بحجة اللاجئين.. الروس يستولون على وزارات الأسد واتفاقيات تكشف تحوّل سوريا لمقاطعة روسية

بحجة اللاجئين.. الروس يستولون على وزارات الأسد واتفاقيات تكشف تحوّل سوريا لمقاطعة روسية

تحت عنوان الاجتماع الخامس السوري- الروسي المشترك لمتابعة المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين، انتشرت وفود روسية في معظم الوزارات ومؤسسات النظام في دمشق واللاذقية وحمص، وشرعت بعقد سلسلة اجتماعات مع مسؤولي النظام وتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتعليمية وثقافية وإقامة فعاليات وأنشطة متعددة. 

الوفود الروسية التي يترأّسها الكسندر لافرنتيف المبعوث الرئاسي ضمت غورغي مرادوف نائب رئيس القرم الانفصالية، وناتاليا نيكونوروفا وزيرة خارجية دونيتسك التي ضمّتها روسيا مؤخراً، حيث التقت وزير خارجية النظام فيصل المقداد وجاءت زيارتها إلى دمشق بعد اختتام الروس إشرافهم على برنامج تدريبات عسكرية لفرق النظام الأساسية. 

ومن بين النشاطات التي قامت بها الوفود الروسية كان لافتاً إقامة فعاليتين غير مرتبطتين مباشرة بملف إعادة اللاجئين، الأولى: افتتاح مجمع في مدينة تدمر يحمل اسم: مجمع "الشهيد الملازم الأول الكسندر الكسندروفيتش بروخرينكو الإداري والتربوي"، والثانية إعطاء أهمية لاجتماعات غرفة الحسابات الروسية مع الجهاز المركزي للرقابة المالية والجمارك العامة. 

مجمع بروخرينكو

الملازم الأول بروخرينكو قُتل بغارة روسية في تدمر في العام 2016 بعد أن حاصره عناصر من تنظيم داعش، وطلب في اتصال مع قادته -بحسب الرواية الروسية-  قصف مكانه لكي لا يقع بالأسر، إلا أنه لم يتم تأكيد هذه الرواية من مصادر مُحايدة، ما يعني بقاء موضوع مقتله مفتوحاً على احتمالات بينها أن يكون قُتل بغارة عن طريق الخطأ أو غير ذلك.

وبصرف النظر عن الظروف التي أحاطت بمقتله إلا أن إقامة مجمع باسمه في مدينة تدمر وتسميته بـ"الشهيد" وضمن فعاليات تتعلق بمتابعة مؤتمر إعادة اللاجئين يطرح أسئلة متعددة، ولا سيما أنه يُعد أمراً غير مسبوق في مناطق النظام إذ يحرص على عدم إقحام مؤسسته العسكرية بأسماء لا يختارها، بهدف إعطاء صفة القداسة على تلك المؤسسة من خلال رمزية القتلى.

المحلل السياسي حافظ قرقوط رأى أن روسيا أرادت من خلال افتتاح مجمع بروخرينكو توجيه رسائل سياسية بأن وجودها في سوريا ثابت، وبأنها استطاعت أن تهزم الإرهاب، وإعادة الأمن والأمان وبأنه يمكن إعادة اللاجئين مستغلة رمزية مدينة تدمر التاريخية.

وقال قرقوط إن الديكتاتوريات تعتقد دائماً أنها من خلال فعاليات من هذا القبيل ومن خلال الشعارات والاحتفالات واللقاءات يمكنها التأثير إعلامياً على مسألة إعادة اللاجئين إلى منازلهم التي دمّرتها آلتهم العسكرية، إلا أن العالم يدرك أن هذا نوع من الهرطقة غير المُجدية، مشيراً إلى أنه لا حلّ لمسألة اللاجئين إلا بإنهاء النظام وإيجاد هيكلية قانونية تحمي اللاجئ وتعيد له حقوقه.

التفتيش على "الرقابة المالية والتفتيش"

الجهاز المركزي للرقابة المالية والجمارك العامة كان لهما النصيب الأكبر من الاجتماعات التي عقدها الروس مع مؤسسات النظام المالية والاقتصادية، مع ما لهاتين المؤسستين من علاقة مباشرة بالأموال والجباية، وأيضاً دون أن تذكر وسائل إعلام النظام العلاقة بينها وبين الاجتماع الخامس السوري- الروسي المشترك لمتابعة المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهجرين. 

صحيفة "الوطن" التابعة للنظام اكتفت بالحديث بأن الاجتماعات ركزت على القضايا الخاصة بالعمل الفني والرقابي والتفتيشي بين الجانبين إضافة إلى خطط وإستراتيجيات العمل المشتركة، في حين ناقشت مديرية الجمارك العامة مع الجمارك الروسية الفيدرالية واتحاد غرف التجارة في سوريا سبل تطوير العمل الجمركي بين الجانبين وإقامة مشاريع مشتركة.

المحلل الاقتصادي رضوان الدبس فسّر تلك الاجتماعات بأنها مقدّمة للسيطرة الروسية الكاملة على تلك المؤسسات تحت غطاء رسمي وفّره الاجتماع الخامس وليس كما كان سابقاً من خلال وكلاء، ولم يستبعد الدبس أن يعمل الروس في مرحلة لاحقة على إرسال خبراء اقتصاديين للإشراف المباشر على تلك المؤسسات والسيطرة الكاملة عليها. 

وأضاف الدبس أن الروس يدركون أن النظام لا يملك قراره ويعلمون أيضاً أن المؤسسات الاقتصادية والمالية يسيطر عليها فاسدون هم جزء من النظام وآخرون مرتبطون بإيران، وقد يكون هدفهم من تلك الاجتماعات والاتفاقيات التي يعقدونها مع تلك المؤسسات إبعاد إيران والإشراف المباشر عليها، وأيضاً توفير بعض الموارد لإعطاء انطباع من خلال الإعلام أن الروس استلموا ملفات الاقتصاد وستتجه الأوضاع المعيشية المأزومة للأفضل..

اتفاقيات تحت جنح الاجتماعات

ويروّج النظام وروسيا للاتفاقيات التي يعقدانها تحت عنوان الاجتماع الخامس كما الاجتماعات السابقة على أن هدفها تهيئة ظروف معيشية للاجئين ولدعم مشاريع إعادة الإعمار، إلا أنها في الواقع مطامع وهيمنة روسية على القطاعات الاقتصادية التي قد تكون فعّالة مستقبلًا في سوريا إذ لم تسجل عودة طوعية للاجئين منذ عقد المؤتمر في تشرين الثاني 2020، بل ما حدث هو ازدياد نسبة الهجرة من مناطق النظام بسبب سوء الأوضاع المعيشية ووصول الأهالي إلى حافة الكارثة بنسبة فقر قدرها ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بنحو 90 بالمئة.

وتضاف الاتفاقيات الجديدة إلى اتفاقيات إستراتيجية كانت استحوذت روسيا بموجبها على ميناء طرطوس وقاعدة حميميم لمدة 49 عاماً إضافة إلى اتفاقيات الغاز والفوسفات ووقّعها النظام مقابل منع سقوطه وحماية روسيا له.  

ويُظهر الروس حماسة إزاء إعادة اللاجئين ودعم مشاريع الإنعاش المبكر، ويتهمون الغرب بعرقلة مساعيهم في المساعدة بإعادة الإعمار، وهو ما عبّر عنه وزير خارجيتهم سيرغي لافروف في أكثر من مناسبة إذ ذكر أن الغرب يعمل ضمنياً إلى عدم السماح للاجئين السوريين بمغادرة بلدان إقامتهم المؤقتة، في حين يربط النظام بين إعادة اللاجئين وبين رفع الحصار والعقوبات لإعادة الإعمار بحسب ما أعلن رأس النظام بشار أسد في مؤتمر اللاجئين الذي عُقد بدمشق في تشرين الثاني من العام 2020. 

سوريا.. المقاطعة الروسية الجديدة

ولا يبدو الحراك الروسي المكثف باتجاه مناطق النظام معزولاً عن التطورات الدولية ولا سيما أن الاجتماع الخامس بخصوص اللاجئين هو الأول بعد الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا، ويدلّ هذا الحراك على توجّه بتسارع أكثر من السابق في الإطباق على مقدرات البلاد والإمساك بشكل مباشر بقرار النظام الاقتصادي بعد استحواذها على القرارين السياسي والعسكري.

ورأى الدبلوماسي السوري السابق صقر الملحم أن ما تقوم به روسيا باندفاعها نحو البلاد يندرج في إطار الصراع بينها وبين ايران على ما تبقى من خيرات سوريا، وقال الملحم: "إن الصراع حالياً يأخذ التنافس على منصب رئيس سوريا بعد بشار الأسد إذ إن الروس يريدون أسماء الأخرس، والإيرانيون يتمسكون بشخصية علوية". 

وأكد الملحم الذي استقال من وزارة الخارجية احتجاجاً على ما يحدث في سوريا والتعامل الطائفي من قبل الوزارة حسبما ذكر.. أن الروس يرفضون الحضور الإيراني في سوريا، وقال: "إنه كتب عدة رسائل سرية عن لقاءاته نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف حين كان في روسيا في العام 2012 ولكن التيار الإيراني القوي في القصر الجمهوري رفض الاستماع للنصائح الروسية.

ويبدو من خلال الزخم الذي تعطيه روسيا الآن تحت عناوين مختلفة بينها مسألة إعادة اللاجئين أنها باتت تتكلم باسم النظام، وقائد قواتها في سوريا هو بمثابة القائد العام للجيش والقوات المسلحة، خاصة أنه يشرف على تدريبات ومشاريع الفرق الأساسية بينها فرقة سهيل الحسن وفرقة ماهر الأسد، والوزارات التي من المفترض أن تكون سيادية وبينها الخارجية، يقابلها من الجانب الروسي وزيرة خارجية مقاطعة دونيتسك التي ضمتها روسيا مؤخراً، في إشارات ذات دلالة على توجه روسي لجعل البلاد إحدى مقاطعاتها.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات