بالوثائق والدلائل.. تحقيق يكشف انتهاج ميليشيات أسد وروسيا تكتيكاً لاستهداف الجرحى والمشافي

بالوثائق والدلائل.. تحقيق يكشف انتهاج ميليشيات أسد وروسيا تكتيكاً لاستهداف الجرحى والمشافي

كشف "المركز السوري للعدالة والمساءلة" وثائق ودلائل توثّق تعمُّد ميليشيا أسد وروسيا انتهاج تكتيك الضربات المترادفة، أو ما يُعرف بـ"المزدوجة" للإيقاع بأكبر عدد من المدنيين والكوادر الطبية في المناطق الثائرة.

وقال المركز في تحقيق موسّع إن ميليشيا أسد وحلفاءها، ولا سيما القوات الروسية دأبوا منذ السنوات الأولى لانطلاق الثورة السورية، على شن هجمات منهجية ضد الطواقم والمنشآت الطبية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.

وأضاف أن من الأساليب والتكتيكات التي لجأت إليها ميليشيا أسد وحلفاؤها ضرب هدف معين، قبل أن تُردِفه بالهجوم على منشأة طبية قريبة من موقع الهجوم الأول، بحيث تُضاعِف من حجم الضرر الذي يلحق بأشخاص وأعيان يتمتعون بضمانات الحماية ومنهم المدنيون والمنشآت المدنية، والطواقم والمرافق والمنشآت الطبية والجرحى، والمصابون بأمراض مزمنة (من قبيل مرضى السرطان)، أو أمراض مُعدِية. 

وحدّد المركز إحدى عشرة واقعة تتلاءم مع هذا النمط تُمكّن من تحرّي خمس منها وقعت في قرية سيجر، وغابة الباسل في إدلب، ومشفى الإحسان (مشفى عدي الحسين في سراقب)، ومشفى الشفاء في عفرين، ومشفى وسيم حسينو في كفر تخاريم.

قرية سيجر

في حالة قرية سيجر الواقعة غرب إدلب، توثّق إحدى الوثائق ضربة نفّذتها مدفعية القوات الحكومية ضد من وصفتهم بـ "الإرهابيين" شمال  قرية "مرتين" في الساعة 9:04 حسب التوقيت المحلي من مساء 10 أيلول 2013. ومع تمرير أحد المخبرين معلومة تفيد بأن سيارة إسعاف نقلت المصابين إلى مشفى ميداني يقع في مدرسة في قرية سيجر، حددت الميليشيا موقع هذا المبنى في الساعة 11:39 مساءً لشن هجوم عليه وقتل المصابين من مقاتلي المعارضة إضافة إلى أفراد الطاقم الطبي. وذُيّلت هذه الوثيقة بملاحظة تفيد بأنه سيُتبع هذا التقرير بإرسال واحد آخر يبيّن نتائج هذا الهجوم على المشفى الميداني وهو ما يشير إلى أن ميليشيا أسد كانت مهتمّةً بتطوير هذا التكتيك وشحذِه لاستخدامه مستقبلًا.

غابة الباسل بإدلب

وثائق أخرى صادرة عن فرع الأمن السياسي تصف واقعة أخرى حدثت في الساعة الواحدة بالتوقيت المحلي بعد ظهر يوم 12 تشرين الأول/أكتوبر 2013، حينما استهدفت ميليشيا أسد موقعاً لجماعة معارضة على الطريق الذي يربط سجن إدلب المركزي بالمدينة. 

وبحسب الوثائق تمكنت حينها ميليشيا أسد من تعقب عمليات إسعاف المصابين إلى مشفى ميداني شمال استراحة الحافظ في غابة الباسل. وبعد تحديد المبنى الذي يحوي المشفى الميداني، استهدفته بهجوم أفضى إلى مقتل اثني عشر شخصًا وإصابات أكثر.

وبالنسبة للوقائع الثلاث المتبقية التي استهدف جميعاً مشافي، تقصّى محققو المصادر المفتوحة معلومات جُمعت من منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام وصور الأقمار الصناعية وتسجيل فيديو لتأكيد وقوع تلك الهجمات.

مشفى الإحسان بسراقب 

حدّد فريق المركز مقاطع فيديو توثّق آثار غارتين جويتين مترادفتين استهدفتا مدينة سراقب في محافظة إدلب صباح يوم 29 كانون الثاني/ يناير 2018. تُظهر مقاطع الفيديو التي حددها المركز آثار ضربة جوية على السوق بالإضافة إلى البيئة العمرانية المحيطة به من أكشاك ولوحات إعلانية.

كما يُظهر مقطع فيديو حصل عليها المركز آثار هجوم  لاحق على مشفى الإحسان ويقول خلاله المصور إن بعضاً ممن كانوا يتلقون العلاج في المشفى في تلك الأثناء أُصيبوا في ضربة استهدفت سوق البطاطا، بالإضافة إلى إصابة بعض أفراد الطواقم الطبية في الضربة التي استهدفت المشفى.

وقد أتاح تحليل مقاطع الفيديو من قبل فريق التحقيق أن يحدد توقيت الضربتين، ويثبت أن الضربة التي استهدفت سوق البطاطا وقعت قبل استهداف مشفى الإحسان في الضربة الثانية.

مشفى الشفاء في عفرين

استُهدف مشفى الشفاء في عفرين بمحافظة حلب بضربة في 12 حزيران/ يونيو 2021. تمكن فريق التحقيق من تحديد مقاطع الفيديو ذات الصلة والتي تم رفعها على منصات التواصل الاجتماعي بتاريخ 12 حزيران/ يونيو 2021، وتُظهر وقوع عدة ضربات متزامنة استهدفت مدينة عفرين من مناطق خاضعة لسيطرة ميليشيات قسد وأسد.  

أتاح هذا الفيديو لمحققين استخدام تقنية تحديد توقيت تصوير المقطع، لتحديد أن الضربة وقعت في نحو الساعة 6:00 مساء بالتوقيت المحلي وهو ذات التوقيت الذي أكّدته تقارير الجمعية الطبية السورية الأمريكية "سامز" ومنظمة Airwars. 

في نحو الساعة 7:15 مساء، وقعت الضربة الثانية بقذيفة صاروخية أيضاً وأصابت مبنى المشفى، وقد أظهر عدد من مقاطع الفيديو الآثار الناجمة عن سقوط قذائف على المشفى وهو ما تم التحقق منه من مصادر أخرى ايضاً. 

 مشفى وسيم حسينو بكفر تخاريم

 وفي خامس الوقائع حدد فريق تحقيق المركز عدداً من مقاطع الفيديو التي وثقت آثار غارة جوية بتاريخ 25 نيسان/ أبريل 2017 استهدفت مشفى وسيم حسينو في كفر تخاريم بمحافظة إدلب. وجزم المركز بأن الهجوم وقع عقب غارة جوية أولية استهدفت منطقة الدويلة القريبة.

يُوضح عدد من مقاطع الفيديو آثار الضربة التي استهدفت مشفى وسيم حسينو.  وخلال التسجيل الذي كانت قد نشرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان يؤكد أحد الشهود أن غارات جوية أصابت مكانًا قريبًا من المشفى بحلول الساعة 12:30 بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، وجرى عقب ذلك إخلاء المكان من الجرحى المدنيين إلى مشفى وسيم حسينو الذي استُهدف بغارة يرجح أنها روسية نحو الساعة 2 فجراً.

وأكد التقرير أن نمط الهجمات المترادفة يمثّل أحد محاور مجموعة واسعة من الممارسات تنطوي على استهداف المدنيين والأعيان المدنية من أجل إخضاع المناطق الواقعة خارج سيطرة النظام. 

وأشار إلى أنه سواء أكانت هذه الهجمات المترادفة أو المتتالية، أو الهجمات التي تستهدف الطواقم والمنشآت الطبية بأي شكل من الأشكال، متعمدة أم عشوائية، فهي ترقى جميعاً إلى مستوى انتهاك القانون الدولي الإنساني وقانون الحرب.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات