من وحي رامي مخلوف: تنبؤات للعام الجديد

من وحي رامي مخلوف: تنبؤات للعام الجديد

لطالما اعتقد السوريون أن رامي مخلوف هو أحد أفراد الأسرة الحاكمة، ولطالما اعتقد رامي مخلوف نفسه كذلك، ولكن رغم ذلك، لم يستغرب السوريون أن يقوم النظام السوري بوضع يده على ممتلكات رامي مخلوف وتحويله بين ليلة وضحاها إلى رجل مطلوب للعدالة. لم يستغرب السوريون لأنهم يعلمون أنهم محكومون من قبل عصابة، وأن من يعمل مع العصابة يجب عليه أن يتوقع نهاية مشابهة، ولكن المستغرب أن رامي مخلوف ذاته؛ يبدو أنه لم يكن يتوقع هذه النهاية. لذلك، بدأت تظهر عليه آثار الصدمة، فبعد أن خرج على السوريين بشخصية الناسك، ها هو اليوم يعود بعد غياب بشخصية المتنبئ، أو المنجم العرافة. 

تنبؤ ضمن السياق

لقد أصبح الوضع المتردي للنظام السوري وحلفائه حديث الساعة، وذهبت معظم التحليلات السياسية إلى التفاؤل بقرب الحل؛ بهذا المعنى: لم يكن ما جاء به رامي مخلوف خارج السياق، لكن الملفت فيه أنه جاء على شكل تنبؤات صادرة عن منجم، وقد أشار مخلوف في منشوره على صفحته في "فيسبوك" أنه اعتمد على ما يعرف لدى بعض الأوساط بـ"علم الأرقام" الذي أظهر له بأن "سنة 2023 هي سنة سوريا بامتياز، وأن الحل الشامل على بعد بضعة أسابيع يأتي على شكل حدث كبير يتكلم عنه العالم بأثره، وذكر أن تلك الانفراجات تتمثل ببدء تدفق المساعدات على سوريا والسوريين من كل أرجاء الأرض، ويعود المهجرون، وتُعاد العلاقات الدبلوماسية العربية والإقليمية والدولية، ويُغلق الملف السوري بسلام.

متى تصدق تنبؤات مخلوف؟!

يتذكر بعض السوريين إشاعة أُطلقت في عام 1999 تتنبأ بحدوث زلزال مدمر يضرب بعض المناطق السورية. في حلب وحمص واللاذقية وطرطوس، وربما مدن أخرى، خرج مئات الآلاف إلى الشوارع والحدائق، التي اعتبروها أكثر أماناً من البيوت المهددة بالسقوط في حال حصول الزلزال المزعوم. في اليوم التالي استحوذ الموضوع على اهتمام وسائل الإعلام، وفيما كانت ادعاءات من يسمون أنفسهم بالخبراء والمختصين مطمئنة، وأن المنطقة مستقرة؛ جاء الخبر اليقين من المختصين الحقيقيين في المراكز الدولية المرموقة وذات المصداقية لتقول: إن مدينة حلب بالتحديد تتعرض بشكل دوري لزلازل مدمرة يصنف بعضها ضمن الأقوى في التاريخ، وأن كل ما يمكن أن يتوقعه الخبراء أن حلب معرضة لزلزال مدمر خلال الخمسين سنة القادمة. ما نود قوله: في حال حدوث هذا الزلزال في الأسابيع القادمة، عن طريق الصدفة التي تعطي للخرافة مصداقية في بعض الأحيان، قد تتحقق تنبؤات رامي مخلوف ولو جزئياً، وإلا فهي أضغاث أحلام ناتجة عن آثار الصدمة.

لماذا التنبؤ بدل التحليل؟

كان بإمكان رامي مخلوف أن يستشرف مستقبل سوريا بأسلوب المحلل السياسي، فالنظام السوري في أسوأ حالاته، وتردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية في مناطق النظام ينذر بالانفجار الشعبي، وانتقال المطبلين للنظام إلى خطاب الشكوى من ثقل العقوبات وقانون قيصر يعتبر مؤشر ضعف ووهن يصل إلى مرحلة العجز، وهو ما يرسل إشارات سلبية للمواطنين تزيد من حدة احتقانهم وفقدانهم لأي أمل في الخلاص، خاصة وأن الاحتجاج بالعقوبات ينذر بمضاعفة المعاناة مع توارد الأخبار من واشنطن بقرب صدور قانون "الكبتاغون". من هنا، وفي ظل تخلي النظام السوري عن الخطاب الذي يدعي فيه عدم تأثير العقوبات عليه، توصل الكثيرون في الداخل إلى نتيجة مفادها: لا خلاص إلا بزوال هذا النظام. كان بإمكان رامي مخلوف أن يعتمد على هذه المعطيات ويضيف إليها الحالة المأزقية التي تهدد مستقبل حلفاء النظام السوري ليصل إلى نتيجة منطقية تفيد بأن البيئة الداخلية والبيئة الخارجية تتلبدان بغيوم التغيير. كان بإمكانه فعل ذلك، لكنه تصرف بما اعتاده كأحد رجالات السلطة في مخاطبة الناس كأنهم أطفال؛ مستغلاً جهلهم وميلهم الفطري للإيمان بالغيبيات. 

وضاعة أم غباء؟

يستخدم هذا النوع من التلاعب بمشاعر الناس كجرعة تخدير من قبل أصحاب السلطة غالباً، وهو ما دفع البعض، وهم محقون، لاعتبار ما قاله رامي مخلوف يحمل في طياته محاولة لتهدئة الشارع المحتقن. وهذا إن صح؛ فهو دليل على أن تسوية ما قد حصلت، أو أنه محاولة لاسترضاء السلطة على أمل العودة. رغم ذلك، فالمنشور يبقى حمال أوجه، إذ يمكن وضعه في سياق خطابه السابق الذي سخره لمهاجمة السلطات السورية، فالمفاجأة المدوية قد تفسر باغتيال رأس السلطة، أو بحدوث انقلاب، أو بما يشبه ذلك، ويمكن تفسير مطالبة الناس بالصبر والابتعاد عن الفوضى والعبث باستقرار البلد بأنه محاولة للظهور بمظهر الإنسان الوطني الذي يغار على بلده. رغم ذلك، فاختيار شخصية المنجم إن كان نتيجة صفقة مع النظام أو كان من أجل العودة فهو دليل وضاعة قل نظيرها، وإن في سياق مناكفة النظام فهو دليل غباء قل نظيره.

ليس اعتماداً على ما يسمى زوراً بعلم الأرقام، وإنما بناء على معطيات الساحات الداخلية والإقليمية والدولية، فالعام 2023 قد يشهد سقوطاً مدوياً لمحور الشر برمته، ضمن هذا السياق يمكن التنبؤ للنظام السوري كأضعف حلقة من حلقات محور الشر.

التعليقات (6)

    خبير

    ·منذ سنة 3 أشهر
    فرق كبير بين من يسمى ب الحرامي وبين من يسمى ب تاجر ؟ .. رامي مخلوف الحرامي بكل ما في الكلمة من معنى .

    خبير

    ·منذ سنة 3 أشهر
    فرق كبير بين من يسمى ب الحرامي وبين من يسمى ب تاجر ؟ .. رامي مخلوف الحرامي بكل ما في الكلمة من معنى .

    الله يسمع منك

    ·منذ سنة 3 أشهر
    .... بدون رأي إسرائيل و أمريكا....لا تغير

    عبد الغني محمود

    ·منذ سنة 3 أشهر
    ويمكن غيران من مايك فغالي. وبالنسبة للوضاعة والغباء فهي صفات مؤكدة في رامي مشلوف....

    محمد

    ·منذ سنة 3 أشهر
    دائما يكون للأستاز مصطفى قراءة مختلفة للمواضيع والأحداث بالتوفيق

    Dr. Mohammed Said

    ·منذ سنة 3 أشهر
    Good article Mr. Mustafa. But it becomes evident is that Rami controlled 70% of Syrian economy and no one believes that he is extremely stupid.
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات