تحقيق يفضح 9 قناصل فخريين لخارجية أسد استخدمهم بدعم ميليشياته

تحقيق يفضح 9 قناصل فخريين لخارجية أسد استخدمهم بدعم ميليشياته

ألقى تحقيق استقصائي دولي الضوء على الدور الخفي الذي يلعبه ما يُسمى "القناصل الفخريون" المرتبطون بنظام أسد في مساعدته على ارتكاب جرائمه والإفلات من العقاب وتجارة الممنوعات.

التحقيق الذي يحمل اسم “دبلوماسيّو الظل” جاء في إطار مشروع  تحقيقات استقصائية عابرة للحدود بإشراف “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيّين” (ICIJ) وProPublica وبمشاركة نحو 160 صحافياً من نحو 60 مؤسسة صحافيّة من 46 دولة.

ونشر موقع "درج" وهو إحدى الجهات المشاركة بالتحقيقات خلاصة ما تم التوصل إليه من أنشطة غير شرعية لقناصل فخريين يتبعون حكومة ميليشيا أسد، وقال إنه بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011  طردت دول أجنبية الدبلوماسيين السوريين الذين يمثلون نظام بشار الأسد من بلادهم، لكن ما فات تلك الدول هو مناصب القناصل الفخريّين الذين استغلوا مواقعهم ليس لمصالحهم الخاصة وحسب، ولكن أيضاً لمصلحة النظام الذي كان وما زال يخضع للعقوبات.

واستعرض التحقيق بشكل رئيسي أسماء 6 قناصل فخريّين تورّطوا في قضايا وشبهات فساد أو في استغلال مناصبهم ونفوذهم لتحقيق غايات ضيّقة على حساب الكثير من السوريّين الذين فروا من بطش النظام، ليجدوا نسخة منقّحة عنه على شكل قناصل فخريّين في بلاد الاغتراب. 

نيللي كنعو

أول الأسماء التي طرحها التحقيق كان نيللي كنعو، التي شغلت منصب القنصل الفخري في مونتريال بكندا قبل إغلاق السلطات الكندية في 26 شباط/ فبراير 2016 "القنصلية السورية" في مونتريال وإنهاء منصب قنصلها الفخري، نيللي كنعو، دون تحديد الأسباب.  

وبحسب التحقيق، فإن حكماً صادراً عن الهيئة الفيدرالية العليا في كندا أكد أن نيللي وشقيقتها تانيا كنعو باعتا المخدرات، لمدّة ثلاث سنوات، بشكل غير قانوني أو عملتا بشكل وسيطتين لبيع أدوية بقيمة 1.5 مليون دولار لشركة مونت فارما، انتهى المطاف بمعظم هذه المنتجات في الشرق الأوسط.
 
وبعد افتضاح أمرها، زعمت كنعو أن المعارضة السورية لفّقت لها هذه التهمة “بسبب مواقفها الوطنية” المؤيّدة للنظام، وقد كانت حتى إقالتها من منصبها أعلى ممثل لنظام الأسد في كندا إلى جانب قنصل فخري آخر في فانكوفر.  

وسيم الرملي

كلفت خارجية أسد رجل الأعمال السوري الكندي، وسيم في أيلول/ 2019، ليكون القنصل الفخري لسوريا في مونتريال، وقد وافقت السلطات الكندية على على تعيينه حينها رغم أن أنه أحد أشد مؤيّدي بشار الأسد ويتفاخر بوضع صورته وعلم نظامه على سيارته الـ”هامر” الحمراء. 

عمل الرملي على تنظيم المظاهرات المؤيّدة للأسد في مونتريال، وظهر في مقابلات إعلامية لإنكار استخدام ميليشيا أسد للأسلحة كيماويّة، ووصف “منظّمة الخوذ البيضاء” بـ "الإرهابيّة"، كما كان الرملي مرتبطاً أيضاً “بمجموعة البيت السوري الموالي للنظام في كندا والذي جمع آلاف الدولارات لصالح وكالة الأمانة السورية للتنمية الموالية للنظام، والتي ارتبط اسمها بفضيحة تتعلق بتحويل ما يقرب من مليار دولار من المساعدات الإنسانية إلى عمليات يشرف عليها نظام أسد. 

لكن وبعد انتقادات المعارضة الكندية لتعيين الرملي وخطورته على سلامة السوريين المعارضين سارعت وزيرة الخارجية، كريستيا فريلاند، إلى التراجع عن تعيينه. 

عبد الرحمن العطار

من أبرز الأسماء أيضاً رجل الأعمال السابق عبد الرحمن العطّار الذي شغل منصب القنصل الفخري في البرتغال، ويُعتقد أنه ساعد النظام في صنع أسلحة كيميائيّة.

نشط العطار في مجالات عدّة من بينها التعليب والتغليف والصيدلة والتجارة والصناعة، وشغل مناصب عدّة أهمّها رئاسة منظّمة الهلال الأحمر السوري ورئاسة غرف التجارة الدوليّة في سوريا وعضو في غرفة تجارة دمشق لمدّة 34 عاماً. 

العطّار الذي توفي في 15 شباط 2018،  كان رئيس شركة المتوسط للصناعات الدوائية وهي الشركة التي حصلت عام 2014 على خمسة أطنان من الإيزوبروبانول من سويسرا يُعتقد أن معظمها استُخدم في تصنيع غاز السارين رغم أنّ الاتحاد الأوروبي كان حظر توريد هذا المنتج إلى سوريا.

كما عمل العطّار عام 2008، كواجهة لمساعدة رامي مخلوف، أحد أبرز رجال أعمال النظام سابقاً وابن خال بشار الأسد، لشراء طائرة عندما كان الأخير تحت العقوبات، وذلك بحسب تسريبات دبلوماسيّة من وزارة الخارجية الأميركية.  

عبد القادر صبرا  

يُعتبر عبد القادر صبرا أحد أعمدة الاقتصاد الموالين للأسد، إذ يُدير مجلس الأعمال السوري التركي ويشغل منصب نائب رئيس مجلس الأعمال السوري الروسي، ويتولى منصب قنصل فخري لتركيا في سوريا إلّا أنّه أنكر ذلك، مؤكّداً أنّه كان القنصل الفخري لتركيا في طرطوس من 1 آذار/ مارس 2009 حتى عام 2020، وأنّ المنصب هو فخريّ بحت ولا ينطوي على أي أهداف اقتصادية وتجارية. 
 
وضع الاتحاد الأوروبي صبرا على لائحة العقوبات الأوروبيّة بين شباط/فبراير 2020 وحزيران 2021، لكن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي رفعت في 16 آذار الماضي اسمه، فيما نقل موقع “intelligence online“، المتخصص بالقضايا الأمنية والاستخبارات، أنّ رفع العقوبات عن صبرا حصل بدعم من الدبلوماسي الفرنسي وسفير باريس السابق في دمشق، شارل هنري داراجو.

صائب النحّاس 

تولّى رجل الأعمال الشيعي الدمشقي الشهير، صائب النحّاس، منصب قنصل فخري للمكسيك وكازاخستان في سوريا، ويعود نفوذه إلى عهد حافظ الأسد الذي دعم النحاس في أعماله التجاريّة، وكان لسنوات بمثابة الرجل الثاني بالاقتصاد بعد محمد مخلوف والد رامي مخلوف. 

مع اندلاع الثورة السورية قدم النحاس دعماً غير محدود لميليشيا أسد بحيث “أصبح فندق “السفير” بمنطقة السيدة زينب في دمشق مكاناً لتجمّع عناصر الميلشيات الطائفية القادمة من العراق ولبنان وإيران، كما حولّ مزرعته على طريق دمشق الدولي إلى معسكر تدريبي لتلك الميليشيات تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، بحسب دراسة موقع "مع العدالة".

وكذلك وظّف شركته الطبيّة في خدمة برنامج النظام الكيميائي، ما دفع برئيس المجلس الوطني السابق جورج صبرا إلى تقديم مذكرة للخارجية الأميركية عام 2013، تطالب بوضع صائب نحاس وشركاته على قائمة العقوبات باعتباره أحد داعمي الأسد البارزين في تصنيع وإنتاج السلاح الكيميائي. 


دعم صائب النحاس جميع الأنشطة الشيعية في لبنان، ولا سيما أنشطة "حزب الله”، كما لعب أدواراً دبلوماسيّة ضخمة خصوصاً في مجال تحسين علاقات نظام أسد مع الخارج بعد اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، وعلى ضوء ذلك، تسلّم النحّاس من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وسام جوقة الشرف برتبة فارس. كما لعب دوراً مشابهاً بين أمريكا وسوريا بعد حرب تمّوز 2006 في لبنان، بحسب ما تكشف إحدى تسريبات ويكيليكس بتاريخ 6 نيسان 2009.

إبراهيم الأحمد

اشتبهت السلطات في مولدوفا عام 2017، بتورّط القنصل الفخري لسوريا، إبراهيم الأحمد، في قضية فساد تتعلق بالقنصل العام لجمهورية مولدوفا في إسطنبول، فيتشسلاف فيليب، الذي اعتُقل واتهم بابتزاز واستلام الأموال والهدايا في الفترة الممتدة بين 2012-2016 مقابل تعجيل وتبسيط بعض الخدمات القنصلية لسبعة أشخاص من الأردن ولبنان وسوريا والعراق، بالتعاون مع إبراهيم الأحمد، وشقيقه طلال الأحمد المتهمين بالفساد في قضيّة سابقة. 

وفي قضيّة سابقة في أوائل عام 2015، حقّقت السلطات في جمهوريّة مولدوفا مع الأحمد، وشقيقه، بتهمة استغلال نفوذه واشتباه تورّطه في قضيّة رشوة بناءً على شكوى قدمتها سيدة مولدوفية قالت الأخيرة إن شقيق القنصل طلب منها مبلغ 1800 يورو، “مقابل مساعدتها في الحصول على وثائق تخول أحد أقاربها المقيمين في سوريا للحصول على تأشيرة دخول إلى مولدوفا”.

3 نماذج أخرى

وأورد موقع "درج" نماذج أخرى من قناصل أسد الفخريين تورّطوا بسلوكيات أقل أهميّة، إلّا أنّها تعكس منهجيّة انتقائهم من بينهم القنصل الفخري السوري في سيدني ماهر الدباغ، الذي وقف إلى جانب مزاعم ميليشيا اسد ونفى استخدامها الأسلحة الكيماوية ودأب على تمجيد رأس النظام. 

كما تُعرف القنصل الفخري السابق لسوريا في فانكوفر، المحامية سوسن الحبّال، بقربها من الأسد، وسبق أن نادى أفراد الجالية في مظاهرات باستقالتها كذلك.

وكذلك تبيّن أن القنصل الفخري السابق لسوريا في مونتريال، رائد المحكو، زوّر وجود بعض الأشخاص في كندا من أجل حصولهم على جواز سفر كندي.

وبحسب قوانين خارجية أسد يتم تعيين القنصل الفخري بمرسوم جمهوري، ويقترحه عادةً وزير الخارجيّة، ويستمر في منصبه لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد بناءً على اقتراح من الوزير.

وينوب القنصل الفخري عادة عن القنصل في مناطق ليس لها فيها تمثيل دبلوماسي، كثيراً ما يكون القنصل الفخري من التجار وأصحاب الأعمال الحرة، فتصبح القنصلية الفخرية إضافة إلى عمله الأصلي، وقد يكون القنصل الفخري لا يحمل جنسية الدولة التي يمثلها، وقد يعمل بدون أجر على منصبه.
 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات