"تعرضتُ لشتى أنواع التعذيب، من شبْحٍ وضربٍ وصعقٍ بالكهرباء" تقول سلمى، وهي تستذكرُ معاناتها، كونها إحدى الناجيات من سجون نظام أسد، فلم تستسلم للواقع، وتابعت نشاطها في الدفاع عن قضايا المعتقلات والناجيات، ومناصرتهن وتمكين الناجيات في مختلف المجالات.
سلمى. س (ثلاثينية من مدينة دمشق)، شاركت في بداية أحداث الثورة في دمشق من خلال التنسيق للمظاهرات في أحياء برزة، القابون، نهر عيشة، دوما والمزة، وتأمين العائلات النازحة إلى المدينة من الأرياف المجاورة.
بعد أن سيطر نظام أسد على مناطق خاضعة لسيطرة فصائل (الجيش الحر) في أرياف وأحياء دمشق في 2012، انتقلت سلمى للعمل الإغاثي بشكل سري، ليتم اكتشافها لاحقاً ومنعها من دخول العاصمة دمشق، لتنتقل للعيش في منطقة القلمون شمال غرب دمشق.
تقول سلمى التي تشغل مديرة تجمع الناجيات في شمال سوريا لموقع أورينت نت: "أُصبت بوعكةٍ صحية، وبعد عدة تواصلات مع أهلي وأقاربي في دمشق، تم السماح لي بدخول العاصمة ولقاء أهلي، وأثناء تفتيش عنصر الحاجز لحقيبتي الشخصية، وجد ورقة من بين الأوراق الإغاثية التي أعمل عليها، وتم تفتيش هاتفي الذي كان كفيلاً باعتقالي".
وتابعتْ، "تنقلتُ بين معتقلات تابعة لميليشيات الحرس الجمهوري، والأمن السياسي وحتى وصلت سجن عدرا، وبعد أقل من سنة خرجت بإخلاء سبيل من خلال مساعدة بعض الأصدقاء للعائلة، تعرضتُ فيها لأنواع من التعذيب من شبحٍ وضربٍ وكهرباء، ومازالتْ آثار ضربةٍ على رأسي موجودة، وضربةٍ على ظهري سببتْ لي أزمةً تنفسية ما زالت ترافقني إلى الآن".
تقطنُ سلمى في مدينة ادلب، وتعمل مع عددٍ من الناجيات على توحيد كلمة الناجيات في الشمال من أجل رفع أصواتهنّ لكافة الجهات المعنية من أجل تقديم المساعدة لهن، والمطالبة المستمرة بكشف مصير المعتقلات في سجون نظام أسد والإفراج عنهنّ، من خلال إقامة عدد من الورشات والفعاليات التي تساهم في مناصرة قضية المعتقلات والناجيات.
وسلمى من الناجيات القليلات اللواتي خرجنَ من سجون النظام، وتمكنّت من نقل صورة الواقع الذي تعيشه النساء المعتقلات في السجون، واللاتي يتعرضنّ لشتى أنواع التعذيب.
مؤتمر لدعم الناجيات
عقد تجمع الناجيات العامل في شمال غرب سوريا موتمراً للناجيات من سجون ميليشيا أسد، بهدف دعم وتمكين الناجيات والمطالبة بالنساء المعتقلات في سجون الميليشيا، تخلله عدد من الأنشطة والرسائل للمهتمين في الملف السوري وخصوصاً المعتقلين.
وعن أهداف المؤتمر وأنشطته تقول سلمى، إن المؤتمر حضره ناشطون حقوقيون ونشطاء من منظمات المجتمع المدني، وعددٌ كبير من الناجيات من مختلف مناطق الشمال السوري، سواء من إدلب، إعزاز، عفرين، الباب، ونسبة كبيرة منهنّ ممن هُجرن بالأساس من مختلف المناطق السورية إلى الشمال، وهنّ من الناجيات من سجون النظام، بسبب مشاركتهنّ في الثورة، أو بسبب وجود أقارب لهنّ شاركوا في الحراك ضد أسد ونظامه.
وأضافت، أن المؤتمر جاء ختاماً لحملة (الـ 16 يوم) لمناهضة العنف ضد المرأة والذي تخلله عددٌ من الأنشطة لتوجيه رسائل من الناجيات، بأن النساء تعرضن للعنف داخل وخارج المعتقل، فعددٌ كبير من الناجيات تخلى عنهنّ أقاربهنّ ولم يستطعنّ الوصول لأولادهنّ، بالإضافة لنظرة المجتمع السلبية تجاه الناجيات من السجون.
تخلل المؤتمر أنشطة تضمنت كتابة الناجيات رسائلهنّ ببصمة الإصبع أو الكف أو على قماشة، سيتم إرسالها إلى مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان في جنيف بسويسرا.
تعمل عدد من المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني على مساعدة وتمكين الناجيات، في المجال الاقتصادي ورفع الوعي السياسي وتقديم الدعم النفسي، من أجل مساعدتهنّ في الاندماج في المجتمع وتأمين فرص عمل لهنّ ليقمن بإعالة أسرهنّ وإكمال تحصيلهنّ العلمي.
واعتبرت الناشطة أن النساء اللواتي ما زلن داخل المعتقلات وكذلك الناجيات خارجها من حقهنّ أن ينلنَ حريتهنَ، ويعشنَ في مجتمع يحفظ لهنَ كرامتهنَ ويساندهنَ بدل أن يعاملهنّ بأنهنّ مذنبات ووصمة عار عليه.
وشدّدت على أن الهدف أيضاً هو "جمع الناجيات في مكان واحد لتوحيد الكلمة والرسالة ومساندة بعضهن لبعض، بهدف محاسبة كل من أساء للمعتقلات والناجيات، وما زال النظام يسيء لهنّ بحملات اعتقال جديدة، فمن حقنا محاسبتهم، ومن حقنا أن نحارب النظرة السلبية تجاه الناجية، وعدم استخدامها ورقة للاستفادة منها من منظمات وسياسيين وغيرهم، للخروج من مفهوم سلبي إلى مفهوم أنني كناحية اعتقلت بقضية عادلة وهذا شرف لي".
وبحسب آخر تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان الذي صدر مطلع الشهر الجاري، فإن كافة مراسيم العفو التي ادعى نظام أسد إقرارها، أفرجت عن 7351 معتقلاً تعسفياً، وما زال لدى ميليشيا أسد قرابة 135253 معتقلاً/ مختفياً قسرياً. حيث لا تفرج مراسيم العفو المزعومة إلا عن قدرٍ محدودٍ جداً من المعتقلين، في ظل عمليات اعتقال مستمرة من قبل ميليشيات أسد بمناطق سيطرته، ما يدحض مزاعم مراسيم العفو التي يحاول خداع المجتمع الدولي بها.
التعليقات (0)