بعد سلسلة من الفيديوهات المصورّة التي تكشف عمليات تصفية وقتل حرق جماعية لعشرات المعتقلين الأحياء منهم والأموات في التضامن بدمشق وريف درعا، كشفت مصادر خاصة لـ أورينت نت عن مواقع أبرز خمس مقابر جماعية قام نظام أسد بدفن المعتقلين فيها بعد تصفيتهم في مسالخه البشرية الممتدة على طول الجغرافيا السورية من حلب شمالاً وحتى درعا جنوباً.
وأواخر الشهر الماضي، أظهر شريط مصور نشره المركز السوري للعدالة والمحاسبة، قيام ميليشيا أسد بالتخلّص بشكل منهجي من الرفات البشري وإتلافه بعد إعدام وإحراق الأشخاص المعارضين لها من كافة الفئات، في محاولة على ما يبدو لطمس هوية الضحايا.
مقبرتان جماعيتان في حلب
رغم أن المقبرة الجماعية الأكثر شيوعاً والمعروفة لدى الجميع هي (مقبرة المركزي) لكونها تقع ضمن حرم سجن حلب المركزي بمنطقة المسلمية، إلا أن مصدراً خاصاً كشف عن مقبرة جماعية أخرى يشرف عليها فرع المخابرات الجوية وفرع المداهمة وتمّ دفن مئات المعتقلين فيها.
يقول الضابط المنشق عن ميليشيا أمن الدولة في حلب الرائد (سامي النعّال) في حديث لـ أورينت نت، إن "ما قامت به ميليشيا الأمن الجوي هو طريقة خبيثة وإجرامية لطمس جرائمها وإخفاء جثث المعتقلين الذين قضَوا قي سجونها، لقد عمدت الميليشيا لفتح قبور قديمة في عدد من مقابر حلب ودفن المعتقلين فيها أو إنشاء قبور جديدة داخلها، إلا أن المقبرة الأكثر استخداماً لهذا الغرض هي مقبرة (جبل العظام) الموجودة قرب ثكنة هنانو، وهي مقبرة ضخمة تضم آلاف القبور.
وتابع: "كان يتم نقل الجثث بسيارات عسكرية تابعة للثكنة ليلاً ومن ثم يتم فتح بعض القبور ودفن الجثث فيها، أما في حال عدم وجود قبور فكان يتم حفر خنادق طولانية في الممرات الممتددة بين القبور بواسطة حفارة صغيرة (بلدوزر) ويتم رمي المعتقلين فيها ومن ثم ردمهم، مشيراً إلى أن الأوامر بالتصفية والدفن كانت تأتي من قبل رؤساء الأفرع الأمنية وعلى رأسهم (أديب سلامة وجامع جامع) اللذين تولّيا رئاسة فرع الجوية و(كفاح ملحم) الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في حلب الذي يتبع لها فرع المداهمة.
مقابر طريق تدمر
ولم يقتصر أمر المقابر الجماعية على حلب فقط، بل كشف المعتقل السابق في السجن البولوني في حمص (مصطفى عبد الرزاق العبيد) في حديث لـ أورينت نت، عن قيام ميليشيا أسد بنقل المعتقلين الذين يقضون تحت التعذيب ودفنهم في مقابر جماعية تقع على طريق حمص - تدمر، مشيراً إلى أن أحد السجناء القدامى أخبره خلال فترة اعتقاله، بأن ميليشيات أسد لا تستخدم ذلك المكان فقط من أجل الدفن، بل من أجل عمليات التصفية الميدانية، ويتم دفن الجثث بشكل جماعي هناك.
مكب نفايات نجها ومسالخ صيدنايا وفلسطين
تعدّ عمليات التخلص من الجثث في سجني صيدنايا وفلسطين فريدة من نوعها لكونهما يحتويان على (أفران) تستخدمهما ميليشيات أسد في عمليات حرق الجثث، إلا أن الأمر لا يخلو من المقابر الجماعية المستخدمة في طمس الحقائق.
يقول المعتقل السابق في فرع فلسطين (محمود العجم) في حديث لـ أورينت نت، إنه وبغض النظر عن عمليات حرق الجثث أو تصفية أصحابها ودفنهم مباشرة كما حدث في حي التضامن، فإن الجثث يتم نقلها إلى منطقة (نجها) أو بشكل أوضح (مكبات نفايات) نجها ليتم هناك دفنها والتخلص منها، مشيراً إلى أن ميليشيات أسد اسخدمته ذات مرة لنقل الجثث، وعمد الشبيحة حينها لرميه في الحفرة التي كانت مخصصة لدفن الجثث قبل أن يخرجوه وهم يسخرون من أصوات صرخاته.
مقبرة درعا
أما في الجنوب السوري، فقد كشف (أبو يوسف الحوراني) لـ أورينت نت عن وجود الكثير من المقابر الجماعية لأشخاص قضَوا ميدانياً على يد ميليشيات أسد في درعا المحطة ودرعا البلد، مشيراً إلى أن ميليشيات أسد وخلال الفترة الممتدة بين العامين 2011 - 2013 ارتكبت عشرات المجازر على حواجزها، وقامت بتصفية مجموعات بأكملها.
وبحسب المصدر، فإن المقابر الجماعية موزعة على مقربة من كل حاجز في درعا البلد والمحطة، لأن العناصر كانوا يقتلون المدنيين ويحفرون حفرة على مقربة من الحاجز ويدفنونهم فيها كما حصل في مجزرة التضامن.
مقبرة دير الزور
أما في دير الزور وريفها حيث تنتشر ميليشيات إيران وأسد، فقد كشف عسكري منشق عن مطار دير الزور العسكري خلال حديث لـ أورينت نت، عن قيام ميليشيات أسد بدفن الجثث في بادية دير الزور، مشيراً إلى أن من لا يعرفه كثيرون هو أن مطار دير الزور العسكري يضم بداخله معتقلاً وحشياً لا يقل عن سجن صيدنايا.
وأضاف أن ميليشيا أسد كانت تنقل الجثث ليلاً إلى مناطق في محيط المطار ليتم دفنها هناك، وقد كان القائد السابق للواء 104 (عصام زهر الدين) يشرف على غالبية عمليات التصفية في دير الزور وريفها ويتبع نفس الطريقة في الدفن وإخفاء أثر الضحايا.
وكان موقع أورينت قد أورد عشرات التقارير، التي تضمنت شهادات حية لمعتقلين سابقين وعناصر منشقين عن نظام أسد، والتي كشفت عن مجازر ميليشيات أسد والفظائع التي ترتكبها بحق المعتقلين في السجون، والتي كان آخرها (الكشف عن أسماء مرتكبي مجزرة نهر قويق بحلب) وأبرز الطرق التي استخدمتها ميليشيات أسد في إخفاء مصير المعتقلين وعشرات التقارير الأخرى عن عمليات التعذيب التي تتم داخل مسالخ بشرية يُطلق عليها اصطلاحاً اسم "سجون"
التعليقات (2)