3 تغييرات محتملة.. كيف ستؤثر العملية التركية المرتقبة على الحل السياسي ومناطق النفوذ في سوريا؟

3 تغييرات محتملة.. كيف ستؤثر العملية التركية المرتقبة على الحل السياسي ومناطق النفوذ في سوريا؟

مرحلة جديدة تدخلها البلاد من بوابة الشمال السوري، لجهة استكمال ترتيبات القوى الدولية والإقليمية في إطار تقاسم النفوذ، كل بحسب ثقله العسكري على الأرض، سواء كان ذاتياً أو موضوعياً، وبما يلبّي المتطلبات والاحتياجات والإستراتيجيات، على قاعدة النفوذ مقابل العلاقات، وبالاستناد إلى أن شرعية استمرار وجود النظام مستمَدّة من الخارج وموافقة الدول المتدخلة أو المعنية بالقضية السورية، وليس من السوريين المغيّبين عن التأثير مع تعطيل العملية السياسية. 

المرحلة الجديدة جاءت من خلال البدء بحسم وضع الشمال السوري بعد توجّه شرق الفرات ومناطق نفوذ روسيا وإيران أي مناطق سيطرة النظام إلى الاستقرار، وبدت خطوط هذه المرحلة واضحة من حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن حق تركيا في التصرف بالمناطق التي حددتها خارج حدودها لحماية أمنها، ولا يمكن لأحد أن يمنعها من استخدام هذا الحق، وبأن الحزام الأمني (في إشارة إلى المنطقة الآمنة) سيكون من الشرق إلى الغرب على امتداد الحدود بما فيها منبج وتل رفعت وعين العرب، ملمحاً بالمقابل إلى أنه قد يعيد العلاقات مع النظام في المرحلة المقبلة، بحسب مانقلته عنه وكالة أنباء الأناضول.

النفوذ مقابل العلاقات

التصريحات التركية تعني أنه تم التقدم خطوة في إطار معادلة النفوذ مقابل العلاقات، والتي كما يبدو هي طرح روسي، ولا سيما أنها جاءت بالتزامن مع تصريح للمتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن الخلافات مع تركيا بشأن سوريا يمكن  حلها من خلال الحوار، خاصة أنه تم تقليصها بعد التوقيع على اتفاقية سوتشي 2019 التركية-الروسية، حول الشمال ومن ضمنه محافظة إدلب، في حين أن النظام غير مخوّل بإعلان مواقف إزاء التصريحات التركية أو غيرها، إلا إذا طلبت منه ذلك روسيا الممسكة بالقرار السياسي، ولكن في الوقت نفسه فإن شرعية النظام، وبعد تلاشي حديث المجتمع الدولي عن إسقاط النظام إلى تغيير سلوكه، باتت حاجة بالنسبة لتركيا تضمن من خلالها شكلاً قانونياً أو اعترافاً منه لتحركها الجديد. 

ويتضمن اتفاق سوتشي -الذي لم تنفّذه روسيا وفقاً لمسؤولين أتراك- إبعاد التنظيمات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني المصنّف على قائمة الإرهاب في تركيا وعدد من الدول الغربية، عن الحدود مسافة 30 كيلومتراً، وتركيا مصرّة هذه المرة على التنفيذ، إما بعملية عسكرية أو من خلال الدبلوماسية وعن طريق روسيا التي طلب قائد قواتها في سوريا الجنرال ألكسندر تشايكو من قائد "قسد" مظلوم عبدي الانسحاب، إلا أن الأخير رفض بحسب ما أوردته صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، ما يعني أن العملية العسكرية باتت قريبة، وربما تبدأ خلال أيام قليلة، حسبما أكد مسؤولون أتراك لوكالة رويترز.

مناطق النفوذ

وثبتت تركيا نفوذها بشكل كامل في مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات ونبع السلام، وباتت تندرج في إطار الأمن القومي كمنطقة عازلة أمام تهديدات التنظيمات الإرهابية، وأيضاً هدفها هو حل مسألة اللاجئين والخطوات العملية في هذا الإطار بدأت من العامل الأمني وأحد عناوينه كان توحيد فصائل الجيش الوطني التي لم تنضوِ في إطاره كأفراد بل كفصائل احتفظت بأسمائها وأساليب عملها إذ تعرّض عدد منها لانتقادات بسبب ممارسات غير مقبولة من الأهالي، وأيضاً إنجاز تركيا مشاريع بنى تحتية وتعزيز دور الحكومة المؤقتة ومؤسساتها في تلك المناطق.

وفي حين تبدو التطورات الميدانية المقبلة لجهة تلويح تركيا بعملية عسكرية مقدمة لمرحلة جديدة ستحسم وضع الشمال، فمن غير الواضح بعد التوقيت الذي سيُحسم فيه وضع إدلب في ظل التباعد بين الولايات المتحدة وروسيا على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا، ولكن ما يعطي مؤشرات على مستقبل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام هو القرار الذي أصدرته الخزانة الأمريكية باستثناء شرق الفرات والشمال عدا "إدلب وعفرين" من عقوبات قانون قيصر والسماح للاستثمارات والشركات الأجنبية بالعمل في تلك المناطق.

وقد يكون وضع ميليشيا الجولاني مدينة عفرين في دائرة الاستهداف قبل نحو شهر دون غيرها يستند إلى وضعها المستقبلي الذي أوحى الأمريكيون بأنه لا يختلف عن إدلب وميّزتها الخزانة الأمريكية دون غيرها، ما يعني مباركة أو رخصة للتفاوض حول وضعهما بين الروس والأتراك، يكون زعيم الميليشيا طرفاً فيها ولا سيما في ضوء التوجه الجديد للسياسة التركية إزاء القضية السورية والنظام.  

ويتضمن اتفاق سوتشي بحسب المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف إبعاد ميليشيا الجولاني، عن الطريق الدولي "إم4"، ونقلت تاس عنه اتهامه أنقرة بالعمل بدعم من الغرب على تحويلها إلى "معارضة معتدلة" بهدف "إبعاد إمكانية فرض النظام سيادته على تلك المناطق، وهذا يفسر استمرار روسيا والنظام بالتصعيد في إدلب واستهداف المناطق المدنية.  

وبالنسبة لشرق الفرات فلعل أكثر المؤشرات على مستقبل المنطقة الاجتماع الذي استضافته دولة الإمارات قبل أيام لمجموعة الاستقرار للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش وبقيادة مشتركة من الإمارات والولايات المتحدة وألمانيا وبحضور أعضاء المجموعة، وركز بحسب موقع وزارة الخارجية الإماراتية على مناقشة العديد من المواضيع المتعلقة بدعم الاستقرار في المناطق المحررة من داعش في سوريا والعراق والاحتياجات التمويلية لإعادة دعم اللاجئين والنازحين في مخيمات الهول والجادة وإعادة ادماجهم في المجتمع وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات الأساسية مثل الطاقة وتوفير سبل العيش وفرص العمل وتعزيز الأمن الغذائي والمائي.

وبما يتعلق بمناطق النظام التي تخضع للنفوذ الروسي الإيراني فإن أزمة الروس تتركز في معضلة استقدام دعم دولي لإعادة إعمار ما دمّروه من البلاد بمشاركة إيران وقوات النظام، وللإيحاء بأن باستطاعتهم الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب، إلا أن مساعيهم لا تزال تصطدم بموقف المانحين ولا سيما الدول الغربية التي تربط المساعدات بإحراز تقدم بالعملية السياسية التي عمل الروس على تعطيلها، وبات النظام يلمّح إلى انتهائها بإطلاقه أخيراً عليها عبارة "ما يسمى بالعملية السياسية". 

ويحاول النظام الإيحاء بأنه ممسك بالأوضاع في مناطقه ولكن الأمر هو شكلي مبني فقط على الشرعية الرسمية الدولية التي ما زال يتمتع بها، ومن خلالها يفرض الروس وبدرجة أقل الإيرانيون إملاءاتهم عليه بفعل فقدانه السيادة الحقيقية، وسيطرتهم على القرار السياسي والعسكري والاقتصادي. 

استقرار مناطق النفوذ

ويؤكد مسؤولو واشنطن من بينهم ممثل الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، نيكولاس غرانغر، وكذلك المبعوث الأممي غير بيدرسون أهمية الحفاظ على استقرار الأوضاع كما هي عليه، وذلك انسجاماً مع قرار الخزانة الأمريكية، في حين لم تكن أستانا في نسختها الـ 19 بعيدة عن هذه الرؤية ولا سيما من خلال تعويم الضامنين في البيان الختامي للقرار 2642 الخاص بتمديد المساعدات عبر الحدود والخطوط ولا سيما البند المتعلق منه بتنفيذ مشاريع الإنعاش المبكر، على حساب القرار 2254 ودعوة المجتمع الدولي والأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية إلى دعم مشاريع التعافي المبكر في جميع المناطق دون تمييز. 

انزياح الحل السياسي وعدم وجود إرادة دولية للدفع باتجاهه، لحساب إعطاء زخم لترتيبات بمناطق النفوذ الثلاث هو الأكثر ترجيحاً الآن، على الرغم من عدم الإعلان صراحة عن ذلك، ولا سيما من جانب النظام وإيران المقيّدَينِ بموقف الروس، والمرتبط بدوره بتفاهمات دولية وإقليمية، إذ تتعمق حالة التكيف الاستثنائي في تلك المناطق، سواء من قبل سلطات الأمر الواقع، أو بالنسبة للأهالي المنشغلين بهاجس الأمن، وضغط الأوضاع المعيشية، في وقت بدأت تشهد فيه مناطق النفوذ توجهاً نحو استقرار الأوضاع، يحركه العامل الاقتصادي، وما يحمله من عناوين بينها البنى التحتية والتعافي المبكر بموجب القرار2642.

التعليقات (2)

    منشار

    ·منذ سنة 3 أشهر
    ياكل بالطلعة و النزلة.... راحت على البسطاء...و الدراويش.... مرة تدمير ومرة تعمير و عبوا جيبكون يا حرامية...... Hani Al

    وهل الثوار اذكياء ؟

    ·منذ سنة 3 أشهر
    تحالفوا مع بني صهيون
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات