فيسبوك وتلغرام قشة نجاة للصناعيين في حلب

فيسبوك وتلغرام قشة نجاة للصناعيين في حلب

ساهم رواج التجارة الإلكترونية بخلق سوق تصريف جديد للألبسة في مناطق سيطرة نظام أسد، ما انعكس بشكل إيجابي على تنشيط الكثير من الورش الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى خلق فرص عمل جديدة للإفلات من الظروف الاقتصادية التي تخنق الشباب، فضلاً عن مميزات أخرى تتيحها عمليات البيع عبر الإنترنت.

ومع تضرر قطاع صناعة وتجارة الألبسة الجاهزة في سوريا جراء حالة الركود التي تعيشها السوق المحلية وتراجع صادرات القطاع، لجأ كثير من الصناعيين والتجار إلى المتاجر الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي لتسويق بضائعهم محلياً وخارجياً، لتعويض انخفاض الطلب محلياً وشح عقود العمل الخارجية التي كانت توفرها الشركات الكبرى.

التسويق الإلكتروني محرك للورش

"أبو عبدو" صاحب ورشة لصناعة ألبسة الأطفال في مدينة حلب، أكد خلال حيث لأورينت نت أن التجارة والتسويق الالكتروني، باتت تنافس التجارة التقليدية في سوريا حالياً، لما تقدمه من تسهيلات في التواصل بين المنتج وتجار التجزئة بشكل مباشر دون وسيط.

ويقول أبو عبدو: بعد فترة طويلة من توقف ورشتي عن العمل، قررت بدء مشروعي الخاص الذي يعتمد كلياً على التجارة الإلكترونية، حيث بدأت العمل على تفصيل أكثر أنواع ألبسة الأطفال "الدارجة موضتها والمنخفضة السعر" وقمت بعرضها في مجموعات الفيس بوك السورية والعربية، وخاصة العراقية والأردنية المختصة بالألبسة.

ويضيف أبو عبدو أن تلك الطلبيات كان لها الفضل بعودة الحياة إلى ورشته التي باتت تعتمد كلياً على الطلبات الخارجية ولا سيما من قبل تجار ألبسة عراقيين تعرّف إليهم من خلال مجموعات الفيس بوك وتلغرام، مشيراً إلى أن تلك الطلبيات تساعد في توفير فرص عمل لأكثر من عشرة أشخاص وتؤمن نسبة أرباح جيدة.

وساهم التسويق الإلكتروني في تحريك نسبي لقطاع صناعة وتجارة الألبسة السورية، وإعادته إلى قائمة المفضلات للتجار العرب، وخصوصاً العراقيين المنتشرين بكثرة في سوريا بحسب صاحب الورشة الذي يؤكد كذلك على أن الصناعة السورية لا تزال تحافظ على سمعتها الجيدة، إلا أن ارتفاع أسعار التصنيع التي تتضخم بسبب التجار والمسوقين قد أثر على التصريف.

استغلال الظروف المحيطة

بدوره يتفق "أبو محمد" صاحب مصنع صغير لألبسة "التريكو" في حلب مع الشهادة السابقة، ويؤكد أن التجارة الجديدة توفر مميزات التسويق الموسع، "حيث يتيح الإنترنت تقديم الإنتاج أمام الملايين في السوق المحلية والخارجية دون الحاجة إلى تحمّل مشقة المشاركة في المعارض والتعاون مع الشركات أو انتظار الوسطاء وتجار التجزئة".

لكن ورغم رواج التجارة الإلكترونية، إلا أن "أبو محمد" يؤكد على أنه مصدر غير نظيف كلياً ومجال مفتوح للغش والاحتيال، مضيفاً: معظم التجار العرب يأتون إلى سوريا بغرض السياحة والتجارة في وقت واحد، ومنهم التجار الذين أتعاون معهم، حيث يطلبون مني السفر إلى دمشق لمقابلتهم وتسليمهم طلباتهم هناك، وهي فرصة لمعاينتهم البضاعة والتأكد من تطابقها مع المواصفات المتفق عليها.

ويشير إلى سبب آخر ساهم في نشاط تجارة الألبسة السورية، يتمثل في ارتفاع أسعار الألبسة التركية ما أدى لعودة العديد من التجار العرب إلى السوق السورية، حيث ارتفع الطلب على البضائع بشكل لافت بسبب تقارب أسعارها ووجود بضائع أرخص بكثير من مثيلتها التركية.

بيئة تنافسية

ويواجه المسوّقون والباعة عبر الإنترنت صعوبات ومعوّقات كثيرة زادتها قرارات حكومة نظام أسد، بمنع التجارة الإلكترونية دون الحصول على السجل التجاري الذي فرضته وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك منذ العام 2021 الماضي.

لكن ماجد الذي يدير مجموعتين على موقع فيسبوك لتجارة الألبسة والإكسسوارات، أشار إلى أن معظم المسوقين والتجار على الإنترنت لا يملكون سجلاً تجارياً وغير ملتزمين بالقوانين التي حددتها الوزارة فيما يخص العمل عبر الإنترنت.

ويقول: يعتبر موقع فيسبوك سوقاً ضخماً بلا إيجار ولا ضرائب وما يلحقها من وسائل العرض المتبعة على أرض الواقع، حيث يمكن للجميع الدخول فيه وتقديم بضائعهم دون الحاجة حتى إلى مغادرة منازلهم، أو امتلاكهم خبرة التعامل مع الزبائن والتجار.

بينما تتمثل الصعوبات التي يواجهها أصحاب المجموعات التجارية ومديروها "بضرورة تتبع صفحات المسوّقين لملاحقة المحتالين وضبط عمل المجموعة لضمان أمنها"، بحسب ماجد.

ويشير إلى أن فرص العمل التي توفرها هذه المجموعات لا تقتصر فقط على تجار الألبسة، بل تشمل أيضاً شركات الشحن الداخلي والخارجي التي انتعش عملها مع نشاط التجارة الإلكترونية، إضافة إلى شركات التوصيل الداخلي.

فرص عمل للجميع

من ناحيتها كشفت ريما التي تعمل في مجال الألبسة، أن الترويج للبضائع عبر مجموعات الفيس بوك وتليغرام قد أتاح لها دخلاً مادياً يساعدها على تحمل نفقاتها المعيشية ومساعدة أسرتها التي تعاني ظروفاً معيشية صعبة.

وتقول: يكفي أن تكون عضواً في عدد من مجموعات فيسبوك حتى تروّج لبضاعتك دون الحاجة إلى دكان وتحمل تكاليفه أو حتى العمل كأجير في أحد المحلات، فالتجارة الجديدة تقدم لك أرباحاً صافية رغم قلتها.

وعن طريقة عملها توضح ريما، أن "الأمر مبني على طريقتين، الأولى تتمثل بالاتفاق مع أصحاب الورش أو التجار على نشر بضائعهم ومتابعة التعليقات وتقديم الزبائن مقابل نسبة من الأرباح بحسب سعر كل قطعة، أو شراء الكميات بحسب التصريف، بمعنى عرض البضاعة والحصول على الطلبية من صاحبها الأصلي وبيعها للزبون الذي يشتريها من خلالي".

آثار سلبية

ورغم الآثار الإيجابية التي حملتها التجارة الإلكترونية، إلا أنها حملت آثاراً سلبية لحقت بأصحاب المحال والتجار التقليديين، الذين يشكون سحب صفحات التسويق الإلكتروني الكثير من الزبائن منهم، مستغلين فارق الأسعار.

ويقول "أبو سليم" صاحب محل لبيع ألبسة الرجال في منطقة العزيزية المشهورة بكثرة متاجرها في حلب، إن صراع التسويق الحالي يصب في صالح التجارة الجديدة، بسبب الضرائب والإيجارات وأجور العمال وغيرها من الفواتير المفروضة على أصحاب المحلات، وهي تكاليف تزيد من سعر القطعة.

ويشير إلى أن بعض أصحاب المحلات وهو أحدهم، قد بدؤوا يستعينون بمواقع التواصل الاجتماعي لعرض بضائعهم، وذلك من خلال إنشاء صفحات خاصة تحمل اسم محالهم لدخول صراع التسوق ومحاولة إعادة الزبائن إلى محالهم.

فيما يؤكد كثير من الصناعيين الذين تواصلت أورينت معهم على أن التجارة الإلكترونية لا تزال تشق طريقها في السوق السورية رغم توفيرها فرص عمل تشغل بعض الورش، إلا أنها غير قادرة على تحريك سوق صناعة الألبسة والصناعة النسيجية في سوريا في وقت تتقاعس فيه حكومة ميليشيا أسد عن تقديم أبسط أشكال الدعم لعودة عجلة تلك الصناعات إلى الدوران.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات