آخر الحكومات المؤقتة .. وحكومة النصرة هي البديل

آخر الحكومات المؤقتة .. وحكومة النصرة هي البديل

 لم يكن ماحصل خلال الأيام الماضية من أحداث واجتياح عسكري من قبل جبهة النصرة الإرهابية لعفرين المحتلة خارج سياق الاستدارة التركية نحو النظام السوري وإعادة ترتيب أوضاع المنطقة الخاضعة لنفوذها تحضيراً للاستحقاقات الكبرى القادمة ... 

في مسرح دمى ( الماريونيت ) تكون تلك الدمى التي تشخّص الأدوار على المسرح مربوطة بخيوط إلى خشبة مصلّبة يحملها الممثل الذي يؤدي دور تلك الدمية بالحركة والصوت وعادة ما يكون قابعاً على خشبة المسرح، لكن ضمن نطاق محجوب الرؤية عن المتفرجين .. وفي مسرح الشمال السوري ثمة كثير من الدمى والممثلين، لبعضهم صفة وزير وآخر رئيس حكومة وثالث قائد فصيل .. وهكذا ، لكنهم جميعاً يؤدون أدواراً ضمن مسرحية واحدة يتولى إخراجها المخرج التركي  .. الكارثة أن تلك المسرحية السورية لم تكن على شاكلة المسلسلات التركية ذات النهايات السعيدة ، فالحبكة الدرامية فيها غاية في السوء والقهر ولا تبشّر بنهايات سعيدة للسوريين أبداً.

في حلقة يوم الأحد 16 \ 10 \ 2022 من برنامج " تفاصيل " على قناة أورينت وهو واحد من البرامج المهمة التي تشرّح القضايا المتعلقة بالشأن السوري بوضوح وجرأة، قال المحلل السياسي التركي (يوسف كاتب أوغلو ) كلاماً غاية في الوضوح ربما لم يقله أحد من قبل بشأن الموقف التركي من الصراع بين (الإخوة الأعداء) في الشمال، عندما امتدح تجربة حكومة( الإنقاذ) وقدرتها على ضبط الأمور وإدارة المناطق، بينما عرّى فشل الحكومة المؤقتة، لكنه لم يشر إلى أن أبرز أسباب فشل تلك الحكومة هو أنها حكومة مبسترة بلا صلاحيات ولا تملك القدرة والأدوات والدعم التركي اللازم لضبط الحالة الفصائلية وتنحيتها عن إدارة الشأن العام للناس .. وهذا ما يؤشر إلى صوابية ما سبق وتحدثنا عنه في غير مقال، أن مآلات تلك المناطق في الشمال( عفرين وإعزاز وجرابلس والباب وغيرها) ستكون تحت سلطة النصرة وحكومتها، وأن مايحصل من اشتباكات بينها وبين بعض فصائل ميليشيات الجيش الوطني ليست إلا إرهاصات تطبيق هذا المشروع وتعزيز فرص إدماج كافة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في كتلة جغرافية واحدة تحكمها إدارة واحدة على مختلف المستويات العسكرية والأمنية والخدمية والاقتصادية وإدارة المعابر، هي بالضرورة حكومة النصرة وبالتالي يمكن القول إن الحكومة المؤقتة الحالية هي آخر الحكومات المؤقتة في تلك المناطق . 

تركيا تريد الذهاب للطاولة قبالة النظام – وتلك مسألة صارت محسومة في السياسة التركية - وهي تمسك الملف في عموم مناطق الشمال بكل تفاصيله، فمشهد المظاهرات التي خرجت للتعبير عن احتجاج الناس على موقف وتصريحات الحكومة التركية قبل أشهر وإحراق العلم التركي، نبّهت الأتراك أن تطويع إرادة الميليشيات والتحكم بقرارها لا يكفي للسير في الشوط التفاوضي مع النظام حتى نهايته، فهناك إرادة مجتمعية عبر عنها المتظاهرون رفضاً للانصياع لمتطلبات السياسة التركية التي رأوا ولمسوا فيها انقلاباً على كل مواقفها السابقة تجاه النظام السوري، وبما أن تلك الميليشيات الفاسدة عجزت عن تطويع إرادة الناس، فكان لابد من استقدام النصرة لتعميم تجربتها في الضبط والإخضاع، ولهذا قلنا ابتداء أن ما يحصل الآن في الشمال ليس بعيداً عن الاستدارة التركية وعن استحقاقات إنهاء حالة الطلاق بينها وبين النظام السوري، ما يقتضي معه توفير شروط شهر عسل جديد  بينهما.

أكاد أجزم بالقول إن عموم مناطق الشمال سيتم إخضاعها لسلطة النصرة التي ستمارس البطش الفاقع على المجتمع، كما فعلت في إدلب وسيكون سجن العقاب نزهة الرافضين .. ولن يكون لكل ميليشيات ما يسمى الجيش الوطني أي دور سوى الانتظام في الصفوف، وستتم حملة تصفيات للعديد من القادة والشخوص التي شغلت الحيز العام قبلاً، كأبو عمشة وغيره من المجرمين والقتلة والفاسدين . 

ثمة مرحلة جديدة اليوم ستحكم مناطق الشمال كلها، وهي ليست إلا المرحلة ما قبل الأخيرة لعقد الصفقات الكبرى وتصفية قضية السوريين وإعادتهم لبيت الطاعة، فهذا ما توافقت عليه رؤى المخرجين في اختيار نهاية للمسرحية التي أدى الأدوار فيها الكثير من الدمى وكان الكثير من (الثوار) السوريين من المصفقين لها. 

التعليقات (1)

    ابو محمد

    ·منذ سنة 6 أشهر
    إخضاع مناطق الشمال السوري لسلطة النصرة هى مطلب امريكي
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات