مجلة أمريكية تدعو واشنطن لاستخدام الطريقة الإسرائيلية في التعامل مع الأسد

مجلة أمريكية تدعو واشنطن لاستخدام الطريقة الإسرائيلية في التعامل مع الأسد

حذّرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية من أي انسحاب عشوائي للقوات الأمريكية الموجودة شمال شرق سوريا، معتبرة في الوقت ذاته أن الانسحاب سيكون مفيداً لكن بشرط التنسيق مع روسيا لتحقيق مكاسب مرجوّة في سوريا على غرار ما تفعله إسرائيل.

واعتبرت المجلة في تقرير لها الإثنين، أن وجود القوات الأمريكية من مناطق سيطرة ميليشيا قسد شمال شرقي سوريا قد يكون ذا فائدة لكنه ليس ضرورياً لحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.

ووفق المجلة فإنه يمكن أن تتوصل واشنطن وموسكو لصيغة اتفاق يسمح للأولى بأن تدخل الأجواء السورية متى ما تشاء مع احتفاظها بحق الدفاع عن نفسها على غرار ما تفعله طائرات إسرائيل بشكل مستمر في مناطق سيطرة ميليشيا أسد، الأمر الذي يَحول دون تعرض قواتها للأذى.

وقالت المجلة إن الولايات المتحدة باتت تحتفظ بوجود عسكري محدود يبلغ قرابة 900 جندي في سوريا، وأصبحت تركّز على استئناف تقديم المساعدة الهادفة لتحقيق الاستقرار لاستعادة الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء، في المناطق المدعومة من قبلها.

ولفتت إلى أنه بالرغم من سيطرة القوات المدعومة من الولايات المتحدة على مساحات كبيرة من الأراضي السورية، إلا أن النفوذ السياسي والدبلوماسي لواشنطن لا يزال محدوداً وخياراتها البديلة غير واضحة بالتزامن مع استثمار المزيد من الموارد المالية والعسكرية بشكل كبير على أمل تحقيق نتيجة سياسية في سوريا.

وأشارت المجلة إلى أن قرار سحب القوات الأمريكية من سوريا بعد وقت قصير من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان سيكون مُكلفاً سياسياً ويزيد من زعزعة الثقة الإقليمية بالتزام الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط.

تزايد الهجمات ضد القوات الأمريكية

وبيّنت المجلة في التقرير أن ساحة المعركة في سوريا معقّدة، حيث تعمل القوات الروسية والأمريكية و(ميليشيات سورية) على مسافة قريبة، في حين تتزايد هجمات الميليشيات المدعومة من إيران التي تستهدف المواقع الأمريكية تزامناً مع تهديدات تركية بتوغل عسكري ضد (ميليشيا قسد) المدعومة من الولايات المتحدة.

وأردفت أن كل يوم يمرّ يزيد من المخاطر التي تتعرض لها القوات الأمريكية ويُضعف الموقف التفاوضي لواشنطن فيما يتعلق بما يمكن الحصول عليه من الأسد وروسيا مقابل رحيل الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن مصلحة أمريكا تتمثل في الوصول إلى المجال الجوي السوري وسلامة السوريين الذين قاتلوا إلى جانب القوات الأمريكية لهزيمة داعش.

محاربة داعش

وعلى الرغم من تراجع دور داعش في العراق وسوريا وتقلّص نشاطه الذي أثر أيضاً على دور الجنود الأمريكيين في سوريا، إلا أن تهديداته لا تزال قائمة، وفق المجلة التي اعتبرت أن وجود القوات الأمريكية لتقديم الدعم التمكيني، وعلى الأخص قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والخدمات اللوجستية، للميليشيات المتحالفة لا يزال مهماً.

ورأت المجلة أن الهجمات الجوية الأخيرة ضد تنظيم داعش تشير إلى أن القوات الأمريكية لا تزال قادرة على أسر أو قتل عناصر التنظيم رفيعي المستوى في أجزاء من سوريا حيث لا تنتشر القوات الأمريكية على الأرض، لافتة إلى أنه بالرغم من أن الوجود على الأرض قد يكون مفيداً، لكنه ليس ضرورياً لحماية مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة.

روسيا وتركيا وإيران

على صعيد آخر، قالت المجلة إن هناك مخاطر تهدد القوات الأمريكية ينبع بعضها من العلاقات المتوترة بشكل متزايد بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث انخرطت الطائرات الروسية في سلسلة من الأعمال الخطيرة واستهدفت بشكل مباشر فصيل "مغاوير الثورة" المدعوم من الولايات المتحدة، وأخطرت موسكو واشنطن بذلك قبل 30 دقيقة فقط من تنفيذ الهجوم، مشيرة إلى أن "هذا السلوك قد يزيد من خطر نشوب صراع أمريكي روسي مباشر غير مقصود”.

والأمر نفسه حصل مع الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران حيث شنت ما لا يقل عن 19 هجوماً صاروخياً وبالطائرات المسيّرة على مواقع أمريكية في العراق وسوريا هذا العام حتى الآن، ولذلك عدة اعتبارات منها تعثّر المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران.

أما بالنسبة لتركيا التي هدّدت بشن عملية عسكرية ضد ميليشيا قسد التي تعتبرها تنظيماً إرهابياً في حين تعدّها واشنطن "العمود الفقري" لمحاربة الإرهاب في سوريا، فقد نفذت أنقرة ما لا يقل عن 56 غارة بطائرات بدون طيار حتى الآن هذا العام، ما أسفر عن مقتل نحو 50 من مقاتلي قسد بضوء أخضر من روسيا، وهذا الأمر من شأنه وفق المجلة إضعاف الموقف الأمريكي في شمال شرق سوريا.

البحث عن مخرج

يشكّل إضعاف تنظيم داعش ومنع شنّه هجمات ضد الغرب نجاحاً للمهمة الأمريكية التي جاءت واشنطن من أجلها في سوريا، وفق المجلة، التي بيّنت أنه يمكن احتواء تهديد داعش الذي لا يزال قائماً حتى اليوم دون تعريض القوات الأمريكية للأذى، وذلك عبر تنفيذ غارات جوية بطائرات مسيرة.

وحذّرت المجلة من خروج القوات الأمريكية بطريقة غير منسقة، إذ إن النتيجة الأكثر ترجيحاً ستكون هجوماً عسكرياً تركياً لتحقيق أهداف أردوغان في تلك المنطقة، وبالتالي نزوح مئات الآلاف من السوريين وإلحاق الضرر بعلاقات الولايات المتحدة مع قسد، على حد تعبيرها.

وأثارت المجلة الانتباه إلى إمكانية الاستفادة من تجربة الإسرائيليين في تأمين الوصول إلى المجال الجوي السوري من خلال الدبلوماسية مع روسيا التي تسيطر على أنظمة الدفاع الجوي في سوريا، مشيرة إلى أن انسحاباً أمريكياً قد يساعد في التوصل إلى اتفاق دبلوماسي بشأن الوصول إلى المجال الجوي السوري، مع احتفاظ واشنطن بحق الدفاع عن النفس.

وختمت المجلة التقرير بالقول إنه "بعد ما يقرب من سبع سنوات من وصول أول جندي أمريكي إلى الأرض في سوريا، حان الوقت لواشنطن لسحب قواتها. لم يعد الوجود العسكري الأمريكي في سوريا رصيداً إستراتيجياً؛ بل بات نقطة ضعف".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات