سلاح ذو حدّين: حقوق الملكية تهدد الناشطين.. فهل يضيع أرشيف الثورة؟

سلاح ذو حدّين: حقوق الملكية تهدد الناشطين.. فهل يضيع أرشيف الثورة؟

يعرب مجموعة من نشطاء الثورة السورية عن انزعاجهم من إشعارات تأتيهم على حساباتهم الشخصية أو العامة في تطبيقات يوتيوب أو فيسبوك تخبرهم بأنَّ التسجيل المصور (الفيديو) المنشور لديهم هو من حق وكالة إخبارية ما، ويتوجب عليهم خيارات، منها حذفه من عندهم رغم ملكيتهم له أو ملكيته العامة.

وتُمكّن خاصية تسجيل ملكية المحتوى أيّ جهة من استملاك الفيديو لمجرد أنَّها أول جهة لديها حقوق ملكية نشرته، وبالمقابل لا يوجد ملكية سابقة له، ما يجعل هذه الخاصية تحفظ حقوقاً على حساب ضياع حقوق أخرى أصلية، لا سيّما فيديوهات الثورة العامة التي نشرها ناشطون أغلبهم استشهدوا ومتداولة منذ سنوات.

مخاوف باتت تراود الناشطين على ضياع أرشيف الثورة في حال استمرت سرقة محتوى الملكية بناء على تسجيل الوكالة الإخبارية لحقوقها الخاصة، ومنهم تامر تركماني، مدير مؤسسة "أرشيف الثورة السورية" الذي بدأ يعاني من هذه المشكلة منذ حوالي ثلاثة أشهر.

يقول لـ"أورينت نت": عندما يأتيني إشعار على "فيسبوك" بأنَّ ملكية بعض الفيديوهات من مظاهرات وأحداث تابعة للثورة، "خاصّة لجهة معينة"، أكون أمام ثلاثة خيارات "يجب حذفه من عندي أو يتم وضع إشارة تحت الفيديو أنَّه تابع لتلك الجهة، أو تقديم نزاع تضع فيه دليلاً لملكية الفيديو". لافتاً إلى أنَّه ربح أكثر من نزاع وأزالت الجهة المستملكة للفيديو هذه الخاصية ومنها تسجيل لرامي مخلوف في العام 2020.

مخاوف من هدر حقوق فيديوهات الثورة

من المؤسف أن يضيع حقّ المصوّر مع الزمن خاصة لمن استشهد من الإعلاميين، فلا يحق لمؤسسات إعلامية نشأت بعد تصوير الفيديو بسنوات أن تستملكه لمجرد حيازتها لتراخيص من فيسبوك أو يوتيوب، ويرى تركماني، أنَّ هذه الفيديوهات ستكون ملكهم يوماً ما لمجرد وضعهم جزءاً من الفيديو ربَّما لا يتجاوز عشر ثوانٍ في فيديوغراف خاص بهم. وفق قوله.

وفي ذات السياق، يعتبر الصحفي، عهد الصليبي، أنَّ استملاك حقوق الفيديو العام هو "سرقة واضحة" تضاف لسياسة فيسبوك بالتعامل مع نشطاء الثورة السورية بعد حذفه لآلاف الحسابات، ووضعه خوارزمية المصطلحات التي تُضيّق على الناشطين.

وتأتي خطورة حصر الحقوق العامة لجهة خاصة، بأنَّ هذه الجهات يوماً ما ستستولي على فيديوهات كثيرة هي بالأساس ليست ملكها، كما يقول الصليبي لـ"أورينت نت" متحدثاً عن تجربته قبل أيام أنه تفاجأ بإشعار من فيسبوك يخبره بوجوب حذف مقطع للشهيد عبد الباسط الساروت نشره على صفحته العامة عام 2019 وهو عام متداول، وذلك لأنَّ حقوق ملكيته باتت لوكالة "ستيب الإخبارية".

ويضيف، أنَّه طرح المشكلة بمنشور على صفحته الشخصية، حيث أخبره أصدقاء عن انتهاك مماثل تعرضوا له. لذلك الحدّ من هذه المشكلة، حسب الصليبي، يكون بـ"الضغط على هذه المؤسسات الإعلامية المحسوبة على المعارضة السورية لإلغاء ملكية الفيديوهات العامة، وعدم التساهل بتقديم النزاع لاسترجاعه". 

من المتضررين أيضاً من هذا النهج، الصحفي عابد ملحم، الذي تلقّى أكثر من إشعار حول فيديوهات نشرها على صفحته الشخصية أو العامة في "فيسبوك"، لعلّ أبرزها الفيديو الأول الذي نشره رامي مخلوف على صفحته الخاصة حول شركة سيرتيل. مؤكداً لـ"أورينت نت"، أنَّه بعد استغرابه استفسر عن الأمر وتبيّن أنَّه "تقني بحت".

وأردف، أنَّ الوكالة (ستيب) التي استملكت ذلك الفيديو، قامت بحماية المحتوى الخاص بها، وأنجزت تقارير عن فيديو رامي مخلوف والشهيد الساروت وغيرهم، لذلك "فيسبوك" اعتبر أنَّ جميع محتواها بما فيها الفيديوهات التي لا تمتلكها أصلاً "قد حميت بموجب قانون حماية الملكية".

وعن فيديوهات الثورة، لا يعتقد ملحم، بأنَّ هناك خطراً عليها، فهي موثقة ومخزنة على كثير من المنصات، وفي أجهزة الناشطين والإعلاميين، لكن يبقى الخوف عندما لا يكون هناك إجراء مقابل لإشعارات "فيسبوك" وهو تقديم اعتراض على دعوى ملكية المقطع لأيّ جهة.

أمّا المقاطع العامة فلا تتبع ملكيتها لأيّ شخص كونها وثقت أحداث الثورة وتداولها الجميع، أمَّا بالنسبة لسياسة حقوق الملكية في فيسبوك فهي ليست جديدة، إنّما من جديد بدأت الجهات والوسائل الإعلامية العربية بتطبيقها والاستفادة منها من أجل حماية حقوقها. وفقاً لقوله.

هذا الإجراء يعرقل العمل لصنّاع المحتوى، إذ يواجه عمل الإعلامي، سعد جمعة، صعوبات في مونتاج الفيديو، قائلاً لـ"أورينت نت": "اضطررت لتعديل عدة مواد بسبب ورود إشعار ملكية جزء من الفيديو لوكالة ما، وربّما أتعرّض للحظر بسبب استخدام فيديو تعود ملكيته لجهة ما، علماً أنَّ الفيديو الأساسي ذو نطاق عام ومن قام بتصويره ونشره لم يقم بوضع حقوق عليه".

ويضيف: "أقوم بتقديم طعن للفيسبوك من خلال نافذة في الإشعار المقدّم وأنتظر الرد من الجهة التي تعود ملكية الفيديو لها، ففي بعض الحالات لم أتلقَ أيّ رد من بعض الجهات كوكالة ستيب التي استحوذت على الكثير من الفيديوهات في أرشيف الثورة السورية خاصة الساروت ومقاطع معارك الثوار".

ويعيق هذا الإجراء إنتاج مواد تخصّ الثورة السورية أو شخصيات ثورية وعدم القدرة على استخدام أو نشر هذه الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، حسب جمعة، مشيراً إلى جهات إعلامية ردت على الدعوة من خلال التواصل المباشر كصحيفة "عنب بلدي" التي أزالت ملكيتها عن مقطع "الشهيد أبو فرات".

تضرر محتوى قناة يوتيوب 

إجراءات الملكية تكون على كافة منصات التواصل الاجتماعي، ومنها يوتيوب، ويقول الإعلامي طارق بدرخان، مسؤول عن قناة "تنسيقية الخالدية في حمص"، لـ"أورينت نت": إنَّ القناة تتعرض لهجوم مستمر بالتبليغ على المحتوى أو إزالة بعض منه، أو مطالبة جهة ما بحقوق الملكية.

ويردف، كلّ فترة يصلنا إشعار بأنَّ إحدى القنوات طالبت بملكية فيديو، وخصوصاً للشهيد الساروت، علماً أنَّ القناة هي صاحبة التصوير، ومن بين هذه القنوات قناة اسمها "CD Baby"، معتبراً مطالبة أيّ قناة بملكية فيديو من تصويرهم، "احتيالاً ربّما الهدف منه جني أرباح لمصلحة شخصية".

ويشدّد بدرخان، على أنَّ الهدف الأساسي من الفيديوهات التي صوّرها ناشطو الثورة هو توثيق إجرام ميليشات أسد، ومن حق أيّ شخص استخدامها فهي متاحة للجميع، لكن من غير المقبول سرقتها ونسبتها لأيّ جهة.

ويوضح أنَّ قناة التنسيقية تحوي نحو 3200 مقطع، كتوثيق لأحداث الثورة في حمص منذ بدايتها عام 2011 ما بين المظاهرات السلمية وانتهاكات نظام الأسد وجرائمه ومجازره، سواء القتل الميداني أو القصف، وأحداث حصار حمص الشهير الذي استمر لعامين (من 2012 إلى 2014)، إضافة لتسجيل أناشيد الثورة وخاصة للشهيد الساروت.

ويعرب بدرخان، عن مخاوفه من أن يصل الأمر لإغلاق إدارة يوتيوب للقناة التي تحوي فيديوهات لأبرز محطات الثورة في حمص بسبب كثرة التبليغات وسرقة المحتوى، مطالباً الجهات الإعلامية بأن تكف عن هذا الإجراء، فالفيديوهات ملكيتها لأبناء الثورة وليست ملكاً لأيّ شخص كان أو جهة.

كيف تحفظ حقوقك؟

فادي السعدي، مختص بحلّ مشاكل مواقع التواصل الاجتماعي يوضح لـ"أورينت نت"، أنَّ أيّ صفحة على فيسبوك عندما تسجّل حقوق ملكية المحتوى، يتم تلقائياً حفظ ملكية منشوراتها، لذلك عندما تستخدم جزءاً من فيديو أو فيديو كامل سيعطيها الفيس ملكيته في حال لم يكن صاحبه الأساسي مسجّلاً على خاصية حقوق ملكية المحتوى، لذلك يواجه الأشخاص هذه المشكلة بسبب عدم تسجيل حقوق المحتوى.

وهي خاصية تنطبق على كلّ مشتركي فيسبوك، مثالاً، قناة "سكاي نيوز" نشرت فيديو منذ ست سنوات على صفحتها، وبعدها وكالة أخرى نشرت الفيديو وسجلت حقوق الملكية لذلك الفيديو رغم أنَّه يعود للقناة، وهذه الحقوق لديها مراجعة تلقائية للمعلومات في الصفحة المسجلة، وفق قول السعدي، مستدركاً أنَّ لكلّ مشكلة حل، فأصحاب المحتوى هم الأحقّ بملكيته.

شروط حقوق الملكية:

-         توثيق مدير الأعمال (متجر شامل لإدارة كل أنشطة التسويق والإعلانات على فيسبوك وانستغرام. لقد تم تصميمه للأنشطة التجارية بمختلف أحجامها).

-         إضافة الصفحة على مدير الأعمال.

-         تسجيل وتوثيق الموقع الإلكتروني.

-         تسجيل الصحفيين وتوثيقهم في فيسبوك.

-         عدم وجود انتهاكات بالصفحة.

وبعد توثيق الحساب التجاري، يجب عليك التسجيل بملكية حقوق المحتوى لكي تحفظ ملكية محتوى صفحتك، كما يقول السعدي، كذلك الأمر لحفظ حقوق ملكية الفيديوهات على تطبيق يوتيوب يتم إضافة المختص كمشرف وهو يراجع القيود ومن ثم يتابع إجراءات حقوق الملكية.

ويشير السعدي، إلى أنَّ المقام يضيق هنا لشرح إجراءات الملكية على تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك فروقات بين كلّ تطبيق وآخر، فالإجراءات في "يوتيوب" أسهل وأفضل من "فيسبوك"، لأنَّ الدعم الفني لنظام "فيسبوك" يهتم بالإعلانات بشكل أكبر عبر البرمجة، وإنَّ لكلّ فيديو أو صورة رمزاً خاصاً يتم من خلاله كشف صاحب المحتوى الأساسي حتى لو تم تغطية اللوغو إن وجد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات