مكتبة بور سعيد في الرقة: أصغر وأقدم مركز ثقافي وشاهدة على القصف والدمار

مكتبة بور سعيد في الرقة: أصغر وأقدم مركز ثقافي وشاهدة على القصف والدمار

تُعتبر مكتبة بور سعيد أقدم مكتبةٍ في مدينة الرقة، حيث تمّ افتتاحها عام 1957، وسُمّيت بهذا الاسم تخليداً لمدينة بور سعيد البطلة، والعدوان الثلاثي عليها عام 1956.


وجاء افتتاحها لصالح الحزب الشيوعي الذي ارتأى أن يكون في الرقة مكانٌ لتوزيع مطبوعاته، ولاسيما جريدته المسماة "النور".


وُجدتْ في الرقة مكتبةٌ ثانية في ذلك التاريخ هي مكتبة "حقي إخوان"، إلا أنها لم تستمر، وأغلقت أبوابها، في حين أن مكتبة بور سعيد لصاحبها "أبي زهرة أحمد الخابور"، والتي عُرفت باسم مكتبة الخابور أيضاً استمرت، لتكون أقدم مكتبة في الرقة.


لم تكتفِ مكتبة بور سعيد، بعرض الكتب الحزبية والماركسية واليسارية فيها، بل فتحتِ المجال لعرض كل الكتب، سواء أكانت دينية، أو غير ذلك، لتلبي نهم القراء، وتنوّعهم الفكري والثقافي، وبهذا انتقلت المكتبة من مكتبة تخصّ الفكر اليساري والشيوعي، إلى مكتبة للجميع، يجدون فيها ما يناسب معتقداتهم وأفكارهم.

الدكتور عبد السلام العجيلي ومكتبة بور سعيد

استقطبت مكتبة بور سعيد خلال تاريخها الطويل والذي يزيد على ستين عاماً شرائح المجتمع الرقي، وخاصة المتعلمين والمثقفين، فيندر أن يكون هناك مثقفٌ في المدينة لم يتعامل مع المكتبة، أو يزرْها لشراء الكتب، والمجلات التي يحرص صاحب المكتبة على عرضها بطريقة تلفت الأنظار، وكم شهدتْ مكتبة بور سعيد عقد صداقات، وتعارف بين مثقفي المدينة، وكم شهدت حواراتٍ وسجالاتٍ بين مرتاديها؟!

كثيرٌ من مثقفي الرقة وكتابها تعرّفوا على بعضهم البعض في هذا المكان الضيق مساحةً، والرحب والواسع أفقاً وفكراً، ومنهم من رأى أدباء المدينة الكبار، كالأديب الراحل الدكتور عبد السلام العجيلي، والروائي الأديب إبراهيم الخليل في هذا المكان تحديداً، ومما يُروى عن الدكتور العجيلي أنه كان يقول: "حين أكون في الرقة، هناك مكانان إنْ لم أزرْهما يومياً لا أعتبر أني عشت يوماً طبيعياً: هما مكتبة بور سعيد، وجسر الرقة القديم"، فقد كان دائم التردد على مكتبة بور سعيد، لقربها من مكان إقامته، إذ يجلس بكل أريحية على الكرسي الخشبي القديم، ويتجاذب أطراف الحديث، مع الموجودين في ذلك المكان الضيق.

 

أصغر مركز ثقافي


أصبحت مكتبة بور سعيد عبارةً عن مركزٍ ثقافيٍّ مُصغر، وما كان ذلك ليحصل، لولا تعامل صاحب المكتبة أحمد الخابور مع مرتادي المكتبة بكل لطف ودماثة، حتى إنه لُقّب بصديق الثقافة والمثقفين، يرحب دائماً بمَن تطأ قدماه المكتبة، ويقوم بتقديم القهوة المُرّة له، والتي يُعدّها بطريقة خاصة، حتى وإن لم يشترِ شيئاً من مكتبته، ومن تعامل أبي زهرة صاحب مكتبة بور سعيد مع المثقفين أنه كان يُعير الكتب والمجلات لمَن لا يستطيع الشراء، وبعضهم كان يجلس في المكتبة ليشرب القهوة ويتصفح المجلات والجرائد، دون أن يسبب ذلك أيّ حرج، أو إزعاج لصاحب المكتبة.

مكتبة بور سعيد تشهد ما حل بالرقة من قصف ودمار

مكتبة بور سعيد كانت شاهداً على كل ما جرى في مدينة الرقة من تحولاٍت ثقافيةٍ وسياسية وأحداث، بل وأكثر من ذلك كانت بعض النشاطات والمظاهرات تنطلق منها، وشهدت ما تعرضت له المدينة من قصف النظام، ولا سيما مجزرة المتحف التي لا تبعد عن المكتبة سوى أمتارٍ قليلة، والتي ذهب ضحيتها العشراتُ من أبناء مدينة الرقة، وشهدت عنف واستبداد تنظيم داعش، وما فعله بالمدينة وأهلها من أهوال، وكان نصيب مكتبة بور سعيد من داعش إحراق الكتب التي فيها، بحجة أنها لا توافق الشريعة، وأن مكان المكتبة "لا يدخله الرحمن" بسببها، فقام عنصران من التنظيم أحدهما تونسي والآخر سعودي، بإشعال النار بالكتب في إحدى زوايا المتحف القريب من المكتبة، وكذلك كانتِ المكتبة شاهدةً على دمار وخراب الرقة من قبل التحالف الدولي، بحجة إخراج داعش من المدينة.

التعليقات (1)

    Sundus

    ·منذ سنة شهرين
    عندما ينشر الخبيث ثقافة الموت والحقد والدمار... ودس السم الهاري في الدسم... يتحدث كاتب العرضحالجي عن المكتبه واهميتها ثم يتطرق الى داعش وببساطه يقول قاموا باحراق محتوياتها ومن ثم يدس سمه الحاقد وينفث رعافة الكريه ويقول ... وكتنت المكتبه شاهد على دمار الرقه على يد التحالف بحجة محاربة داعش.... يا خبيث ويا قاتل وارهابي الم تكن داعش عاصمة دويلة الارهاب وجرت معارك طاحنه لتحريرها من امثالك؟؟؟ يعني لا بد من بث سموم في كل شي تنشرونه علبكم اللعنه
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات