لعبة السلطة المستمرة في السويداء

لعبة السلطة المستمرة في السويداء

في السويداء ما زالت السلطة مصرّة على اللعب بنفس الأسلوب ضمن مخططها تماماً تنفلت زمام الأمور توهم الشعور الجمعي بهامش الحرية الذي تركته للسويداء على ضوء ما عُرف بحماية الأقليات وتظهر الأمور أن التحليل السياسي كان أمياً إن صح التعبير وما زال عالقاً في توهيمات الحماية الإقليمية، وفات الجميع أن الجنوب هو رهن تسويات وتوازنات لا تحتمل عواطف ومبادئ.

لكن في السويداء ما زالت جذوة الوطنية متّقدة لو بآخر فتيلها ويمكن أن يشتد أوارها لو اجتمع القوم حول مشتركات، لذلك كان على السياسة الأمنية أن تستمر بأسلوب إحداث الشروخ العامودية والأفقية والسعي وراء أي وسيلة مهما كانت وضيعة لتحقيق ذلك وذهبت بها الأمور نحو خلق نزاعات عائلية ولم ينتهِ بعد الجبل من محاولات توريطه المستمرة مع الجوار أو المساكنين من البدو وهم مكون أساسي من مكونات محافظه السويداء، وبعد الحراك الذي شهد القضاء على ظاهرة الفلحوط ضجت بنشاط محموم محاولة القبض على اللحظة التاريخية واستئناف المقاومة لكن الأمن قد جهز عدته بدءاً بالاتصالات السرية ووصولاً إلى التهديد المبطّن والعلني لإجهاض الوقت الواعد بإنجاز ما.

ولما أظهرت كل الشرائح مشاعرها الوطنية دون أدنى شك دخلت السلطة مساومتها العلنية عبر الاجتماع في صاله السابع من نيسان ووُجهت الدعوة لشخصيات مقربة ومحسوبة على السلطة ثم مباشرة الخطاب الذي احتوى الكثير من الوعيد والتهديد غير المباشر، وقد أثار ذلك موجة عارمة من الاحتجاج لدى الرأي العام في محافظة السويداء وأعلنت على لسان أحرارها وأقلامهم رفض ما أملاه الوفد الرسمي الممثل للسلطة جملةً وتفصيلاً، بعد ذلك بدأت مرحلة شيطنة فصائل معيّنة مستقلة إلى حد ما وسعت لبذر الشقاق حتى في قلب الهيئة الدينية وبقية أفراد المجتمع من خلال خلق اصطفافات عائلية.

وقد ظهرت مفاعيل ذلك من خلال الاستعداد للمواجهة التي قد تكون وشيكة بين فئات مسلحة محسوبة على السلطة وأخرى تسلحت تحت مسميات متعددة وأجّج الموضوع وفاة المناضلة منتهى سلطان الأطرش ليُظهر مأتمها تجلّي الصراع بين القوى السياسية إن صح التعبير، وبعد ذلك أخذت المواقف شكل احتجاجات عبر صفحات الفيسبوك وكانت اللهجة في الانتقاد حادة ومتجاوزة وأظهرت محافظة السويداء انحيازها الواضح للثورة وأكدت الأقلام والصفحات والمواقف في الطقوس الاجتماعية أن السيدة منتهى مثّلت والدها القائد العام للثورة السورية الكبرى وموقف سوريا وشعبها العظيم الذي حمّله مسؤوليات ثورة سوريا الكبرى التي اكتظّت بكل المكوّنات الأقلوية العرقية والمذهبية وأغلبية سنّية وطنية لم تسأل في حينه عن مذهب القائد بل وثقت بوطنيته وشعاره "الدين لله والوطن للجميع"، واستذكر الشعب مواقف المناضلة التي جعلت السلطة في حالة استنفار لتحاصر نشاطها وتأثيرها.

وبعد المأتم قام الأمن بنشاطات متعددة وخاصة أن النقد طال أداءه وأدواته وأخلاقه وكيف جعل التخريب والعبث سياسة خاصة في السويداء ويتابع الأمن نشاطه المحموم ليلغي قبل أيام قليلة احتفالية ثقافية لفرع منظمة حقوق الإنسان في السويداء واليوم تظهر المحافظة الجنوبية السوق الأهم لتصدير كل أصناف المخدرات وعقدة للطرق الحدودية والإقليمية لعصابات المتاجرة والتهريب.

 وأما على صعيد الأمن والسياسة فتبدو السويداء ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات ويبدو أن الشعور بالقلق لدى المجتمع يظهر جلياً بعد التحركات الأمنية بكل أشكالها من الاعتقال إلى التهديد إلى القمع وقد يكون الاغتيال، وتمر السويداء اليوم بمرحلة ترقب حذر وخوف وعدم ثقة، ولا بد هنا من الإشارة إلى تعطل أو بطء نشاط المنظمات الأهلية والمدنية لوصول الجميع إلى مرحلة اليأس من الالتقاء حول مشتركات للمقاومة، ويترافق الأمر مع عملية تدمير شبه كامل للبيئة من خلال عملية الاحتطاب الجائر ويبدو أن الجميع فاتهم أن الظرف الموضوعي والمتغيرات مناسبة لعودة المقاومة واليوم تقف السويداء بحالة عزلة وخسارة متتالية للقوى الفاعلة التي قررت الانسحاب من المشهد على ضوء تعمق مفاعيل الحرب واستطالتها وعلى الشعور أن سوريا تُركت لمصيرها وهي الآن تجمعات بشرية دون أية مقاومة منظمة.

التعليقات (1)

    قفطان عزالدين

    ·منذ سنة 5 أشهر
    دام قلمك وصدق انتماؤك لمحافظتك . ولوطنك نعم للثورة السورية ونعم للمقررات الدولية والمرحلة الانتقالية دون الاسد وتراتبية المراحل لك التقدير والاحترام
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات