لا أمن ولا اقتصاد.. سكان "نبع السلام" يفرون بالمئات نحو تركيا

لا أمن ولا اقتصاد.. سكان "نبع السلام" يفرون بالمئات نحو تركيا

خلال الأيام القليلة الماضية، نجحت أعداد كبيرة من السوريين باجتياز الحدود السورية - التركية باتجاه الداخل التركي، مُستغلين الأجواء الضبابية التي سادت المنطقة مؤخراً، في رأس العين وتل أبيض، أو ما تعرف بـ نبع السلام، الظروف الاقتصادية الصعبة التي تسود هذه المناطق، ألقت بظلالها على الواقع المعيشي للسكان فيها. 

وعن الموضوع، قال الصحفي عبد السلام الحسين لأورينت :"المنطقة شبه محاصرةٍ بالكُلية، وتحيط بها قسد من ثلاث جهات، وتعتمد باقتصادها على ما يأتي من تركيا، وتدخلها البضائع من هناك، ويستغل المتنفذون والتجار هذا الأمر، ويتحكمون بالأسعار، ما أدى إلى موجة غلاء كبيرة وخاصة الخبز، وغالبية شباب المنطقة بدون عمل، ومستويات البطالة كبيرة للغاية، وليس أمام السكان المحليين أية خيارات، الحركة الاقتصادية مشلولة تماماً، وأعداد كبيرة من الشباب يلجؤون للعمل بالتهريب، وقسمٌ آخر ينتسب لفصائل الجيش الوطني".

ويضيف الحسين: "رغم كل التصريحات من المسؤولين الأتراك حول إنعاش هذه المنطقة المُسماة "نبع السلام" وجعلها منطقة آمنة للسوريين، إلا أن الواقع شيء آخر تماماً، فهي غارقة بالفوضى الأمنية، بالذات مدينة رأس العين والتي تعجُّ بالعصابات المسلحة، كل هذا مع الظروف المعيشية الصعبة دفعت السوريين القاطنين فيها، إلى سلوك طرق التهريب والتوجّه نحو تركيا، وبالفعل هذا ما حصل خلال الأيام الثمانية الماضية تحديداً، حيث نجح المئات بعبور الحدود، المنطقة أساساً تُعتبر قبلة للراغبين بالهجرة، إلا أن هذه المرة غالبية المهاجرين منها كانوا من سكانها بالذات".

واقع أمني متردٍّ 

الوضع الأمني المُتردّي في مناطق نبع السلام جعلها تغرق بفوضى غير مسبوقة، وتجاوزات بعض الفصائل جعل من الحياة فيها أكثر صعوبة، آخر تلك الحوادث وقع قبل أيام وبالتحديد في الـ 10 من الشهر الجاري حينما قالت الشرطة العسكرية في رأس العين في بيان لها إنها حررت مواطناً سورياً كان مخطوفاً عند عصابة تمتهن التجارة بالمخدرات. 

وبحسب مصادر خاصة لأورينت فالعصابة التي خطفت المدني "هوڤيك خليل سركيسيان" من المكوّن المسيحي في رأس العين، يتزعمها شخص يُدعى "أبو محمد الموالي"، من عناصر ميليشيا الحمزات، وبعدها بيوم قالت شبكة "اتحاد شباب الحسكة" إنَ مكتب منظمة "الأمين" في مدينة ‎رأس العين تعرّض لعملية سرقة على يد مجموعة مسلحين يتبعون للجيش الوطني، حيث سُرقت عشرات الأجهزة والمعدات من المكتب الكائن في حي المحطة الشمالي بمدينة رأس العين، بعدها جاءت حادثة مقتل شاب من دير الزور يُدعى "عامر صالح الهايس"، بعد تعرضه لإطلاق نار منذ أيام في منزله في مدينة رأس العين، حيث أطلق مسلحون عليه النار بعد حمايته لشخص استجار به ودخل منزله.

وبشكلٍ دوري تُرحّل السلطات التركية أعداداً كبيرة من السوريين عبر بوابة تل أبيض، وحسب مصادر خاصة لأورينت من طاقم البوابة، تترواح أعداد الذين يتمّ ترحيلهم منها شهرياً من 50 - 100 سوري، لأسباب متنوعة لعل أبرزها، عدم حيازة بطاقة الحماية المؤقتة Kimlik، أو بسبب عدم تحديث البيانات، أو تورّط البعض بمشاكل داخل تركيا، مع ذلك فهجرة السوريين نحو الداخل التركي لا تتوقف أبداً.

ضحايا خلال محاولات العبور

وبسبب العدد الكبير لمحاولات الهجرة المتزايدة نحو تركيا، يسقط دورياً ضحايا من السوريين برصاص الجيش التركي، وفي الثالث من الشهر الجاري، قُتل الشاب "خضر حسين العلي" برصاص الجيش التركي على الحدود في منطقة رأس العين، بعد محاولتهِ عبور الجدار الحدودي وينحدر من دير الزور، حسب ما أفادت عدة شبكات محلية. 

التقت أورينت بــ "جلال" والذي يعمل بالتهريب في منطقة العزيزية برأس العين، والذي قال :" بسبب الإقبال الكبير على الهجرة مؤخراً في مناطق تل أبيض ورأس العين، يُخال إليك أنه لم يبقَ هناك أحد من السكان، سوى المجلس المحلي وعناصر الجيش الوطني، الغالبية تُهاجر من المنطقة بسبب صعوبة الحياة، فخلال الأسبوع الماضي نجحت أعداد كبيرة بالعبور مستغلين الضباب، والذي سهّل مرورهم، حتى أن المهربين باتوا يتنافسون بين بعضهم على من يستقطب أكثر من "الركاب"، والركاب مصطلح يتداوله المهربون بين بعضهم ويعني "الأشخاص الراغبين بالهجرة عبر التهريب"، لدرجة أن كلفة التهريب انخفضت لــ 400 دولار أمريكي فقط، بعد أن كانت 1500 دولار سابقاً".


الحركة الكبيرة لطالبي اللجوء السوريين قرب الحدود التركية، استدعت لتحركات الجيش التركي داخل الأراضي السورية في رأس العين وتل أبيض، وعن الموضوع قال الناشط محمد الخالد:" باتت دوريات الجيش التركي تراقب الحدود من داخل الأراضي السورية، حيث تنتشر دوريات حرس الحدود قرب الجدار من الاتجاهين، وأي شخص يقترب من الحدود يُعتبر هدفاً لهم، ويتعرض سوريون كثر للضرب المُبرح، ولإطلاق الرصاص أحياناً، ويساعد الأتراك عناصر من الشرطة العسكرية التابعة للمعارضة، والتي باتت تعتقل كل شخص يقبض عليه الأتراك، ويغرمونه مبلغاً مالياً يصل لــ 300 ليرة تركية، ويتضاعف المبلغ في حال قُبض على طالب اللجوء مرةً أخرى، في الحالتين يستفيد عناصر المعارضة من هجرة السوريين، فالمهربون بالغالب يعملون تحت إشراف قيادات من الجيش الوطني أساساً".

ولا تقتصرُ عمليات استهداف طالبي اللجوء السوريين في رحلتهم نحو تركيا، على الجيش التركي فقط، بل يتعرض القادمون من دير الزور والرقة لمنطقة "نبع السلام" للاستهداف من قبل ميليشيا قسد، بالذات قرب طريق M4 الفاصل بين سيطرة كلٍ من المعارضة وميليشيا قسد، وفي بداية الشهر الجاري وقرب طريق M4 اعتقلت ميليشيا قسد عائلة كاملة مكوّنة من (6) أشخاص أثناء محاولتهم الوصول لتل أبيض، قادمين من الرقة، وقبلها بتاريخ 30 من أيلول الماضي قُتل الشاب "لؤي عبد الرزاق السبتي"، برصاص ميليشيا قسد خلال محاولته العبور نحو مناطق سيطرة الجيش الوطني في مدينة ‎رأس العين وهو من أهالي بلدة ‎الزر شرق ‎دير الزور، حسب ما أفادت به عدة شبكات محلية. 

وحتى المُرحلون من تركيا لا يسلمون من ممارسات ميليشيا قسد، فبتاريخ الـ 13 من شهر تشرين الثاني الماضي اعتقلت الميليشيا (14) شخصاً من دير الزور من المُرحّلين من تركيا، بينهم نساء وأطفال، وذلك قرب طريق M4 بعد محاولتهم الوصول للرقة، حيث تم استهدافهم بشكل مباشر بالرصاص الحي، وأُصيبت سيدة في ساقها، وتم اعتقال المُهرّب وأُحرقت سيارته، علماً أن المرحّلين ينحدرون من مدينة الميادين ومن بلدة غرانيج شرق دير الزور، وقد قدموا من تل أبيض. 

أتراك متورّطون بالتهريب

ويضلع بعمليات التهريب في منطقة نبع السلام مواطنون أتراك كذلك ومنهم عسكريون، يمتهنون تهريب البشر والسلاح من سوريا نحو تركيا، وجميع المهرّبين في مناطق "نبع السلام" يعملون تحت مظلة وإشراف قيادات من الجيش الوطني، وأبرز مُهرّبي البشر هم عناصر من تلك الفصائل، وتمتهن تهريب كل شيء، وبتنسيق مع مافيات تركية، وبعض عناصر الجيش التركي، وفي الـ 13 من الشهر الجاري، أكد موقع Gazete Karinca التركي، أن السلطات التركية اعتقلت 14 شخصاً منهم ضباط شرطة أتراك وعناصر شرطة، يعملون بتهريب السلاح من مدينة تل أبيض السورية إلى تركيا، وباعوا السلاح المُهرّب عبر وسطاء في تركيا. 

التعليقات (1)

    Sami

    ·منذ سنة 4 أشهر
    تماما قبل أيام قليلة دخلوا اهلي إلى هناك مثلما ذكرتم..
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات