هجوم المرقد في أربعينية مهسا أميني.. داعش عند الطلب أم فرصة سانحة؟

هجوم المرقد في أربعينية مهسا أميني.. داعش عند الطلب أم فرصة سانحة؟

مع تصاعد الاحتجاجات في الشارع الإيراني، ومع مرور 40 يوماً على ذكرى مقتل الشابة "مهسا أميني" التي أشعلت الحراك، كان لا بد - من وجهة نظر مراقبين- من استدعاء شمّاعة "الإرهاب" لتخويف الشارع الإيراني وخلط الأوراق أولاً، وتبريراً للقمع الوحشي الذي تنتهجه سلطات البلاد مع المتظاهرين ثانياً.

وفي غمرة هذا الوضع المتأزم، يُطل تنظيم (داعش) للمرة الأولى منذ عمليته الأخيرة التي نفّذها في إيران صيف العام 2017، عندما تم الهجوم على مبنى مجلس الشورى وضريح الخميني في طهران، مجدداً في الساحة الإيرانية، ليعلن تبنّي الهجوم المسلّح الدامي الذي استهدف مرقداً دينياً في مدينة شيراز بجنوب البلاد، الأربعاء.

على الفور، تلقّف رموز النظام الإيراني من المرشد علي خامنئي إلى الرئيس إبراهيم رئيسي، وقائد ميليشيا الحرس الثوري حسين سلامي، وصولاً إلى متزعم ميليشيا "حزب الله" اللبنانية حسن نصر الله، إعلان داعش، وخرجوا بتصريحات كان قاسمها المشترك دعوة الإيرانيين للتوحّد في مواجهة "الفكر التكفيري" والتصدي للمؤامرات الخارجية التي تُدبرها الولايات المتحدة (الشيطان الأكبر) وأذرعها في المنطقة.

داعش عند الطلب

وليس مصادفة، كما يرى مدير المكتب الإعلامي  لـ"حركة النضال العربي لتحرير الأحواز" ناصر عزيز، أن يتزامن استهداف مزار "شاه جراغ" مع أربعينية الشابة مهسا أميني، لأن المناسبة تُشعر النظام الإيراني بالهلع، بعد فشله في قمع الاحتجاجات، رغم العنف المفرط.

ويضيف لـ"أورينت نت" أن "نظام إيران بعد أن عجز عن قمع الانتفاضة، بدأ بالعزف على أسطوانة العدو الخارجي، وهو اعتاد على هذا الأسلوب، ففي العام 2018 عندما عجز النظام عن قمع انتفاضة الأحواز، شغل الشارع بحادثة حرق مقهى النورس في الأحواز العاصمة، وهي الحادثة التي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والجرحى".

ويقول عزيز، إن نظام إيران اعتاد بمجرد الدخول في أزمة داخلية على استدعاء أو خلق العدو الخارجي، مضيفاً: "وداعش عند الطلب"، إذ يكفي أن تُعطى الأوامر لقيادات الظل في التنظيم حتى يتم الإعلان عن تبني الهجوم، ظناً منه أن التفجير يساعده على احتواء انتفاضة الشارع الإيراني.

وحسب المسؤول الإعلامي في الحركة الأحوازية، فإن أكاذيب نظام إيران لم تعد مسموعة وهي مكشوفة من قبل الشارع، مؤكداً أن "كل الشعوب والقوميات في ما يُسمى بـ(إيران) باتت مقتنعة بكذب النظام، وحتى من قبل أبناء القومية الفارسية".

وهنا أشار عزيز إلى استخدام نظام إيران ذريعة "الأضرحة" لتبرير التدخل في سوريا، قائلاً: "هي تجارة رابحة كما يبدو لنظام إيران، رغم أنها باتت مكشوفة، ولم يعد نظام إيران يستطيع وأد الانتفاضة، بعد أن انخرط فيها كل أطياف الشعب".

وفي حين لا تزال طبيعة علاقات داعش غير واضحة بالأطراف الإقليمية والدولية، تُثار مداولات عن ارتباط إيران بالتنظيمات الإرهابية، وخاصة أن طهران كانت المستفيد الأكبر منها، باعتراف نظام إيران ذاته، حيث قال القائد السابق لميليشيا "الحرس الثوري" محمد علي جعفري في العام 2017، إن "ظهور داعش ساهم في تعزيز سطوة إيران على سوريا والعراق عبر الميليشيات المختلفة التي تم نشرها، وكلما توسعت داعش كان ذلك في صالحنا فنحن الوحيدون القادرون على كبح جماح داعش وتخليص الأراضي منها".

في المقابل، ترى أوساط أخرى أن استفادة إيران من وجود داعش لا تعني بالضرورة أنها المدبّرة للهجوم، ومنهم الخبير في شؤون الجماعات الجهادية حسن أبو هنية.

التنظيم يستفيد من الأزمات

وحول تداعيات الهجوم الأخير وتوقيته، يرى أبو هنية في حديثه لـ"أورينت نت" أن "تنظيم داعش يبرع في استثمار الأزمات، وبالعموم فإن الحركات الثورية تستغل الأزمات ولا تخلقها".

ويضيف الخبير أن تنظيم داعش وجد في ما يجري داخل إيران فرصة للتنظيم وتعبئة الغاضبين على النظام، وهذه الفرصة لا تتوافر في حالة السلم، معتبراً أن "الاحتجاجات تشغل وتستنزف النظام، وهذا يعني أن توقيت الهجوم مرتبط بالقدرة التشغيلية للتنظيم ومجال التجنيد وإمكانية تنفيذ عمليات في ظل انشغال الأمن بقمع الاحتجاجات".

وأبعد من ذلك، يعتقد أبو هنية، أن العملية لا تخدم نظام إيران، "بل تُظهر ضعفه وتبعث رسالة مشجّعة للمحتجين، بأن التنظيم يستعرض قوته أمام المتظاهرين السلميين وقد يشجّع أقليات وحركات أخرى على التمرد مثل البلوش والأكراد".

ويشاطر أبو هنية في الرأي، الباحث في شؤون الجماعات الجهادية خليل المقداد، الذي يقول لـ"أورينت نت": "إن التنظيم كان يتحيّن الفرصة للانقضاض على إيران، والأحداث الأخيرة أدت إلى ضعف القبضة الأمنية الإيرانية، ولهذا جاء توقيت هذا الهجوم"، مؤكداً أن "التنظيم استغل ثغرة انشغال أذرع نظام إيران بقمع الاحتجاجات".

الكأس نفسها

وتتجرع إيران الآن السمّ من نفس الكأس الذي استخدمته في العراق وسوريا، موضحاً أن "إيران التي زرعت الفوضى والخراب والقتل والتهجير في العديد من دول المنطقة، لا يمكن أن تنجو بفعلتها".

وتابع المقداد: "رغم أن التنظيم يركّز على قتال قائمة الأعداء، وهو غير مهتم بكل التحليلات عن المستفيد من العمليات التي ينفذها، فإن نظام إيران حاول توظيف الهجوم لصالحه، وهذا ما يمكن تلمسه من دعوة المرشد الأعلى خامنئي الإيرانيين إلى التوحد".

ويستدرك بقوله: "لكن يبدو أن الشارع الإيراني لم يعد مبالياً بتصريحات رموز النظام، وحتى بكل المزارات الدينية، لأن غالبية الذين ثاروا هم من غير المتدينين، ومن المنادين بخلع الحجاب". كما رجّح انخراط حركات أخرى في مقاومة نظام إيران، وتحديداً من أبناء القوميات المضطهدة. 

ويمكن وفق قراءات أخرى، أن يُقدِم نظام إيران في حال اشتداد أزمته الداخلية، على تصديرها لساحات خارجية جديدة، مثل دول الخليج العربي القريبة منه.

التعليقات (1)

    Ahmad

    ·منذ سنة 5 أشهر
    سيناريو محروق تمثيلية فاشلة لإجهاض الحراك الشعبي في إيران.الدواعش يد طواغيت الأرض للقضاء على أي ثورة تحصل.فيدأون بقتل الثوار ويستدعون أهل الأرض للقضاء عيها.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات