الرِشا تُدفع بالدولار والذهب.. الفساد الوظيفي بمناطق ميليشيا أسد يبلغ ذروته والمبرر "الجوع كافر"

الرِشا تُدفع بالدولار والذهب.. الفساد الوظيفي بمناطق ميليشيا أسد يبلغ ذروته والمبرر "الجوع كافر"

يتعمق الفساد الوظيفي في مؤسسات ميليشيا أسد، مدفوعاً بغياب الرقابة وضعف الدخل الشهري، الذي لم يعد كافياً لسد احتياجات العائلة لأيام معدودة فقط.

وبحسب مصادر "أورينت نت" في دمشق، فإن الرشا التي يتقاضاها غالبية الموظفين باتت من بين التجاوزات المسكوت عنها، "مين بدو يحاسب مين، الكل بيقبض من الكل".

وأضافت المصادر أن أي توقيع من موظف حكومي يجب أن يكون مدفوعاً، وخاصة في الشهرين الماضيين، حيث بلغ فيهما الفساد أوجه، نتيجة زيادة الأعباء المالية في هذه الفترة من كل عام، بسبب نفقات تجهيز الأطفال للمدارس، وتجهيز مؤونة الشتاء.

وأكد الصحفي أحمد عبيد من دمشق، انتشار الفساد الوظيفي بشكل كبير في كل المؤسسات الحكومية من البلديات والمجالس المحلية إلى الوزارات، موضحاً أن غالبية الموظفين يعقدون الإجراءات على المراجعين، للحصول على مبالغ مالية منهم، وهذا يظهر بشكل واضح عند مراجعة أي دائرة أو عند توكيل محام لتسيير المعاملات للمقيمين بالخارج، حيث أصبح الاتفاق مع المحامين اليوم على تكاليف إجراء معاملة معينة، يتضمن الأتعاب والرشا التي سيدفعها للموظفين.

وأضاف عبيد لـ"أورينت نت" أنه "كذلك الحال في المحاكم وبقية الدوائر الحكومية دون استثناء، فلا يمكن استخراج أي وثيقة دون دفع رشوة مقابلها، ولكل ورقة رسمية أو وثيقة سعر مختلف عن الأخرى بحسب أهميتها والدائرة المخصصة لاستخراجها".

وباعتراف وسائل إعلامية موالية لأسد، زادت نسب الرشوة خلال العامين الأخيرين ازدياداً كبيراً وملحوظاً نتيجة اتساع الفجوة المتشكلة بين مستويات الأسعار من جهة ومستويات دخول العاملين.

وأضافت أن من كان يرفض الرشوة سابقاً لمبدأ اجتماعي أخلاقي ديني، بات يقبلها اليوم تحت مبرر "الجوع كافر".

رشا بالدولار والذهب

 
وطرأت على الرشوة، وفق الصحفي المؤيد للنظام زياد غصن، تغيرات لا تتعلق بمساحة انتشارها فقط بل بقيمتها وشكلها أيضاً، مبيناً أن الرشوة الكبيرة تُدفع بالقطع الأجنبي والليرات الذهبية.  وأما الرشوة الصغيرة، فتكون العملة المحلية حاضرة، لأنها تجد طريقها السريع الى الإنفاق، ويضيف غصن "الموظف الذي يقبل رشوة لإنجاز معاملة أو السكوت عن مخالفة غالباً يفعل ذلك لحاجة أو لإن انفاقه يتدرج ارتفاعاً مع قيمة الرشا التي يحصل عليها"، وأكمل بقوله: "ستظل الرشوة تنتشر ما دام هناك دخل غير كاف، ورجل فاسد يقتنع أنه بالمال يمكنه فعل أي شيء في هذه البلاد".

دبّر حالك

أما عضو غرفة تجارة دمشق التابعة لحكومة أسد، فايز قسومة، أكد أن دخل الموظفين لا يتناسب مع أبسط احتياجاتهم الأساسية، معتبراً أنه "حتى لو أصبح الراتب بالحد الأدنى 500 ألف ليرة فإنه لا يكفي لإطعامه أكثر من خبز وبصل، في حين يبلغ متوسط الرواتب 150 ألف ليرة".

وبهذا المعنى يمكن القول إن سياسات نظام أسد تدفع بالموظفين إلى الفساد، وهو ما يؤكد عليه أحمد عبيد، موضحاً أن "النظام لا يعمل على ملاحقة هؤلاء الموظفين كونه يعلم تماماً أن الرواتب الشهرية لا تكفي احتياجات الأسرة شهرياً".

وأبعد من ذلك، يعتقد عبيد أن النظام يعتمد على سياسة "دبر حالك" في جميع المؤسسات، مشدداً على أن "المسؤول الأول والأخير عن كل الفساد هو النظام نفسه، والأهم أنه كيف لنظام فاسد أن يحارب الفساد".


القانون على الضعيف

بدوره، لفت الصحفي شمس الدين مطعون من دمشق، إلى أن نظام الأسد يلاحق من وقت لآخر صغار الموظفين الفاسدين، بينما يتغاضى عن حالات الفساد الكبيرة، ويعقب قائلاً: "القانون على الضعيف فقط".

وأكد لـ"أورينت نت"، أن الفساد ينخر ما تبقى من مؤسسات النظام، إذ يعتمد غالبية الموظفين على الرشى، أما المؤسسات التي تقل فيها نسبة الفساد، فباتت غير مرغوبة، مثل سلك التعليم وغيرها من الوظائف.

أما بخصوص شعار "مكافحة الفساد" الذي يتحدث عنه نظام أسد، يقول مطعون إن "ما يجري من محاكمات لبعض المسؤولين في قضايا فساد، الهدف منها هو تحصيل الأموال، وما يجري ليس إلا عمليات ابتزاز لا تمارسها جهة تدعي أنها دولة قائمة".

ولا تعد ظاهرة الفساد الوظيفي طارئة في سوريا، لكنها آخذة بالتوسع بسبب توفير مناخها من قبل النظام، وشرعنته لها من خلال السماح لعناصر ميليشياته بالتسلط على الناس وفرض الإتاوات عليهم.

وجاءت سوريا في تقرير منظمة الشفافية الدولية السنوي الصادر في مطلع عام 2022 ضمن قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات