حرب الشمال السوري.. أمر واقع أم جزء من مخطط كبير

حرب الشمال السوري.. أمر واقع أم جزء من مخطط كبير

شرارة أشعلت فتيل اقتتال في منطقة تعيش على صفيح ساخن؛ ناشط مع زوجته الحامل قتيلان كانا فتيلاً كافياً لتفجير الوضع في مدينة الباب؛ كبرى مدن الشمال السوري الذي يعاني من الفصائلية المتجذرة والمختبئة وراء هشاشة ما يسمى الجيش الوطني.


أمر القتل الذي جاء بكلمة سر يعرفها السوريون منذ عقود #هيك-بدو-المعلم وكأنها محاولة لتأصيل فكرة رغبات المعلم التي تتحول إلى أوامر بحكم المنصب ونفوذه، أو كما جاء على لسان أحد الممثلين السوريين في مسلسل من مسلسلات الإنتاج الحربي مؤخراً حين قال مخاطباً المعلم: أحلامك أوامر، وهذا تحديث له أبعاده العميقة لكلمة السر القديمة، ومقاصده خطيرة.
جاء الأمر كالعادة دون إقامة أي اعتبار لحرمة دم أو فكرة أو حتى ثورة؛ فهل كان هذا الأمر وهذه الرغبة ارتجالاً؟ أم إنه جزء من مخطط كبير يتم تجهيزه منذ مدة بهدف ضرب النسيج المدني في الشمال المحرر وإظهار الوضع العام بصورة الفوضى المحضة؟ 


الفوضى مناخ مناسب لأصحاب الغايات للقيام بتنفيذ غياتهم؛ والأمثلة كثيرة، منها: إنهاء فصيل من خلال السيطرة على مقراته وسلاحه وتصفية من يلزم تصفيته من عناصره واستخدام الباقين كبيادق على رقعة شطرنج جديدة؛ توسيع نفوذ سيطرة فصيل وما يتبعها من توسع في المكاسب؛ دخول فصيل إلى مناطق ممنوع من الدخول إليها كما فعلت جبهة تحرير الشام من خلال امتطاء الاقتتال كحصان طروادة للدخول إلى مناطق عفرين وربما أبعد من ذلك؛ تشكيل تحالفات جديدة بين بعض الفصائل للحصول على أكبر قطعة من كعكة الجيش الوطني، وربما كان هذا التشكيل قديماً لكن تم إظهاره للعلن الآن فقط لأن الفرصة مواتية؛ وغيرها من الغايات الكثيرة التي نعلم بعضها ونجهل أغلبها لأنها خارج حدود التوقعات.

من المستفيد من تصدير الفوضى في مناطق الشمال السوري؟ 

ربما يكون هذا السؤال بديهياً؛ لكنه يستحق التحليل بشكل منطقي حيث إنّ الجواب المعتاد هو: النظام وإيران.
الأمر أكثر تعقيداً من ذلك بكثير؛ فخريطة المصالح تشمل كافة الجغرافيا السورية والظاهر مؤخراً أنّ منطقة الشمال السوري يُراد لها أن تكون بقعة تصفية الحسابات؛ وبمعنى آخر بقعة الدم.
الفصائلية المتجذرة منذ ما يزيد على ثماني سنوات لم تقم بالانفكاك عن ارتباطاتها القديمة؛ ولم تنسَ أطماع الأمس وأحلام المستقبل، والقبول بالجيش الوطني كان محاولة من البعض للوصول إلى ما يأملونه بشكل مشروع وإلا عادوا إلى زنادهم الذي بات مدمناً على البارود، فإن لم يكون في وجه النظام ففي وجه أي سبب يحول بينه وبين آمال من يمسكون به.

سيناريو الساحل السوري بتوقيع الشمال المحرر

مشهد الاقتتال الدائر في مدينة الباب وما حولها يعيد إلى الأذهان مشاهد اقتتال الميليشيات العائلية في الساحل السوري؛ والذي كان ينشب بسبب المصالح أو فرض النفوذ، والفارق هناك أن الأمر كان ينحصر في الغالب بين المقتتلين دون انخراط جهات أُخرى فيه، ودون إقحام المدنيين فيه غالباً.

أما في الشمال اليوم فالأطراف المتدخلة تتزايد، والضحايا من المدنيين في تزايد أيضاً؛ فهل تعود أسباب الاقتتال إلى ذات الأسباب هناك في الساحل؟ 
وإلى متى يتم ضرب كل المشاريع الرامية إلى الاستقرار في الشمال السوري؟

وكم سيتحمل السوري البسيط ثقل رغبات المعلم وتبعاتها؟ 

وهل سنرى في المستقبل القريب تقييماً لمناطق الشمال السوري على أنها الأخطر للمعيشة في سوريا؟
أسئلة برسم صنّاع الفوضى.  

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات