تمرّد جبل العرب يرعب نظام الأسد

تمرّد جبل العرب يرعب نظام الأسد

النداء الذي صدر عن مجموعة من السياسيين والناشطين بالداخل والخارج وفيه دعوة لجميع السوريين في مناطق الاحتلال الأسدي لإضراب عام واعتكاف بتاريخ 22 كانون الأول/ ديسمبر الحالي احتجاجاً على غياب الحلول وعلى الحالة المزرية التي وصل لها الاقتصاد وحالة أرزاق الناس ومعيشتهم التي تنذر بمصير مأساوي وكارثي على ملايين السوريين, مع ذل وفقر وجوع أرهق شرائح المجتمع السوري نتيجة غياب معظم مقومات الحياة وغياب كافة أشكال الخدمات للمواطن السوري.

دعوة الإضراب العام شملت ثلاثة قطاعات أساسية: المحلات والشركات التجارية, الجامعات والمدارس, والقطاع الحكومي باستثناء القطاع الصحي والطوارئ, ولسحب ذريعة المؤامرة من يد استخبارات الأسد، أكد أصحاب المبادرة أنهم لا يقبلون الدعم من أي دولة خارجية مهما كانت.

الدعوة لاقت أصداء إيجابية في كافة المناطق التي يسيطر عليها نظام أسد, خاصة أنها توجد منفذاً ومتنفساً للناس ليصرخوا ويعبّروا عن معاناتهم وأوجاعهم وهمومهم بعد أن كمّم النظام أفواههم ودفعهم للموت البطيء عبر إجراءات أمنية واقتصادية وعسكرية شلت المجتمع السوري ودفعت بأمراء الحرب وشبيحة النظام ليتصدّروا المشهد بعيداً عن أي اهتمام بحالة الناس ومعيشتهم.

في معلومات تناقلها بعض سكان اللاذقية من الطائفة العلوية أن هناك غليانأً داخل الطائفة التي أدركت متأخرة أنها كانت وقوداً لحرب ظالمة ضد باقي مكونات الشعب السوري، غايتها فقط إبقاء بشار الأسد على كرسي السلطة, والغضب الشعبي تفجّر في أحياء يغلب عليها طائفة النظام مثل أحياء الرمل الشمالي والحمام والمشروع العاشر ودعتور بسنادا الذي اصطبغت جدرانه بعبارات تهاجم رأس النظام وتطالبه بالرحيل على غرار ما حصل 2011 في درعا وبقية المحافظات السورية, وهذا الأمر مقلق للنظام إذا ما انفضّت من حوله الطائفة التي استثمر فيها لأكثر من عشر سنوات وقتل شبابها ورجالها خدمة لعائلة الأسد والمقربين منها بعد أن أوغل الحقد فيهم وأقنعهم بأن سقوطه من سدة السلطة يعني إبادة العلويين فصدقوه واليوم اكتشفوا كذبه وتضليله.

ولم يكد بشار الأسد يصحو من صفعة انفضاض الطائفة العلوية من حوله حتى تلقّى صفعة قوية أخرى من جبل العرب أحفاد البطل سلطان باشا الأطرش وهم يعلنون بساحاتهم العامة: الشعب يريد إسقاط النظام, بعد أن حطّموا أصنام الأسد الأب والابن وداسوا على صورهم وأحرقوها, والورقة "الدرزية" وورقة حماية الأقليات لطالما استثمر فيها بشار الأسد على أنه حاميها رغم أن الثورة نبّهت وأكدت منذ عام 2011 أن بشار الأسد يحتمي بالأقليات ولا يحميها, واليوم تتكشف تلك الأكذوبة مع قول مدير إدارة المخابرات الجوية في ميليشيا أسد اللواء غسان إسماعيل لأحد الزعماء الدروز "ليث البلعوس": "فعسنا بقلب 20 مليون سُنّي ومش عاجزين عنكن يا دروز", وتتكشف حقيقة هذا النظام مع الأبواق التي وظفتها استخبارات الأسد كنوع من "التنفيس" للحاضنة الشعبية أمثال شحادة إسماعيل رئيس بلدية القرداحة السابق والممثل المغمور بشار إبراهيم بعد أن تعرّت أوراق النظام من خلالهما ووصفهما أبطال جبل العرب بصفات لا تليق بالتاريخ الوطني لأهالي جبل العرب, وتعبّر عن الوضع المأزوم الذي يعيشه نظام الأسد والدائرة المحيطة به.

محاولات استخبارات الأسد والطبقة المقرّبة منه للملمة الزيت المسكوب عبر الإعلام وعبر اللقاءات الشخصية لم تعد تُجدي نفعاً مع شارع شعبي رُفعت الغشاوة عن عينيه وبات يرى ويلمس مدى إجرام هذا النظام وكيف وظّف بعض السوريين لقتل السوريين مقابل منافع تُصرف بالقصر الرئاسي وحسابات ببنوك خارجية ومقابل مشروع ولاية الفقيه.

الصفعة الثالثة في وجه النظام وغير المتوقعة جاءت من الولايات المتحدة الأمريكية التي اتخذت تشريعات جديدة تستهدف إنتاج وتصدير الكبتاغون لنظام الأسد في سوريا، وأوكلت الأمر لوزارة الدفاع الأمريكية لوضع الخطط المناسبة لوقف تهديدات المخدرات الأسدية, وقانون المخدرات الأمريكي بعد إقرار "قانون الكبتاغون" الأمريكي الذي يستهدف نظام الأسد وبشار الأسد بالتحديد وصفه خبير أمريكي بأنه قانون موجه ضد رأس النظام السوري ويعطي أمريكا حق ملاحقته وحتى تصفيته داخل سوريا أو خارجها كما حصل مع بابلو إسكوبار بارون المخدرات بالعالم, باعتبار أن مشروع القانون الذي تم رفعه إلى مجلس الشيوخ يعتبر بشار الأسد أول ممول ومروج ومصنع للمخدرات بالعالم وأنه خطر على الإنسانية.

أمام هذا الواقع تبرز قضية اعتكاف وتمرّد السوريين كضرورة ملحّة وفرصة أخيرة بات على السوريين الركون إليها للتخلص من واقع ونظام يقودهم مع أبنائهم للموت, فالاقتصاد في حالة انهيار والليرة السورية أصبحت خارج السيطرة بعد إفلاس البنك المركزي السوري, وعجلة الصناعة توقفت وطبقة رجال الأعمال وأصحاب المصانع باتوا يبحثون عن معبر للهروب من سوريا, ويبقى الشعب هو المهدّد الأول والأخير في قوته وحياته ومستقبل أطفاله.

فهل ينتفض الشعب السوري بكل مكوناته وطوائفه في وجه الأسد بعد سنوات من الظلم والفقر وانعدام الأمن في بلد باعه الأسد لإيران وحزب الله وروسيا؟ أم يعود الأسد لديدنه السابق بقتل وتهجير كل من يخرج عن سطوته وسيطرته وتضاف ملايين سورية جديدة للـ 14 مليون سوري الذين هجّرهم بشار الأسد منذ بداية الثورة؟؟

يقول المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا جويل رايبورن: يجب استيعاب حقيقة أن الأسد لا يمكن أن ينتصر، وأنه لن يستعيد قوته أبداً، وأن سوريا لن تكون مستقرة في ظل حكمه، وأن الشعب السوري لن يتوقف عن معارضته وعلى المجتمع الدولي تنفيذ "السياسات التي تدرك ذلك" و "أي شيء آخر غير واقعي".

تلك القناعة أمريكية وهي موجودة بمعظم الدول الغربية وعند كثير من العرب, لكن متى تدرك بعض المكونات السورية وأهمها الطائفة العلوية تلك الحقيقة؟؟ ومتى يعلم هؤلاء أن لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا, وأن مهمته الوظيفية في قتل البشر وتدمير سوريا قد نفذها بأمانة وأنه أزفت ساعة رحيله؟؟

 
 

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات