قوات التحالف تجري تدريبات هي الأولى من نوعها بسوريا.. ومراقبون يستبعدون أن يكون الهدف داعش

قوات التحالف تجري تدريبات هي الأولى من نوعها بسوريا.. ومراقبون يستبعدون أن يكون الهدف داعش

نفذت قوات التحالف الدولي نهاية الأسبوع الماضي تدريبات هي الأولى من نوعها في شمال شرق سوريا، ركزت على القفز المظلي من الطيران الحربي، بالتزامن مع إعلان ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية "قسد" تعليق عملها مع قوات التحالف في الحرب ضد تنظيم داعش.

التدريبات جرت في محيط حقل كونيكو للغاز بريف ديرالزور، وهي المرة الأولى التي تنفذ فيها هذه القوات تدريبات من هذا النوع، وتضاربت الأنباء حول مشاركة "قسد" فيها.

وبينما لم تؤكد الأخيرة مشاركتها، استبعدت مصادر "أورينت نت" أن تكون هذه المناورات قد شملت قسد، بالنظر إلى أن ذلك سيزيد من غضب تركيا التي تتهم قوات التحالف بتقوية خصمها الكردي اللدود، ولذلك ترجّح هذه المصادر أن يكون توقيت التدريبات اختير بعناية لعدم إشراك قوات البي واي دي ووحدات الحماية فيها، على اعتبار أنها علّقت التعاون.

عدو أقوى من داعش!

يرى بعض المراقبين أن هذه المناورات تعتبر لافتة، خاصة وأنه لم يسبق لقوات التحالف أن نفذت أي عملية إنزال من الطيران الحربي، حيث اقتصرت عمليات الإنزال السابقة التي استهدفت خلايا وقادة من تنظيم داعش على الطيران المروحي.

ويستبعد هؤلاء أن يكون الهدف من التدريبات الأخيرة هو التنظيم، بل تؤشر حسب رأيهم إلى الاستعداد لمواجهة عدو قوى، مشيرين إلى أن هذا العدو قد يكون الميليشيات الإيرانية، التي توسع من انتشارها في مناطق نفوذ قوات التحالف شرق الفرات، بالتزامن مع تأزم العلاقات بين طهران من جهة، والغرب واسرائيل من جهة أخرى، سواء بسبب الملف النووي أو الدعم الذي قدمته إيران لروسيا في حربها ضد أوكرانيا.

ورغم أن هذه المصادر لا ترجح أن يحدث ذلك في وقت قريب أو أنه بات محسوماً، إلا أنها ترى أن قوات التحالف تتحضر لمثل هذا الخيار الذي قد تلجأ إليه في أي وقت ما لم تُحلّ الملفات العالقة بين الجانبين في النهاية.

تطوير عادي

بالمقابل يضع محللون مختصون هذه المناورات في إطار العمل الروتيني لقوات التحالف، مشددين على أنها لا تعتبر تطوراً يمكن البناء عليه، كما إنه لا يتميز بأي خصوصية في نوعية العدو، على الرغم من أن الميليشيات التابعة للحرس الثوري يتطلب التعامل معها خيارات مختلفة بالفعل.

الخبير العسكري والإستراتيجي عبد الناصر العايد، قال في تعليقه على ذلك: لا يعني إجراء تدريبات على الإنزالات المظلية من الطيران الحربي أي شيء جوهري، فالقوات الأمريكية تنفذ منذ عام ٢٠١٩ إنزالات من الطيران المروحي تستهدف القبض على مقاتلي داعش، والتدريب على الإنزال من الطيران الحربي هو تطوير للعملية لا أكثر.

ويضيف في تصريح لـ"أورينت نت": هذا التطوير لا يقدم أو يؤخر عملياً كون الإنزال المظلي من الحوامات أو المقاتلات يحقق الإنجاز نفسه في النهاية، وأعتقد أنه إجراء روتيني، لأن الجيوش تطور تدريباتها باستمرار، دون أن يعني ذلك بالضرورة وجود مهمات جديدة لها، وأكثر ما يمكن قوله إن قوات التحالف تريد أن تكون جاهزة لتنفيذ هذه النوع من الإنزالات في حال اضطرت الحاجة إلى ذلك.

لكن العايد، وهو ضابط سابق في سلاح الطيران السوري، أشار في الوقت نفسه إلى أنه من غير المستبعد أن تقع مواجهة بين إيران والقوات الأمريكية على الأرض السورية، وهنا فإنه يتوقع أن تنحصر هذه المواجهة بين ميليشيات طهران والجيش الأمريكي دون انخراط قسد أو حتى بقية دول التحالف.

كما رجح أن تكون إيران هي المبادرة إلى مثل هذه المواجهة في حال وقعت بهدف إحداث نصر إعلامي، مذكراً في هذا السياق بحوادث سابقة من هذا النوع جرت في ريف دير الزور، حيث ردت القوات الأمريكية على استهداف قواعدها في حقل كونيكو والقرية الخضراء (حقل العمر) وغيره بقصف معسكر عياش التابع للحرس الثوري على سبيل المثال.

لكن حتى في حال كان الهدف ذلك، فإن إجراء تدريب على الإنزال من الطيران الحربي لا يعتبر مؤشراً على خصوصة اقتراب المواجهة، "لأن القوات الأمريكية وبقية قوات التحالف تحتاج في النهاية إلى إجراء هذا النوع من التحضيرات بغض النظر عن الخطط وطبيعتها" كما يقول العايد.

حتمية مشاركة قسد

وبينما يرى الكثيرون أن مشاركة ميليشيا قسد في هذه التدريبات غير واردة بالفعل، خاصة إذا كان الهدف منها التعامل مع الميليشيات الإيرانية في سوريا، بالنظر إلى العلاقة التي تربط هذه الميليشيات، أو على الأقل عدم وجود عداء معلن فيما بينها، ناهيك عن تكرار الولايات المتحدة التأكيد على أن العلاقة بينها وبين الأكراد في سوريا محصورة بالحرب على الإرهاب، لا يستبعد آخرون انخراط قسد فيها سراً.

مصدر عسكري معارض، طلب عدم ذكر اسمه، رأى أن العلاقة بين الأمريكان وميليشيا قوات سوريا الديمقراطية أكثر عمقاً مما يتحدث عنه الطرفان، وأن ما يبنى على هذه العلاقة يتجاوز الهدف المعلن وهو مواجهات تنظيم داعش، بل يشمل الإستراتيجية الأمريكية الشاملة في المنطقة، حسب قوله.

وبينما يتفق هذا المصدر مع رأي العايد بأن المناورات التي تم الإعلان عنها مؤخراً لا تعتبر تحوّلاً نوعياً كبيراً، فإنه يعتقد أن إمكانية مشاركة قسد في المواجهات التي قد تندلع بين الأمريكان وإيران في سوريا حتمية بالنهاية، و"لولا أن واشنطن على يقين بذلك لما استمرت في تبني قوات سوريا الديمقراطية حتى الآن على الرغم من تسبب ذلك بتوتر مزمن في العلاقات بين الولايات المتحدة وحليفتها تركيا" على حد تعبيره.

رغم الاتفاق على أن المناورات التي أجرتها قوات التحالف الدولي على الإنزال المظلي من الطائرات الحربية لا يعتبر تطوراً خطيراً بحد ذاته، إلا أن التقديرات متباينة حول الهدف النهائي منها والعدو المستهدف بها، ورغم أن هذا النوع من الإنزالات يمكن أن يستخدم ضد تنظيم داعش، إلا أن تزامنه مع ذروة التوتر بين طهران والغرب يجعل من وضع الميليشيات الإيرانية الموجودة في سوريا، وتحديداً بريف دير الزور، في خانة الأهداف المحتملة، على أنه من دوافع تنفيذ هذه التدريبات.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات