كان الأطفال يصرخون.. فيلم وثائقي يروي تورّط خفر السواحل الفرنسي والبريطاني بغرق عشرات المهاجرين

كان الأطفال يصرخون.. فيلم وثائقي يروي تورّط خفر السواحل الفرنسي والبريطاني بغرق عشرات المهاجرين

كشف الفيلم الوثائقي The Crossing أو "العبور" تورّط خفر السواحل الفرنسي والبريطاني بغرق مهاجرين كانوا يحاولون عبور القنال الإنكليزي، حيث تبادلت فرنسا وبريطانيا الاتهامات بالتسبب بغرق 34 مهاجراً في أسوأ كارثة بحرية في القنال منذ 30 عاماً.

وكشف الفيلم -وهو جزء من سلسلة Exposure الحائزة على جوائز ITV- عن وثائق تقدِّم أدلة جديدة، تؤكد أن خفر سواحل الدولتين مسؤول عن غرق المهاجرين بسبب قضاء ساعات في تبادل المسؤولية حول من يجب أن ينقذ القارب عندما كان يحاول عبور القناة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفق ما نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية.

ووثّق الفيلم شهادات لاثنين من الناجين كانوا على متن القارب الغارق من أصل 34 غرق منهم 27، فيما لا يزال 5 أشخاص منهم في عداد المفقودين حتى الآن.

وحول الشهادات التي استعرضها الفيلم، قال أحد الناجين ويُدعى عيسى محمد، وهو طالب لجوء صومالي: "كان الأطفال يصرخون. كل ما سمعته هو صراخ الأطفال الغرقى. رأيت جثثاً تطفو بجانبي".

تبادل للاتهامات وتنصل من المسؤولية

وأشارت الغارديان إلى أن الوثائق القانونية الداخلية التي حصل عليها فريق الفيلم الوثائقي حدّدت بالتفصيل أحداث تلك الليلة دقيقة بدقيقة، بناءً على سجل طوارئ خفر السواحل الفرنسي للحادث.

وأوضحت أنه في حين كشف خفر السواحل الفرنسي عن سجل مكالمات الطوارئ للمحامين في القضية كجزء من التحقيق الفرنسي في المأساة، لم يفعل نظيره البريطاني ذلك حتى الآن، باستثناء فرع التحقيق في المملكة المتحدة الذي فتح تحقيقاً بالحادثة.

ولفت الفيلم إلى أنه في الساعة 4.34 من صباح يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني، أغلق خفر السواحل الفرنسي سجل الحوادث الخاص به على افتراض أنه قد تم التعامل مع الحادثة من قبل خدمات الإنقاذ البريطانية. 

وفي حين لم يتم الكشف عن سجلات المملكة المتحدة للغرق الجماعي، أثارت الوثائق الداخلية لوكالة البحرية وخفر السواحل في المملكة المتحدة تساؤلات حول كيفية التعامل مع مكالمات الاستغاثة من القوارب الصغيرة. 

واستعرض الفيلم وثيقة داخلية تنص على وجود ارتباك حول متى يمكن بث نداء استغاثة فيما يتعلق بقوارب المهاجرين التي تحتاج إلى المساعدة، وفق ما نقلت الصحيفة.

وتقول الوثيقة: "يمكن أن تختلف الإجراءات التي يتم اتخاذها في مرحلة الاستغاثة بالنسبة لحوادث المهاجرين بالقوارب الصغيرة عن غيرها من حوادث الاستغاثة التقليدية".

ووفقاً للوثائق القانونية الفرنسية الداخلية، جاء أول نداء استغاثة من الركاب على الزورق إلى خفر السواحل الفرنسي في المكتب الإقليمي كروس جريس-نيز في الساعة 1.48 صباحًا يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني عندما بدأت المياه تتسرّب إلى القارب وبدأ في الانكماش، ثم توقّف المحرك وفشلت جهود الركاب لإخراج المياه منه.

وتم إبلاغ الركاب خطأً من قبل خدمات الطوارئ بأن المساعدة في طريقها بعدما أرسلوا موقع القارب على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إلى خدمات الطوارئ بشكل متكرر، لكن مع مرور الوقت فقدوا الأمل وغرقوا واحداً تلو الآخر.

ووَفقاً للفيلم كانت خدمات الطوارئ تسمع صرخات الغرقى وتوسّل الركاب إليهم أن يأتوا قائلين: "إننا نموت.. تعالوا وأنقذونا".

إلا أن خفر السواحل الفرنسي وفقاً لما كشفته الوثائق القانونية الداخلية لم يتدخل وقدّم في الساعة 2.28 صباحاً موقع القارب وقال إنه الآن في المياه الإنكليزية ولم يعُد مسؤوليته.

بالمقابل، وفي الساعة 2.44 صباحاً، أرسل خفر السواحل الإنكليزي بريداً إلكترونياً إلى كروس جريس-نيز (أقرب نقطة مطلة على القنال بمواجهة بريطانيا) ليقول إنه يعتبر القارب في المياه الإقليمية الفرنسية حيث يمكنه سماع نغمة رنين على هاتف أحد الركاب.

ووفق الفيلم فإنه في الساعة 4.16 صباحاً، تم إجراء مكالمة أخيرة لخفر السواحل الفرنسي، قائلة: "الناس في الماء، انتهى الأمر".

وفي الوقت نفسه، أبلغت سفينة تدعى كونشرتو أنها شاهدت قارباً صغيراً في محنة وسألت خدمات الطوارئ عما إذا كان ينبغي أن تنقذه. وقال كروس جريس-نيز إن قارب إنقاذ آخر كان في طريقه لكن لم يتم الإنقاذ.

من جهته، قال الخبير البحري ماثيو شانك: "حقيقة الأمر هي أن أكثر من 30 شخصاً تُركوا في وسط أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاماً في العالم يموتون ببطء واحداً تلو الآخر. ولم يحدث شيء تقريباً".

أسوأ كارثة بحرية حصلت في القنال 

ولفتت الغارديان إلى أن هذه الحادثة تُعد أسوأ كارثة بحرية حصلت في القنال منذ 30 عاماً، وتأتي في وقت وصل فيه نحو 40 ألف شخص منذ بداية العام حتى الآن في قوارب صغيرة إلى بريطانيا.

وسنوياً يسعى آلاف المهاجرين للعبور عبر القنال الإنكليزي بواسطة قوارب صغيرة، في حين أدى ذلك لتوتر في العلاقات بين فرنسا وبريطانيا، حيث تبادلت الدولتان الاتهامات بشأن المسؤولية عن حوادث غرق المهاجرين عدة مرات.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات