عودة الابن الضال "حماس"

عودة الابن الضال "حماس"

تمثّل عودة حركة حماس إلى حضن الأسد ومحور المقاومة المزعوم انعطافاً هاماً في تاريخ المنطقة ككل، فنحن أمام ظاهرة غريبة تستحق الدراسة؛ فعادة  يكون تشكيل تحالف ما مسألة تتعلق بالمواقف الأيديولوجية للحركات والأحزاب، ونادراً ما تجتمع الأحزاب ذات الأيديولوجيات المتعارضة، ومع ذلك فإن للسياسة معايير تختلف عن النظم الأخلاقية التي تأخذ بعين الاعتبار القاعدة الشعبية التي تستند إليها تلك الحركات والأحزاب، إلّا أنّ هذا التحول في موقف حركة حماس الذي تجلّى في زيارة مسؤوليها إلى قلب النظام الطائفي ورأس هرمه بشار الأسد تجعل تفسيرها مسألة عويصة بقدر ما هي مثيرة للاهتمام، وفي كثير من الأحيان، يحدث ما لا يمكن تصوره حول تجاوز الأخلاقيات السياسية  لحادث ما أو لضرورة مرحلية ما، لكن التحول الآن في حركة حماس يتجاوز الأخلاقيات السياسية والمنطقية وحتى الحجج الواهية من البراغماتية المفرطة في ذواتها.

فهل يعني ذلك أن الحركة تقر بأن الشعب السوري المنتفض في وجه أجهزة القمع كانت إرهابية؟! هل تؤيد حماس المجازر المرتكبة في حق السنّة؟ هل تؤيد الضربات الكيماوية وهدم المدن العريقة وحملات الاعتقالات التعسفية وحفلات التعذيب والتهجير الجماعي القسري ذات المنشأ الطائفي؟!

ما الذي يدفع حركة حماس إلى التراجع عن موقفها الذي أعلنته منذ اندلاع الثورة السورية في وجه نظام القمع آنذاك؟ ما هي المعايير التي تغيّرت وقلبت مفاهيم وموازيين الحركة؟ وما الذي ترتجيه هذه العودة من محور أثبتت أفعاله ومواقفه ومهادنته للكيان الإسرائيلي العدو الافتراضي زيف ادعاءاته؟

 أما على الصعيد الأخلاقي فلنتحدث عن انتهاكات النظام السوري ضد الفلسطينيين ولنتناول آخر ما استجد من اعتداء صارخ وواضح تجلى في مشهد مجزرة التضامن الواقعة في حي التضامن، هذا الحي الذي أطلق عليه هذا الاسم كنوعٍ من التضامن مع الإخوة الأشقاء النازحين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، لنقف قليلاً عند هذه المجزرة والتي راح ضحيتها كثيرٌ من الأشقاء الفلسطينيين الأبرياء لأسباب طائفية، بعد أن تم قتلهم بدم بارد لأجل التشفّي بهم، في تلك المقتلة البشعة،  والسؤال الأخلاقي لقادة حماس تحديداً؛ لو أن "أمجد يوسف" مرتكب المجزرة كان إسرائيلياً ماذا سيكون موقفكم؟! لماذا هذا الصمت المريب حول تلك المجزرة؟، ولماذا يتم الصمت عن الإخوة الفلسطينيين المغيّبين قسرياً في سجون النظام السوري؟

 ولو تجاوزنا الجانب الأخلاقي سنسأل: ما هي الضرورة الملحّة الكامنة وراء تلك العودة لحماس إلى حضن نظام طائفيّ مجرم قد ارتهن للملالي في إيران؟

وما هي الاعتبارات المعيارية التي قد توجِّه هذه العلاقات؟ وعلى أي أسس يمكن للقواسم والأهداف المتباينة أن تتوصل إلى قضية مشتركة؟ وما هي المعايير التي ينبغي الالتزام بها؟ تلك الانعطافة تطرح كوكبة من الأسئلة يمكن تلخيصها كلّها باقتراف الحركة لحماقة تاريخية. 

ولو تحدّثنا عن موضوع أخلاقيات التحالف السياسي سنجده غير مدروس بشكل كاف على طاولة علم السياسة والتي تتناول فيه حول معايير الخصومة من ناحية، والروابط الحزبية من ناحية أخرى، لكن في تحالف حماس مع محور المقاومة وتحديداً مع نظام الأسد، لا شك أنها تجاوزت كافة الأخلاق السياسية، ومن الواضح أن حركة حماس لا تقيم وزناً للشعب الفلسطيني الذي يؤمن بمبادئها التحريرية التي تشكل حالة من الدفاع عن النفس كما هو الحال في غزة، لكن هذه العودة تشكل انعطافة تاريخية تهدّد مكانة وجوهر القضية ٩الفلسطينية. 

تعود حماس إلى وضعها الطبيعي بعد شرودها عن نظام الإجرام الطائفي الذي كان يحمل شعار المقاومة وتحرير القدس! فما أثر ذلك على القضية الفلسطينية؟

 ثمة صراع يشبه مرض الدوار الدهليزي في القضية الفلسطينية؛ برز ذلك في التباين والاختلاف بين الفلسطينيين أنفسهم في حرب 1967 مع التركيز على الحركة الوطنية الفلسطينية التي تتمثل حجتها الرئيسية في أن الانزلاق إلى الحرب لم يكن دافعه فقط الصراع بين إسرائيل والدول العربية؛ وإنّما هو صراع متعدد الأوجه بين الفلسطينيين والعرب للسيطرة على التعبئة من أجل القضية الفلسطينية، تم تحديد هذا الصراع من خلال ثلاثة مجالات متداخلة من الخلاف: الصراع بين الدول العربية، وبين الفلسطينيين والدول العربية، وبين الفلسطينيين أنفسهم. خلال السنوات التي سبقت الحرب، قدمت الجماعات الفلسطينية، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح ادّعاءات متنافسة لتكون الممثّل الشرعي للشعب الفلسطيني وتطلعاته، ومع ذلك كان تنافسهم شهادة على الانقسام بينهم تحت ظروف الدول المفترض أنها تدعم القضية الفلسطينية، وأبرز تلك الانقسامات الكبرى التي تصل حد الاقتتال داخل الأراضي الفلسطينية أو في بعض البلاد المجاورة كلبنان، وأظهرت كذلك التباين بين  النضال الوطني الفلسطيني ونضال الحكومات العربية نظرياً، والذي نجم عنه تطوير مفاهيمهم الخاصة عن القومية الفلسطينية. 

وقد أدركت كثير من القيادات الفلسطينية عدم جدوى الاتكال على الحكومات العربية فهؤلاء القادة هم أنفسهم  يتنافسون على المكانة والأمن في السياسة الإقليمية، تذرعوا بالقضية الفلسطينية كمبرر لمحاولات إملاء أو تقييد أو التدخل في التعبئة الفلسطينية والتي لا تغيب في خطابات القادة والزعماء السياسيين عن القضية الفلسطينية مثل؛ حافظ الأسد، التي جعلها حجته القوية في فرض قانون الطوارئ والتغاضي عن مسألة الديمقراطيات ونهب البلاد بطريقة ميكافيلية مفضوحة، وهكذا وضع القادة الفلسطينيون الطموحون، أنفسهم في مصفوفة من الفرص والقيود التي أنشأتها مصالح الدول العربية المتنافسة؛ فالجميع يشد لحاف القضية الفلسطينية إلى طرفه، ومن هنا شرعت تلك الحوادث والانتماءات للخارج في المتاجرة بالقضية الفلسطينية، حتى لو كانت على حساب شعور الفلسطينيين، لقد أثرت حصيلة هذا الصراع على الإستراتيجيات التي اتبعها القادة الفلسطينيون، لكن أن يصل الحال إلى هذا الدرك من الانحطاط الأخلاقي والسياسي على يد حماس بعودتها الصريحة والواضحة إلى حضن النظام المجرم والذي بات من أعتى الأنظمة إجراماً على المستوى العالمي، لا شك أنها نكسة جديدة للقضية الفلسطينية، وستكون لطخة تاريخية تؤّثر على الأجيال القادمة، ولن تزول على الأمد البعيد.

ومن هنا تستنسخ حماس إستراتيجيتها من هذه الدول التي تلطّت بعباءة التحرير وما هي إلا جماعات مسلحة أو عصابات متطورة هدفها البقاء في السلطة والامتداد لصالح دولة إيران الفارسية متجاوزين مفاهيم الإيديولوجيا والانتماء ودعاوى الديمقراطية والحريات، فهم يناصرون الأنظمة القمعية حتى لو كان ذلك على حساب شعوبهم بل حتى لو كان ضد مصلحة التحرير نفسها. وإلا بماذا نفسر عودة حماس إلى حضن دمشق والانبطاح المفضوح لمحور الممانعة المزعوم؟ أليس هذا اعترافاً ضمنياً ببراءة الأسد من إجرامه، وخيانة مفضوحة للشعب السوري والعربي الحر الشريف؟.

يجب أن يتّعظ مسؤولو حماس مما حدث مع قائد ميليشيا حزب الله حين قلب سلاحه للداخل السوري، مدافعاً ومنافحاً بشدّة عن نظام طائفي مجرم، لكن يُحسب له أن سعيه كان بسبب حالة إيديولوجية طائفية، أما حماس فكانت تقيم مكتبها الخاص في حي التضامن، المشرف على الحفرة ذاتها التي راح ضحيتها فلسطينيون لا ذنب لهم سوى أنهم من السنَّة! 

بذلك التحالف العابر للإيديولوجيا يعود الصبي المشاغب الأرعن إلى حضن الملالي إلى محور المقاومة، هذا المحور المختصّ بتدمير حواضر السنّة على طوله، من أجل تعبيد وتمهيد طريق القدس الذي يمر على جماجم السنَّة تحديداً.

لقد اهتزت القضية الفلسطينية بعد العبث بها، لقد أفسدوها بعد أن خطفها محور المقاومة الذي كشّر عن أنيابه وعن قبحه وطائفيته البغيضة، في سوريا والعراق واليمن، فماذا تبقى من قضية كانت تشكل محور الصراع العربي الإسرائيلي! 

التعليقات (2)

    الفلس

    ·منذ سنة 5 أشهر
    الفلس هو السبب ايها الكاتب لمزيد من المعلومات من المعروف ان الفلسطيني يبيع أمه عشان الفلس فمابالك بقضية اكل الدهر وشرب عليها والكل يتاجر بها فجحا أولى بحماره ... فجميع الانظمة الاستبدادية تتاجر بفلسطين من ايران الارهابية الى عصابات الاسد الاجرامية فلماذا حلال لهم وعلى حماس حرام ؟؟؟

    سوري مُشرد

    ·منذ سنة 5 أشهر
    قيادة حماس الفاسدة و التي اغتنت من وراء المناصب و الفساد المالي حيث يٌقدم لها الدعم المالي الذي فاق الحدود فتحرم الشعب الفلسطيني في غزة من هذه الأموال و تكدسها في حساباتها المصرفية كما أن هذه القيادة نفسها واقعة تحت الإبتزاز الإيراني المجوسي (و أنتم تعرفون ماذا يعني ذلك ) و هكذا تجدون هذه القيادة تبصم بالعشرة لملالي إيران المجوسي الكافر و بشار المجرم النصيري الكافر و تبيع الإسلام وتفتح غزة للتشيع و الكفر و زنا المتعة.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات