حرب القيم في مونديال كرة القدم

حرب القيم في مونديال كرة القدم

لعله من البديهي أن يخطر ببال أي شخصٍ كان شرقياً أو غربياً.. جوابٌ مباشرٌ واضحٌ فيما لو سُئِل عن الفرق بين الشرق العربي الإسلامي والغرب الأوروبي المسيحي، فسيقول عن الأول متخلف وعن الثاني متطوّر، وفي هذه الإجابة يختصر الكثير من التفاصيل التي تندرج تحت كلٍّ من هاتين الصفتين أي متخلف ـ متطور.

ولا شكّ أن كثيراً من هذه التفاصيل صحيح تثبته المعاينة المباشرة لكلا المجتمعين، خاصة إذا نظرنا إلى الموضوع من ناحية التطور العلمي بكل جزئياته، فالغرب من هذا المنظور يغزو العالم بيتاً بيتاً، بل غزا الفضاء أيضاً، وهذه نقطة تحسب له؛ ذلك لأنه أي الغرب ثابر واجتهد ولم يركن إلى الكسل والخمول، فكانت نتيجة هذه المثابرة ما نراه من تطور هائل على كل المستويات.

أضف إلى ذلك مجموعة القيم الإنسانية التي تبناها الغرب وراح ينشرها في مجتمعاته مثل حرية التعبير والاعتقاد والعبادة والتوجّه السياسي وسوى ذلك من قيم ومبادئ حُرم منها الشرق العربي بسبب الاستبداد الممارس من قبل الحاكم العربي.

ولهذه الصفات أعلاه التي اتصف بها الغرب كانت وجهةَ المطارَدين من أبناء الشرق العربي، فهو الملجأ الذي لاذوا به من سطوة الحاكم وظلمه واستبداده، وكان لهم الملاذ الآمن يمارسون فيه حياتهم بكل حرية بعيداً عن ساطور الملك أو الرئيس وزبانيته من أجهزة الأمن.

ومع النظر إلى هذه الحال التي اتصف بها الغرب بالنظرة الإيجابية، فإنّ المنطق أيضاً يقول إن هوس هؤلاء بالحريات وبالمبادئ التي آمنوا بها، قد جعل البعض منهم يتجاوز الحدود المقبولة إنسانياً ودينيّاً، بحيث خالفوا الفطرة السليمة التي فطر الله بها عباده على اختلافهم، ومن ذلك تقنينهم للمثلية واعتبارها حقّاً إنسانياً لهؤلاء المرضى رغم ما يخلّفه ذلك من أوبئة وأمراض تصيب المجتمع، وهذا يُعدُّ نكوصاً نحو الهاوية.

كل ذلك يقودنا إلى مسألة هامة جداً، وهي أن هذه الدول هي حرةٌ فيما ترى وتذهب إليه ما دام الأمر محصوراً بحدودها ومتعلّقاً بسيادتها الوطنية على أراضيها وشعوبها، لكن عندما يتعدى هذا الأمر حدود الدول المعنية ومحاولة فرضه على الغير بكل الوسائل، فهذا هو المرفوض وغير المقبول، فالغرب رغم تقدّمه العلمي الهائل ورغم نشره لمبادئ الحرية والمساواة والعدل، إلا أنه لم يتخلّص من لوثة القوة وجبروتها وممارستها على الضعفاء، وهذا الشعور من مخلّفات الاستعمار الذي مارسه وما زال يمارسه بشكل غير مباشر على الشعوب الضعيفة.

ولعلّ آخر ما ظهرت به هذه اللوثة هو ما حصل في مونديال قطر لكأس العالم، حيث حاولت بعض الفرق تجاوز قيم ومبادئ الدولة المضيفة متعدّين بذلك تعدّياً صارخاً على مبادئ الآخرين ودينهم، وعلى أرضهم.

إن ما حدث في قطر وما زال يحدث خلال المونديال يعبر بشكل صريح عن صراع أو صدام الحضارات الذي تحدث عنه الكاتب والبروفسور الأمريكي صامويل فيليبس هنتنجتون، حيث تبلور الصراع وتباينت المواقف، فالأولى (الأوروبية) قوية من كل النواحي وتريد فرض قيمهما على كل البشر دون استثناء، والثانية (الإسلامية) ضعيفة مستعمرَة لكنها تقف صامدة بقوة للدفاع عن قيمها ومبادئها، وقد تجلى ذلك من خلال محاولة بعض الفرق الغربية الترويج للمثلية الجنسية ضاربين بعرض الحائط قيم ومبادئ البلد المضيف الذي لم يوفر جهداً إلا قام به للوقوف في وجه هذه الهجمة الشرسة والدفاع عن قيم ومبادئ الشرق العربي وقيمه وإسلامه.

ولعلّ ما قامت به بعض هذه الفرق يتجاوز حدود اللياقة التي يجب أن يتمتّع بها الغرب الأوروبي قبل غيره نظراً لشعاراته التي يؤمن بها ويطبّقها في حدود دوله، فهو ينظر إلى الأمور من وجهة نظره على أنها مسلّمٌ بها، ويجب على العالم أن يطيع ويتبع، وإلا اتُّهم بالتخلف والعنصرية والتنمّر على غيره من بني الإنسان، وفي هذا ما يثبت قصر هذه النظرة رغم التقدم والتطور الذي يتمتّع به.

إنّ من البديهي والمسلّم به أن لكل أمة وكل شعب وكل دولة قيمها الخاصة بها التي تفرضها ضمن حدودها فقط، ولا يحقّ لها أن تفرضها خارج هذه الحدود، وعليه فإنّه لا يجوز للزائر أو السائح أن يتجاوز هذه القيم والقوانين، وعليه أن يحترمها ما دام ضمن حدود هذه الدولة، وهذا ما يطبّق تماماً في تلك الدول نفسها التي تحاول التجاوز والتعدي على قيم ومبادئ الدولة المضيفة لكأس العالم وهي قطر، أهي غطرسة القوة والتبجّح بها هو ما دفع هؤلاء إلى التجاوز والتعدّي؟ أعتقد أن لا إجابة على هذا السؤال سوى ذلك، فهو منطق القوة إذاً لا سواه.

إن وقوف دولة قطر على صغر حجمها في وجه الغطرسة من بعض الدول الغربية التي تريد فرض هذه القيم رغم مخالفتها لما يؤمن به العرب والمسلمون، يعبّر بشكل جلي عن صراع أو صدام الحضارات هذا، وهذا الصراع سيبقى ما دام النهار والليل يتعاقبان.

ولعلّ هذا يقودنا إلى سؤالٍ هام جداً، وهو ما الذي يجب على العرب والمسلمين عموماً رغم ضعفهم أن يقوموا به حتى يواجهوا هذا الغزو الثقافي الذي تتبنّاه الحضارة الغربية المسيطرة على العالم الآن وتحاول فرض قيمها وما تؤمن به على الآخرين؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!

التعليقات (3)

    H.K

    ·منذ سنة 4 أشهر
    نعم الاوروبيون هم اقوياء ولنقل كانوا فعلاً اقوياء ولكن الان ليس الاوربيين وحدهم اقوياء فهناك اليابان وكوريا وما بالك الصين وحتى العرب لم يعودوا اولئك الضعفاء الذين كانت ارضهم مستباحة من الشرق الى الغرب. الان كله تغير فانا اعيش في دولة اوروبية منذ الكثر من اربعين عاماً وانا اشهد على تراجعهم من كل النواحي العلمية والاقتصادية والاخلاقية وهم يعلمون ذلك حق العلم فلهذا عنجهيتهم الان ما هي الا شهادة على ضعفهم وتقهقرهم فيا اخي الكريم كاتب هذا المقال انا لا اوفقك الرأي على ان الغرب لا يزال يتمتع بالقوة والتقدم على الاخرين فهذا كان في الماضي ولن يعود. نحن العرب الان بالرغم من كل شيءٍ سنعود وسنعود عن قريب ان شاء الله شامخين كالجبال حاملين راية العلم والاخلاق

    تلحسو ط....ي

    ·منذ سنة 4 أشهر
    لك كلو مجرد طابة و كرة قدم ..حاج تهولو وتضخمو الامور العرب بضلو جرب و الدول الاسلامية بتبقى اكتر دول متخلفة بالكون ...تلحسو ط...ي

    طارق

    ·منذ سنة 4 أشهر
    ما عند الغرب هو تقدم علمي فقط، ولكنهم متخلفين في الدين والأخلاق و العلاقات الأسرية والحياة الاجتماعية. ويجب على المسلمين نشر دينهم وتعليمهم الإسلام، وإعادة أمجاد المسلمين
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات