حملة عالمية لتحرير رغيد الططري أقدم سجين سوري: 41 عاماً بلا محاكمة لأنه رفض أمراً بالقتل

حملة عالمية لتحرير رغيد الططري أقدم سجين سوري: 41 عاماً بلا محاكمة لأنه رفض أمراً بالقتل

قبل أيام قليلة، وتحديداً في الـ 24 من الشهر الحالي، أكمل الطيار السوري، رغيد الططري، واحداً وأربعين عاماً من الاعتقال في سجون نظام أسد، ليكون أقدم معتقل سياسي ليس في سوريا وحسب، وإنما حول العالم، كونه رفض أن ينفذ أوامر المجرمين ويطلق النار على المدنيين.

واعتُقل الطيارة رغيد الططري عام 1980، بعد رفضه قصف مدينة حماة، أثناء حملة قادها نظام حافظ أسد في ذلك الوقت للانتقام من المدينة وأهلها، لتقضي محكمة عسكرية في ذلك الوقت بتسريحه من الجيش دون اعتقاله، وغادر البلاد إلى الأردن ومن ثم مصر هرباً من الملاحقة، لكن تهديدات مخابرات أسد لأهله وزوجته أجبرته على العودة إلى دمشق، ليتم اعتقاله.

ومع إكماله (41 عاماً) في غياهب الاعتقال والقهر وأسر الحريات، أطلق ناشطون حملة "عالمية" تدعو إلى المشي تضامناً مع الططري وللمطالبة أيضاً بإطلاق سراحه، حيث تهدف الحملة إلى أن يصل عدد الخطوات المأمولة إلى (75 مليون خطوة)، وهو رقم تقديري لعدد الخطوات التي لم يتمكن المعتقل السياسي من مشيها خلال عشرات السنين التي أمضاها في معتقلات الأسد.

كما دعا منظمو الحملة إلى المشاركة الواسعة من قبل مناصري الرأي الحر حول العالم، من خلال التعهّد بالمشي عبر الموقع الإلكتروني، وتحديد الأسبوع الحالي كموعد للخروج "للمشي في الشارع أو في الطبيعة"، وكذلك مشاركة صور نشاط المشي على مواقع التواصل الاجتماعي،  ضمن وسم (#نمشي_من_أجل_رغيد) كشعار تضامني للمطالبة بالحرية لرغيد الططري وعشرات الآلاف من المعتقلين والمغيبين في سجون نظام أسد.

صدى جيد

وحول المبادرة، قال محمود دخيل، مسؤول التواصل والمناصرة ضمن رابطة (معتقلي سجن صيدنايا) لأورينت نت، إن حملة "المشي" التي أطلقتها (الرابطة) لاقت صدى جيداً مع مشاركة واسعة من السوريين ومن كافة الشرائح وبينهم فنانون أبرزهم الفنانة يارا صبري.

وأضاف دخيل أن حملة المشي التضامنية وصلت لـ 11 مليون خطوة بشكل تقريبي، بمشاركات واسعة من جميع أنحاء العالم، مع استمرار التضامن الهادف لإيصال الحملة للعدد المأمول منها من حيث الرقم والهدف.

سبق ذلك رسالة وجهها وائل (41 عاماً) وهو الابن الوحيد للمعتقل السياسي رغيد الططري، بمناسبة الذكرى السنوية لاعتقال والده في أقبية مخابرات أسد، سيئة الصيت، وقال فيها "سيكمل والدي هذا الأسبوع عامه الواحد والأربعين في المعتقل، حُرمت من أن يكون لدي أب لكل حياتي وحُرم هو من التعرف على ابنه الوحيد، من المشين أن يُجبر أي شخص على قضاء دقيقة واحدة خلف القضبان بسبب معارضة النظام السوري، فما بالكم عن عمر بأكمله؟".

وأضاف وائل: "أثناء معظم سنوات طفولتي، لم يكن لدى عائلتي أي فكرة أو معلومة عن مكان اعتقال أبي، لم نتمكن من معرفة مكانه وزيارته إلا بعد مرور ١٤ عاماً. كنت أجهز نفسي لمقابلته، وأحاول تخيل مدى سوء حالته، ولكن ما إن قابلته وبالرغم من أنه بدا متعباً، إلا أن عينيه كانتا مفعمتين بالقوة وصوته كان واضحاً وحنوناً".

وتابع قائلاً: "منذ ذلك اليوم لم أتمكن من زيارته إلا لمرات معدودة بسبب نقله بين العديد من السجون ومراكز الاعتقال عبر السنين بما فيها سجن صيدنايا سيئ السمعة، قد يكون والدي هو أقدم سجين سياسي في سوريا، لكن قضيته هي مثال حي عن الظلم الذي يعاني منه آلاف المعتقلين/ات والمغيبين/ات قسراً على يد نظام يستخدم الاعتقال كسلاح للقمع وسحق أي شكل من أشكال المعارضة... أريد لأبي أن يقضي ما تبقى من عمره حراً، أريده أن يعلم بأنه ليس منسياً وبأن هناك أشخاصاً حول العالم يطالبون بحريته وحرية كل المعتقلين والمعتقلات في سوريا، لذلك سأمشي من أجل حريته وأدعوكم أن تنضموا لي"

الططري قضية شعب

ولد الطيار السوري، رغيد الططري الملقّب (عميد المعتقلين السوريين) في دمشق عام 1954، والتحق بالكلية الجوية 1972 وتخرج منها في 1975، وخدم في عدة مطارات، واعتُقل للمرة الأولى في 1980، لرفض قصف مواقع في مدينة حماة، مع ثلاثة طيارين آخرين. 

عقب ذلك، لجأ قائد سربه وطيار آخر من زملائه إلى الأردن، بينما عاد رغيد وزميل له إلى القاعدة الجوية في حلب من دون تنفيذ الغارة الجوية المخطط لها من قبل نظام أسد، ووجهت له تهمة عصيان الأوامر لكن المحكمة برأته وسرّحته من صفوف الجيش في الوقت ذاته.

اضطر فيما بعد لمغادرة الأردن باتجاه مصر، بعد أن تأزمت العلاقة عسكرية وسياسياً بين المملكة ونظام أسد، الذي ضغط كي تسلم عمّان الطيارين السوريين الذي انشقوا عنه، وفق شهادة المعتقل التركي السابق في سجن صيدنايا السوري، رياض أولر Riyad Avlar، الذي رافق الططري مدة 21 عاماً في المعتقل.

وقال أولر في حديث سابق لأورينت، إن الططري توجه إلى مصر، وحاول الحصول على اللجوء فيها، أو في أي بلد أوروبي، إلا أن لجوءه قوبل بالرفض، ما اضطره للعودة إلى دمشق، بعد أن هدده النظام باعتقال أو إيذاء زوجته التي كانت حاملاً حينئذ، كما حُرم من الزيارات العائلية في سجون أسد، بعد أن رفض ارتداء الزي الخاص بالسجناء الجنائيين، فلم يرَ ابنه سوى مرة واحدة عام 2005.

رحلة طويلة في غياهب السجون

في تشرين الثاني عام 1981 أودع الططري في سجن المخابرات العامة ونقل في كانون الثاني 1985 إلى سجن المزة العسكري وبقي فيه حتى أيار 1986، وهو اليوم الذي دخل فيه إلى سجن تدمر العسكري- أحد أسوأ سجون نظام أسد، سيئة الصيت ، وبقي فيه حتى آب عام 2000، ثم حوّل إلى سجن صيدنايا، و بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011  نُقل الططري إلى سجن عدرا المركزي في آب عام 2011، وبعدها نُقل إلى سجن السويداء في نيسان 2016، في حين تواردت أنباء عن نقله خلال العام الحالي إلى سجن طرطوس وبعد ذلك انقطعت أخباره.

وبحسب (اللجنة السورية لحقوق الإنسان) فإن محاكمة رغيد الططري التي خضع لها بعد أربع سنوات من اعتقاله، "استمرت دقيقة واحدة فقط، وتلخصت بجملتين من القاضي: الأولى سأله عن اسمه، والثانية قال له (انقلع) ليقضي في السجن واحداً وأربعين عاماً حتى الآن".

كما حُرم الططري من رؤية ابنه الوحيد (وائل) حتى عام 2005 حين رآه للمرة الأولى، فقد اعتُقل وأدخل السجن وزوجته حامل بابنه، ومع انطلاق الثورة السورية عام 2011، سافر ابنه وائل إلى ماليزيا هرباً من المخاوف الأمنية في بلاده، فيما توفي والداه وزوجته أثناء فترة اعتقاله وبعد عقود مريرة على انتظار المعتقل القابع في ظروف القهر بسبب رفضه للظلم والإجرام.

التعليقات (3)

    شو هل

    ·منذ سنة 4 أشهر
    تاريخ الأسود لهل النظام المجرم... الله اكبر الله اكبر الله اكبر....

    القلب الحزين

    ·منذ سنة 4 أشهر
    الله ينتقم من الظالمين

    اللهم عليك بالظالمين

    ·منذ سنة 4 أشهر
    اللهم فرج هم المهمومين وفك أسر جميع المعتقلين عاجلا غير آجل يارب العالمين
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات