واصلت ميليشيات أسد عمليات اعتقال اللاجئين العائدين من الأراضي اللبنانية إلى مناطق سيطرتها في الفترة الأخيرة، في انتهاك جديد لمخابرات أسد تجاه العائدين، بهدف تحصيل مبالغ مالية كبيرة لإطلاق سراحهم، رغم الضمانات المزعومة التي تمنع اعتقالهم حال عودتهم.
وأفاد مراسلنا في ريف دمشق، ليث حمزة، أن ميليشيا "الأمن العسكري" اعتقلت شابين في منطقة القلمون خلال الأيام الماضية، وهم من ضمن قافلة اللاجئين الأخيرة التي عادت من منطقة عرسال اللبنانية إلى منطقة القلمون المحاذية، ضمن ما عُرف بـ "مسرحية العودة الطوعية".
وفي التفاصيل، أوضح المراسل نقلاً عن مصادر محلية، أن الاعتقالات شملت الشاب (علي بديع فياض) في 5 من الشهر الحالي، عند وصوله إلى مسقط رأسه ببلدة رأس العين بالقرب من مدينة يبرود في القلمون الغربي، كما شملت الشاب (مجد مأمون طفيلية) الأسبوع الفائت، في بلدة جراجير في القلمون الغربي، ليتم سوقه إلى مفرزة الأمن العسكري دون أسباب واضحة حول اعتقاله.
لكن اللافت في الانتهاكات الجديدة، إطلاق سراح الشاب مجد من سجون الميليشيا بعد دفع مبلغ قدره (60 ألف دولار) لضباط الميليشيا عبر وسيط محلي وهو أحد المسؤولين المقربين من الميليشيا، وأحد كبار تجار المخدرات ويدعى (أبو عباس الفليطي)، إذ أصرت الميليشيا على دفع كامل المبلغ الكبير لقاء إطلاق سراح الشاب مجد من سجونها.
في حين ما زال الشاب علي معتقلاً في سجون الميليشيا، دون تهم أو أسباب واضحة حول اعتقاله، فيما رجحت المصادر المحلية أن تتّبع الميليشيا أسلوب الضغط على ذويه لدفع مبلغ مالي مقابل إطلاق سراحه كما جرى مع نظيره (مجد)، حيث تتبع مخابرات أسد ذلك الأسلوب للحصول على مبالغ ضخمة لإطلاق سراح المعتقلين من سجونها.
وكانت ميليشيا أسد تلقّت مبلغ (90 ألف دولار) مقابل إطلاق أحد السجناء المعتقل بتهمة تجارة السلاح والمخدرات في منطقة وادي بردي المحاذية للقلمون بريف دمشق، خلال الأسابيع الماضية، بحسب مراسلنا في المنطقة.
وعلى صعيد متصل، كثفت ميليشيا أسد ممثلة بـ "الأمن العسكري"، انتشارها الأمني بحواجز على الطرقات الرئيسية وإطلاق حملات اعتقال ومداهمات بمنطقة القلمون الغربي خلال الأسبوعين الماضيين، وبالتوزاي مع عودة قافلتين من اللاجئين السوريين في لبنان.
وأكد مراسلنا أن تلك الحملة مرتبطة بالبحث عن مطلوبين للخدمة الإجبارية في صفوف الميليشيا (التجنيد الإلزامي والاحتياطي)، مع تسجيل أكثر من 15 حالة اعتقال لشبان مطلوبين من بلدات المنطقة، لكنهم ليسوا من قوافل اللاجئين العائدين موخراً.
مسرحية العودة الآمنة
وخلال الأسبوعين الماضيين، عادت دفعتان من اللاجئين السوريين في لبنان إلى ريف دمشق، بعد تضييق ممنهج مارسته سلطات لبنان تجاه اللاجئين لإعادتهم إلى بلادهم بضمانات "مزعومة" رافقت عودتهم، وذلك رغم التحذيرات الدولية والحقوقية من إعادتهم إلى بلادهم المصنفة "غير آمنة".
وبحسب مصادر خاصة فإن معظم السوريين العائدين كانوا يعيشون ظروفاً متردية بمخيمات اللجوء في منطقة عرسال اللبنانية قبل أن يجري الضغط عليهم بشتى الوسائل لدفعهم للعودة، حيث ينحدر معظم اللاجئين العائدين اليوم من مناطق وقرى القلمون الغربي بريف دمشق، وبعض بلدات وقرى ريف حمص، وادّعت حكومة أسد أنها "اتخذت كافة الإجراءات والتسهيلات اللازمة لوصول جميع الأهالي إلى مناطقهم ومنازلهم".
وكانت السلطات اللبنانية قد أعلنت في وقت سابق من الشهر الماضي، أن مديرية الأمن العام وبالتعاون مع حكومة ميليشيا أسد ستبدأ بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم على دفعات، وذلك بموجب خطة وُضِعت سابقاً لإعادة 15 ألف لاجئ شهرياً.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" حذّرت في تموز الماضي من عمليات الإعادة القسرية التي ينوي لبنان تنفيذها بحق اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيه، مؤكدة بالأدلة أنهم سيواجهون خطر التعذيب والاضطهاد.
ولفتت "رايتش ووتش" إلى أن "أي إعادة قسرية للاجئين السوريين ترقى إلى حد انتهاك التزامات لبنان الخاصة بالإعادة القسرية والتي تنصّ على عدم إعادة الأشخاص قسراً إلى بلدان يواجهون فيها خطراً واضحاً بالتعرض للتعذيب أو غيره من الاضطهاد".
التعليقات (1)