صحيفة تكشف 4 خطوات تتبعها روسيا لسرقة الحبوب الأوكرانية

صحيفة تكشف 4 خطوات تتبعها روسيا لسرقة الحبوب الأوكرانية

كشفت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية الطريقة التي تعتمد عليها السلطات الروسية لسرقة الحبوب من المناطق الأوكرانية التي احتلتها في شرق وجنوب البلاد، موضحة أن ذلك يتم عبر 4 خطوات رئيسية.

وأوضحت الصحيفة في تحقيق أجرته أن روسيا تسرق الحبوب الأوكرانية في المناطق المحتلة، وتتاجر بها بشكل غير مشروع، من خلال "عملية معقدة تديرها شركات خاصة وأخرى تابعة للحكومة الروسية".

ويشير التحقيق بالصور والوثائق والأدلة إلى "تورط رجال أعمال ومسؤولين روس في عملية التهريب غير المشروعة، والتي تنطلق من مدينة زابوريجيا الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا"، وفق ما ترجمت "الحرة".

شحنات منهوبة وسرقة على العلن

تقول صحيفة "فاينانشيال تايمز" إن روسيا عيّنت مسؤولين في ربيع العام الجاري لإدارة ملف الحبوب المنهوبة، حيث أسسوا شركة "الحبوب الحكومية"، للتعامل مع أكثر من 1.5 مليون طن من الحبوب المخزنة، وتوقعوا أن الحصاد القادم سيحقق أرباحاً إضافية تصل إلى مليون طن.

وترتبط عملية التهريب برجل الأعمال الروسي، نيكيتا بوسيل، والذي تولى منصب "مشغل الحبوب الحكومي" في الشركة الجديدة التي تديرها الحكومة الروسية، وفقاً للصحيفة.

ونشرت "فاينانشيال تايمز"، عدة مستندات تشمل "فواتير وبيانات شحن وإيصالات وشهادات منشأ"، كاشفة عن المسار الكامل لشحنة من الحبوب "المنهوبة والمهربة" من زابوريجيا.

1- الحصول على الحبوب

تأسست شركة "الحبوب الحكومية الروسية" في 15 أيار/مايو كوكالة "للإدارة العسكرية والمدنية" في زابوريجيا، وذلك لشراء الحبوب من المزارعين المحليين وإعادة بيعها للتصدير.

ومنذ الادعاء بضم المنظقة كجزء من روسيا في 30 أيلول/سبتمبر، بدأ مشغل الحبوب الحكومي في الإعلان على قنوات التواصل الاجتماعي المحلية، ودعا المزارعين إلى "التعاون" من خلال بيع الحبوب عبر نقاط الإنزال بسعر محدد.

وفي شريط فيديو ترويجي أُرسل إلى المزارعين المحليين، يقف "بوسيل" أمام قطار روسي مليء بالحبوب المحلية، معلناً عن "دعم المزارعين للعثور على مشترين في روسيا وسوريا وتركيا وإيران".

وأكد مالكو ومديرو الأعمال الزراعية الأوكرانيون الذين فروا من زابوريجيا، أن "مشغل الحبوب التابع للدولة يعيد بيع الحبوب المسروقة من مستودعاتهم أو يتم حصادها من الحقول التي كانوا يمتلكونها سابقاً"، حسب ما ذكروه لـ"فاينانشيال تايمز".

وتنشر الشركة أسبوعياً قوائم الأسعار التي تشتري بها المنتجات الزراعية من المزارعين المحليين، وفق الصحيفة.

وفي آب/أغسطس، قالت الحكومة المحلية إن "المنطقة كانت تصدّر حوالي 5000 طن من الحبوب يومياً عن طريق السكك الحديدية وحوالي 1500-2000 طن عن طريق البر".

ومن المرجح أن يتم شحن الكثير عبر الموانئ في شبه جزيرة القرم المجاورة، والتي ضمتها روسيا من أوكرانيا عام 2014.

2- العثور على سفينة

ولبيع البضائع، يحتاج مشغل الحبوب التابع للدولة الروسية لنقلها إلى الخارج، وتزور بعض السفن مثل "باول" التي ترفع علم نظام الأسد الموانئ الأوكرانية المحتلة بشكل متكرر، وتنقل الشحنات مباشرة إلى سوريا، حسب "فاينانشيال تايمز".

3-  إخفاء أصل الحبوب

وتتبعت الصحيفة مسار سفينة "بأول"، وفي 31 تموز/يوليو وصلت إلى مضيق كيرتش في شبه جزيرة القرم، وفي وقت مبكر من مساء 10 آب/أغسطس، اختفت السفينة عن الرادارات.

وعادت "بأول" للظهور في 15 أغسطس، واطلعت "فاينانشيال تايمز" على أوراق تؤكّد أن "السفينة كانت مليئة بالحبوب في "بيرديانسك" قبل أن تعود إلى مضيق كيرتش.

و"بيرديانسك" مدينة ساحلية تقع على الساحل الشمالي لبحر آزوف في مقاطعة زابوريجيا المحتلة بأوكرانيا.

وتم تحميل السفينة بالبضائع في مضيق كيرتش، وفقاً للوثائق التي حصلت عليها الصحيفة.

وحسب الوثائق، لم يكن ميناء مغادرة السفينة "بيرديانسك" الأوكراني المحتل، ولكن ميناء "كافكاز" وهو مركز روسي يُشتهر الآن بغسل عمليات نقل الحبوب غير المشروعة من أوكرانيا، وفقاً للصحيفة.

وبالنسبة لشحنة "بأول" كان لشركة Geos الروسية دور رئيسي في تسهيل عملية التهريب، وأظهرت السجلات أن مالك الشركة رجل الأعمال الروسي، إيغور بوزيدييف، عمل في تجارة الحبوب في المنطقة وخارج شبه جزيرة القرم المحتلة لسنوات عديدة.

وفي تصريحات لـ"فاينانشيال تايمز"، يقر بأن عمله كان نقل الحبوب في "بأول" لكنه ينفي بشكل قاطع أن الحبوب جاءت من أوكرانيا المحتلة، ووصف أي وثائق تظهر خلاف ذلك بأنها "مزيفة".

وحسب حديثه فهو يمتلك مستندات تؤكد أن "هذه الحبوب ليس لها علاقة بأوكرانيا"، لكنه رفض مشاركة أي من هذه الوثائق.

4- البحث عن المشتري

في أوائل آب/أغسطس، في نفس الوقت الذي كانت فيه سفينة "بأول" موجودة حول مضيق كيرتش، تلقى رجل الأعمال  الأذربيجاني، أكبر أسجاروف، مكالمة هاتفية من زميل لصديق قديم.

ويمتلك رجل الأعمال شركة إنشاءات مقرها إسطنبول تُسمى ولم يكن لديه خبرة في تجارة الحبوب.

لكن المتصل، الذي كان من Geos، اقترح عليه "أخذ شحنة بأول والعثور على مشترين لها في تركيا"، حسب الصحيفة.

وفي تصريحات للصحيفة يقول: "اتصلوا بي وقالوا لدينا هذه البضائع من روسيا من نوفوروسيسك (ميناء روسي كبير على البحر الأسود)".

وفي 3 أيلول/سبتمبر، وصلت "بأول" إلى ميناء سامسون الواقع على ساحل البحر الأسود في تركيا، وأكد أسجاروف أنه وجد "مشتر مستعد لدفع 380 دولاراً للطن مقابل القمح"، لكن بعد انخفاض أسعار القمح في تركيا انسحب الزبون.

ولم تبقى "بأول" طويلا في سامسون، بعد محاولة البيع الفاشلة، وتحركت إلى مدينة تركية ساحلية صغيرة تسمى سينوب. 

في 10 سبتمبر، التقط يورك إيشيك، الذي يدير شركة الاستشارات البحرية Bosphorus Observer، صورة للسفينة وهي ترسو على بعد أميال قليلة من ساحل سينوب.

ثم أوقفت السفينة أنظمة الإشارات واختفت مرة أخرى قبل أن تظهر بعد بضعة أسابيع في شرق البحر الأسود، بعد "بيع شحنة الحبوب".

الوجهة النهائية

استطاعت "فاينانشيال تايمز" تتبع مسار الشحنة، التي يبدو أن وجهتها النهائية كانت ميناء هوبا شرقي تركيا بالقرب من الحدود الجورجية في 26 سبتمبر.

وحددت الصحيفة مواصفات سفينة تتطابق مع أبعاد "باول" ونظام الألوان المميز في الميناء في ذلك اليوم، وبعد أيام قليلة من ذلك نشرت سلطات الميناء صورة للسفينة "راسية عند مصعد الحبوب في هوبا".

وعلقت روسيا يوم السبت مشاركتها في اتفاق الحبوب الذي ترعاه الأمم المتحدة "لأجل غير مسمى" بعد ما قالت إنه هجوم أوكراني كبير بطائرات مسيرة على أسطولها في البحر الأسود عند شبه جزيرة القرم.

من المرجح أن يؤدي انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب، إلى التأثير سلباً على الشحنات التي تصل لدول تعتمد على الاستيراد بما قد يدفع أزمة غذاء عالمية لمزيد من الاحتدام والأسعار لمزيد من الارتفاع.

ولم تتحرك أي سفن بموجب الممر البحري الإنساني الأحد. لكن الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا واصلت تطبيق اتفاق الحبوب في البحر الأسود واتفقت على خطة لتنقل 16 سفينة اليوم الاثنين على الرغم من انسحاب روسيا.

ومن المرجح أن تتأثر أيضاً صادرات الذرة الأوكرانية لأوروبا للشهر المقبل سلباً.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات