إمبولو الذي لا يعرفه بشار الأسد!

إمبولو الذي لا يعرفه بشار الأسد!

لحظة أنجب إمبولو هدف سويسرا الوحيد في مباراتها ضد الكاميرون خلال الدور الأول من المونديال الحالي، رفض أن يعانقه أحد، تجنّب النظر إلى العيون الملوّنة الفَرِحَة، واكتفى برفع يديه عاجزاً عن الشعور. لقد خسر بلده الأم أمام بلده الثاني، خسر الأصل أمام الجنسية الأوروبية، وتلك مباراةٌ ثانية خاضها إمبولو بمفرده، وجعلنا نحتار في تسميتها؟! في حين يتأهل بشار الأسد وفريقه الحاكم إلى الأدوار النهائية من تصفية سوريا، ويحقق نجاحات باهرة، الفوز تلو الفوز، لا خسارة، ولا تعادل هنا. الدمار الكلّي مقابل اللا شيء، وكان قد برع في بيع البلاد خلال الدور نصف النهائي من التصفية إلى أسياده في موسكو وطهران، مقابل تعزيز "الثيادة" الوطنية داخل زرائب القطعان الموالية، وتلك مباراةٌ ثانية خاضها بشار بمفرده، من دون أن يجعلنا نحتار في تسميتها هذه المرّة.

البلاد الميّتة قد تنجب غير الجثث!

بمقدور نزار الفرّا أن ينعى سوريا كيفما يشاء في برنامجه "أحوال الناس" على قناة "سما" التابعة للنظام، يفعل ذلك بمنطقٍ بكائي أصيل يصعب دحضه، كما بمقدور شادي سعد أبو عمار أن يظهر بسلاحه قبالة مبنى المحافظة في السويداء، شاتماً بشار وفريقه الحاكم، ناعياً أحوال الموتى داخل قبرهم الجماعي، داعياً من يستطيع النهوض منهم إلى دراسة مقرر الاحتجاج مجدداً، باعتباره الفصل الأول من منهاج الثورة الذي رسب به الدروز مراراً خلال العقد الماضي.

أيضاً بمقدور سوريا أن تسترسل في سماع سوناتا الموت يوماً بعد يوم، لا عملَ لديها سوى ذلك، لتصير البلاد الميّتة يوماً بعد يوم، وموتها المفجع ذاك يبدو عاجزاً عن إقناع بشار بضرورة استقالته ورحيله، فهو على أيّ حال ليس إمبولو ليشعر، فيتألم، فيرفض العناق.     

وحدها ندى داوود بإمكانها أن تشمَّ رائحة سوريا وأن تتذوق حقيقتها، قبل أن تزيل بيديها الصغيرتين النجمتين الخضراوين من علم نظامها. كانت أكثرنا شجاعةً وفضولاً لتخبرنا بأننا نعيش جميعاً حيث غرقت هي بالضبط، وحين انتشلوا جثتها من فوهةٍ للصرف الصحيّ في مدينة اللاذقية كان فريق بشار الحاكم يحلف بأنه لم يتلقَّ أي توريدات نفطية جديدة من حلفائه، ولن يتلقّى أيّاً منها لخمسين يوماً قادماً، وروايتهم تلك تحققت كما لو أنها نبوءةٌ متعجرفة، فتقلّصت الإرساليات الحكومية من المشتقات النفطية إلى أقل من الحدود الدنيا التي يقبلها المنطق والعقل، ووصل سعر ليتر البنزين إلى 17 ألف ليرة في سوق النظام السوداء، وغابت رسائل المحروقات عن شاشات هواتف من ينتظرها. المواصلات شُلّت في المدن والأرياف، ومعها معظم الخدمات الرئيسية، كلُّ هذا ولا حلولَ قد تغيث رأس النظام العبقري، أو أحداً من فريقه الحاكم، حتى إن الإكثار من صلوات الاستسقاء النفطي التي قد يطالبون الجموع الموالية بتأديتها كفرائضَ جديدة لتبديد الكسل المجتمعي، لم تعد أيضاً تقنع أحداً لاكتساب حسناتها، فبشار لا نيّة لديه للاستقالة، وعتْق رقاب العبيد الصامتين على حكمه، ولا حتى ترْك البلاد تلملم أشلاءها على مهل، علّها تتنفس الحياة بعد حين، وتنجو من هذه التهلكة الكبرى.

شتاء "البوعزيزي" المنتظر

قد يصير شادي سعد أبو عمار النسخة الدرزيّة من "البوعزيزي"، لكن ليس بالضرورة أن يصير السوريون الموالون كالتونسيين الذين افتتحوا ربيع الثورات العربية قبل زهاء عقد من الزمن، وإن توقفنا قليلاً عن التشكيك بأن عمرو سالم وزير تجارة النظام وحماية مستهلكه، هو مجرد "كومبارس" هارب من كواليس مسلسل "العبابيد"، سنعرف حينها سبب بقاء السوريين الموالين صامتين على هذا النحو المجافي للفطرة الآدمية البسيطة، إذ يبدو مستهجناً سبب تحملّهم كل هذا الذل الباهظ الكلفة، وأيُّ فائدةٍ يجنونها من ملاقاة ذلّهم الباذخ ذاك كلّ صباح؟! ربما يخفي السوريون الموالون سرّاً ما عن هذا العالم الغبي الكثير الشك بسلبيتهم المفرطة! أو تراهم ربما أحبوا دورهم في لعبة الجلاد والضحية، فأتقنوه لدرجةٍ يصعب عليهم تخيّلُ دورٍ آخر يليق بهم سوى دور الضحية الأصيلة، وجلادهم سعيدٌ بهم، وهو الذي يعلم بأن لا حلَّ سياسياً بوجوده، لكنه لا يأبه لكل عذابات السوريين المترتّبة على بقائه صعب الهضم، وربما تراه قد شمت بالمنتخب الألماني حين خرج من الدور الأول لتصفيات مونديال قطر، وألمانيا تستقبل لديها أكثر من أربعة ملايين سوري من ذوي الحظوظ الوافرة الذين نجوا من جحيمه الأحمق، قد يتثاءب ضجراً على مائدة العشاء هذا المساء، ويسأل عن اسم الشاب الدرزي الذي شتمه أمام مبنى المحافظة، ومن أي برج فلكي يكون، وأي منتخب يشجّع في نهائي كأس العالم، لكنه لا يعرف حقاً بماذا شعر إمبولو لحظة رفع يديه، ونظر إلى عشب الملعب مطولاً، فالذي باع بلده وشعبه، لن يشعر بشيء على الإطلاق. 

التعليقات (1)

    ألحق العلوي يدلك

    ·منذ سنة 4 أشهر
    ألحق العلوي يدلك على الخراب ... هذا ماحل ب سوريا الحضارة عندما حكمها العلويين !!! حولوا اعرق حضارة الى مزبلة ممزقة !! قبل سرقة العلويين للحكم كان الدولار ب ليرة واليوم الدولار ب 6000 ليرة هؤلاء هم العلوين اينما حلو حل الخراب والفقر والجوع .. العلوي لايفقه شي سوى السرقة والنهب والسلب وشرب المته والعرق .... في ايران واليمن والعراق واليمن و سوريا جميع هذه دول تتحكم بها عصابة شيعية متخلفة شعارها تحرير فلسطين ومحاربة الامبرالية وفي الواقع اهدافها نهب وسلب وتجويع وافقار وتهجير الشعوب ...لابد من ثورة للتخلص من هذه العصابة المافايوية النجسة
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات