أبرز 5 صعوبات واجهت السوريين في تركيا خلال 2022

أبرز 5 صعوبات واجهت السوريين في تركيا خلال 2022

لم تعد الصعوبات التي يواجهها اللاجئون السوريون في تركيا مقتصرة على العنصرية والمشاكل الاقتصادية كما في السابق، بل تخطتها إلى مشكلات جديدة طرأت على مستقبل السوريين وواقعهم بعدما أجبرتهم الحرب التي شنّها نظام أسد عليهم منذ عام 2011 على اللجوء إلى مختلف دول العالم.

ومن بين تلك الدول التي لجأ إليها السوريين بحثاً عن الأمان جاءت تركيا في المقدمة، حيث استقبلت موجات كبيرة من اللاجئين السوريين وقدمت لهم تسهيلات مختلفة ضمن ما عُرف بسياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها أنقرة في أولى سنوات الثورة، إلا أنها تراجعت عنها لاحقاً وسط تشديد بالإجراءات مع تعقد القضية السورية وانسداد مسار الحل السياسي، في حين توجه السوريون إلى تشكيل مجتمع مصغر مع ما يحمله من خصوصية ثقافية واجتماعية وانخرطوا بطبيعة الحال في مختلف المجالات في تركيا، إلا أن ذلك كان له ضريبته التي أفضت إلى العديد من المشاكل، من الممكن أن نبرز 5 منها:

العودة الطوعية

مع وصول عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى نحو 4 ملايين ووقوعهم ضحية للاستقطاب السياسي الذي يسيطر على المشهد العام فيها، لم تعد الخطط الخاصة بهم مقتصرة على الحكومة بل تعدتها إلى المعارضة التي تروج لإعادتهم إذا ما فازت بانتخابات منتصف 2023، ليجد السوريون أنفسهم بين خطتين، أولى يدعو لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ أشهر وفق ما يعرف بـ"العودة الطوعية" وتبعها مشروع "التخفيف من السوريين"، وأخرى تحدث عنها رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو وتتألف من 4 مراحل.

وتتلخص خطة أردوغان بعودة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم في 13 منطقة بالشمال السوري وهي منطقة تعتبرها أنقرة "آمنة" وتسعى لإعادة اللاجئين إليها، إلا أن الواقع يؤكد أنها ليست آمنة أبداً، حيث تم استهداف مناطق نبع السلام وغصن الزيتون ودرع الفرات وإدلب عدة مرات بالصواريخ والطائرات سواء من قبل ميليشيات أسد والطيران الروسي أو من قبل ميليشيات قسد والجولاني، فضلاً عن أن ميليشيا الجيش الوطني لم تستطع حتى الآن ضبط الأمن في تلك المناطق.

أما خطة كليجدار أوغلو فهي تنص على إعادة السوريين في غضون عامين من تسلّم المعارضة السلطة، وهي خطة منطقية وقابلة للتطبيق وفق قيادة الحزب التي تسعى لاستقطاب أصوات الناخبين، ما دفع الحكومة هي الأخرى للرد على تصريحات المعارضة والكشف عن خطوات تتعلق بمسألة عودتهم، فيما بقي السوريين بين ما يشبه "فكي كماشة"، وسط مخاوف من إعادتهم إلى تلك المناطق التي تفتقر أيضاً إلى أبسط مقومات الحياة.

التطبيع

ورغم تضارب الملفات في تركيا وتعقيدها واختلاف أفكار الأطراف السياسية حولها بشأن اللاجئين السوريين إلا أن الحديث عن عودتهم بات الشغل الشاغل للجميع، لذا كان لا بد لزاماً من اتخاذ إجراءات من شأنها تسريع هذه العملية التي يعد أحد أبرز أسبابها الانتخابات المفصلية التي تنتظر الأتراك، فكانت فكرة التطبيع مع نظام أسد ولو من باب الواقعية السياسية فكرة مطروحة وبقوة، وهذا ما كشفته تصريحات المسؤولين الأتراك في الحكومة والمعارضة خلال الأشهر الماضية الذين دخلوا فيما يبدو بسباق لمن يطبّع أولاً.

لكن تلك المساعي خلقت لدى السوريين مخاوفاً وجودية وأسئلة استفهام كثيرة حول الخطوات القادمة ومصير ملايين السوريين الذين كانت ميليشيات أسد سبباً رئيسياً في تهجيرهم وقتلهم واغتصاب حقوقهم، فضلاً عن أن أنقرة تشرف على نحو 4 ملايين سوري يعيشون على أراضيها ونحو 4 ملايين آخرين في مناطق الشمال السوري.

العنصرية

بدأت مشاعر العنصرية ضد اللاجئين السوريين تنمو بحدة منذ أحداث ألتنداغ أو ما يعرف بـ"أحداث أنقرة" في آب عام 2021، عندما قُتل مواطن تركي على يد لاجئ سوري طعناً بالسكين، وتسبب ذلك بأحداث عنف واسعة واستهداف لممتلكات اللاجئين السوريين، ليخرج في أعقاب ذلك المتطرف العنصري رئيس حزب النصر التركي، أوميت أوزداغ، ويدعو لترحيل السوريين واستخدام ورقتهم للضغط على الحكومة مع اقتراب الانتخابات، في حين لم تبتعد المعارضة التقليدية عن تأجيج مشاعر الكراهية بحق السوريين إلا أنها لم تصل إلى حد أوزداغ.

دفع ذلك الحكومة بشكل مستمر وعبر مسؤوليها إلى الدفاع عن سياسة اللجوء التي اتبعتها في البداية، حيث بات حديثها من منطلق المدافع عن نفسه، إلا أن النبرة تغيرت في محاولة لمسايرة الشارع التركي عبر خطط "العودة الطوعية" و"التخفيف من السوريين".

في الداخل كانت هناك عشرات القصص التي راح ضحيتها لاجئون سوريون أبرياء، حيث تعرض العديد من السوريين إلى حوادث قتل وطعن وضرب وسلب بدوافع عنصرية، فيما بات يخشى الآلاف منهم الحديث باللغة العربية في الشارع ووسائل النقل العام حوفاً من تعرضهم لجريمة عنصرية.

إجراءات تقييدية

إضافة إلى المشاكل المذكورة أعلاه، يواجه اللاجئون السوريون في تركيا العديد من الصعوبات والإجراءات التقييدية التي تحد من نشاطهم وحركتهم داخل البلاد، وتعد هذه المشاكل قديمة متجددة وهي مرتبطة بشكل مباشر بالبيروقراطية وصعوبة إجراء المعاملات في دوائر الدولة وعدم إتقان اللغة التركية والعمل دون تراخيص، وصعوبة استخراج أذون السفر للتنقل بين الولايات، وكذلك صعوبة استخراج الإقامات السياحية وتوقف منح بطاقة الحماية المؤقتة "الكمليك" للسوريين في معظم الولايات التركية.

وتحول تلك العوائق دون إحساس السوريين بالاستقرار النفسي والاجتماعي ما يدفعهم للتفكير بالهجرة، كما يعاب على نظام الدمج الاجتماعي التي تنفذه رئاسة الهجرة التركية في الاستفادة من الطاقات والقدرات السورية التي تضم أطباء ومهندسين وصنّاعاً مهرة، بينما تواصل السلطات التركية إيقاف قيد المئات من حملة الكمليك لأسباب غير مبررة وفق ما ذكر ناشطون حقوقيون بالتزامن مع عمليات الترحيل التي كانت انتقدتها منظمات حقوقية من بينها هيومن رايتس ووتش.

مشاكل اقتصادية

على صعيد آخر، لطالما لعب العامل الاقتصادي دوراً رئيسياً في تقييم اللاجئين السوريين للأوضاع في تركيا، حيث شكلت معدلات التضخم العالية وانخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار وغلاء الأسعار، وارتفاع إيجار المنازل والأجور المتدنية والعمل خارج إطار القانون، عاملاً مهماً ومشكلة رئيسية تضاف إلى قائمة المشاكل التي يعاني منها اللاجئين السوريين في تركيا.

وبالرغم من سد اللاجئين السوريين لثغرة مهمة في القوى العاملة التركية، مع ما حققوه من رفع للإنتاجية وتعزيز السوق الداخلية وتحسين وتيرة النمو وتقليص معدلات البطالة إلا أنهم تعرضوا لما يشبه "اغتيالاً معنوياً" من قبل عدة أطراف في تركيا اتهمتهم بسلب الأتراك فرص العمل والتأثير على الاقتصاد التركي، ليبقوا ملعباً للتجاذبات السياسية التي يبدو أنها لن تنتهي بسهولة.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات