج في حمص أي الشريط المحاذي للحدود اللبنانية جهة عرسال بيد ميليشيات إيرانية دون وجود للفرقة الرابعة التي تتمركز عبر عدة كتائب هناك.