واشنطن تتحدى موسكو بالـ "باتريوت"

واشنطن تتحدى موسكو بالـ "باتريوت"

مثقل بهموم بلد مدمر يصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن بأول زيارة له خارج عاصمته كييف منذ إعلان روسيا الحرب على بلاده, كييف التي تعيش بلا كهرباء ولا ماء وانقطاع معظم الخدمات بعد الهجوم الصاروخي الأخير الذي وجهته آلة الحرب البوتينية عبر إطلاق ما يزيد عن 60 صاروخاً نوعياً وشديدَ الانفجار أُطلقت من قاذفات روسية إستراتيجية, إضافة لاستخدام سفن ومدمرات من أساطيل روسيا في البحرين الأسود وقزوين التي أطلقت صواريخ من نوع "كاليبر" المدمرة, القصف الروسي الذي يعتبر تحولاً عسكرياً إستراتيجياً بمسار الحرب المندلعة هناك منذ ما يقارب عشرة أشهر, واستهدف القصف بشكل أساسي البنى التحتية للعاصمة الأوكرانية والضواحي المحيطة بها, ولم تسلم من الهجوم مدن خاركيف وزابورجيا وميكولاييف وأوديسا وخيرسون, أي إن القصف الذي وصفه الاتحاد الأوروبي بأنه قصف إرهابي عشوائي مارسته موسكو, تسبب بانفجارات ضخمة ليس بالعاصمة فقط بل بمعظم مدن شرق البلاد وجنوبها وتسبب بأضرار جسيمة بالبنى التحتية للطاقة مع انقطاع الكهرباء عن كامل مدينة خاركيف.

القصف الروسي كان رسالة بوتين الذي يعاني من ضغوط شعبية داخلية شديدة رافضة لكل تفاصيل الحرب على أوكرانيا, خاصة بعد أن بدأت العقوبات الغربية تُؤتي أُكلها عبر انعكاسها على الاقتصاد والمواطن الروسي, وخوف بوتين من حرب استنزاف طويلة الأمد تستجر معها ما تبقى من احتياطات مادية وعسكرية باتت تُقلق الكرملين, والهجوم الصاروخي الأخير أراده بوتين رسالة للغرب تقول: يمكنكم تزويد أوكرانيا بأسلحة ومعدات ومنظومات عسكرية, لكن لا يمكنكم تعويضها عن فقدانها البنية التحتية والخدمات, لكن مهما تكن مفاعيل وتأثيرات تلك الرسالة على أوكرانيا وعلى الغرب فهي لا تلغي الخطأ الجسيم الذي وقعت به القيادة العسكرية الروسية ومن أعلى المستويات عندما استهترت وهمشت دور الدعم الغربي للجيش الأوكراني الذي قلب الموازين العسكرية وفتح الطريق للجيش الأوكراني لتحقيق انتصارات مذلة للجيش الروسي ارتسمت ملامحها بشكل جلي في معارك خاركيف وخيرسون, وأجبرت وريث الجيش الأحمر على انسحاب عشوائي من محيط خاركيف تاركاً آلاف العربات والمنظومات العسكرية والمستودعات كغنائم للجيش الأوكراني عدا خسائره البشرية, ولعدم تكرار هذا السيناريو في مدينة خيرسون انسحب الجيش الروسي للضفة الشرقية من نهر دينيبرو تاركاً المدينة التي لم يجف حبر ضمها للاتحاد الروسي محررة بيد الجيش الأوكراني.

روسيا التي ما فتئت آلتها الإعلامية القول إنها لا تحارب أوكرانيا بل تحارب حلف الناتو لتبرير الهزائم المتتالية لجيشها الغازي أو لتبرير الإخفاقات بتحقيق أهداف بوتين المعلنة, مع أن موسكو تُدرك تماماً أنها هزمت جيشها بنفسها عندما ركنت لتقارير قادتها العسكريين والسياسيين التي حملت لبوتين وعوداً وردية بانتصار سريع قد لا تتجاوز أيامه أسابيع قليلة لا تزيد عن الشهر أو الشهرين, وباعتبار أن ميادين القتال لا تعكس إلا الحقيقة, فقد تكشف لبوتين مدى فساد جيشه, وفشل وحداته, وسرقات قادته, وضعف إمداداته اللوجستية, وتفكك منظومات قيادته, وغياب إرادة القتال لدى جنوده, وبدل أن يتلافى تلك الأخطاء بوقف حربه العبثية والانسحاب خطوة للخلف لإعادة ترتيب جيشه, وتصحيح الأخطاء الكارثية المكتشفة, تابع بوتين بعقلية رجل الاستخبارات التي تبحث عن الهدف دون الخوض بتفاصيل الأثمان التي يمكن أن تقدم للحصول عليه, فضحى بسمعة الجيش الروسي, وبخسائر فادحة بالعناصر والعتاد والاقتصاد الروسي ليحافظ على هيبته التي اهتزت أمام اصغر مواطن روسي وأمام كل العالم.

يقول قائد القوى الجوية والدفاع الجوي في أوكرانيا, صحيح أننا نتعرض لخسائر, وصحيح أن جيشنا كان يعاني من بعض الفساد, لكن عقب احتلال الروس لشبه جزيرة القرم قمنا بإعادة هيكلة الجيش وصححنا عقيدة الجيش, وبدأنا التدريب بطرق جديدة, وكانت لنصائح جنرالات حلفائنا في الولايات المتحدة الأمريكية دور فعال في رسم إستراتيجية المواجهة مع الروس بحربنا الحالية, ويتابع في بداية الحرب كنا نسقط من 40 إلى 50% من الصواريخ والطائرات الروسية التي كانت تقصف مدننا وجيشنا, واليوم بتنا نسقط ما يزيد عن 80%, لكن غياب الإمدادات العسكرية ووقف الدعم الغربي سيؤدي ليس فقط لتهديد جيشنا بخسائر, بل سيؤدي لملايين جديدة من اللاجئين باتجاه أوروبا, بتحريض أوكراني واضح للغرب على استمرار الدعم العسكري للجيش الأوكراني, وعلى استمرار تدريب الأطقم الجديدة على الأسلحة الجديدة التي يتم رفد الجيش الأوكراني بها.

مع وصول الرئيس الأوكراني لواشنطن كانت هناك هدية تنتظره من القيادة الأمريكية وهي منظومة الدفاع الجوي "باتريوت", تلك المنظومة التي ترعب الروسي وتهدد ليس صواريخهم الباليستية فحسب بل حتى أحدث طائراتهم المغيرة على أهداف أوكرانية وكذلك طائراتهم المسيرة, لقدرة منظومة "باتريوت" على تدمير كامل الأهداف المعادية ضمن شعاع 100كم, وهي منظومة أساسية بدفاعات حلف الناتو اليوم, وتعتبر أدق بعملها من منظومة إس_300 الروسية التي يمتلكها الأوكران كإرث من الاتحاد السوفيتي المنحل, لكن محدودية مجال عملها جغرافياً يستدعي أعداداً كبيرة من البطاريات لتغطية كامل الأراضي الأوكرانية, أيضاً وبرغم أن طاقم البطارية لا يتعدى ثلاثة أشخاص, إلا أنها تتطلب دورات تدريب مكثفة ومستعجلة وسريعة للزج بهم بالحرب التي تحاول موسكو حسمها خلال هذا الشتاء.
من المؤكد أن المنظومة قد تشكل تغيّراً وانقلاباً بموازين القوى العسكرية لأدوات الحرب الروسية على الأرض الأوكرانية, لكن هذا لا يعني أن الروس سيقفون مكتوفي الأيدي, وقد يزجون بأسلحة جديدة أو على الأقل تفعيل استهداف تلك المنظومات ومحاولة تدميرها, وهذا يعني استمرار حرب الاستنزاف التي يخشاها بوتين, وتعني أيضاً أن الغرب ما زال مصرّاً على إحراج آلة الحرب الروسية إن لم يكن إذلالها.
  

التعليقات (2)

    فواز

    ·منذ سنة 3 أشهر
    أتخيل لو أن أحد المحللين كتب مقارنة ما بين زيلنسكي وبشار، ستكون النتيجة هزلية الى ابعد حد!!

    🇺🇦✌🇺🇦✌

    ·منذ سنة 3 أشهر
    اللعنة على بوط ين.... وريث إيفان الرهيب.... حضارة الدعارة و صناعةالسلاح البائس داعمي الفساد و الاستبداد....
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات