جزءٌ لا يتجزّأ من الثورة، وأحد أعمدتها، وسبّاقة في مواكبتها وتضحياتها.. هي أوصاف اتفق عليها مئات السوريين من نخب وتوجّهات مختلفة في تضامنهم مع قناة (أورينت) بسبب منعها من العمل الإعلامي من قبل ميليشيا الجولاني (هيئة تحرير الشام) في محافظة إدلب، إلى جانب الرفض والشجب والتنديد بطغيان سلطة الأمر الواقع التي تحاول إعادة الاستبداد سيرته الأولى وتبدؤه بمحاربة الصحافة والصحفيين.
صحفيون وإعلاميون وضباط وكتّاب وفنانون ومنظمات وعشرات النشطاء، أبدوا تضامنهم مع أورينت عبر وسم (#متضامن_مع_أورينت) على مواقع التواصل الاجتماعي، جميعهم نددوا بتوقيف عملها الإعلامي في إدلب الخاضعة لسلطة استبدادية قمعية ترى في وجود الإعلام الحر خطراً عليها.
وسم التضامن مع "أورينت" كان الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الـ 24 الماضية، رداً على منع ميليشيا الجولاني القناة من العمل في مناطق سيطرتها، عبر مديرية الإعلام في إدلب التي أبلغت مراسل القناة جميل الحسن بشكل رسمي عن طريق مديرية الشؤون الصحفية، وقال الحسن: "حظر قناة أورينت من العمل بشكل كامل، وأن هذا الحظر يشمل المراسلين والمتعاونين وأي شخص يرسل مواد للقناة تحت طائلة المسؤولية قانونياً وأمنياً وقضائياً".
ورغم الاختلاف لدى البعض حول الخط التحريري للقناة ومحتواها الإعلامي، إلا أن تضامن السوريين من كافة النخب والتوجهات، كان فوق كل اعتبار، وفوق أي اختلاف في وجهات النظر، باعتبار "أورينت" كانت السبّاقة في مواكبة ثورة السوريين ربيع عام 2011، أي قبل وجود فصائل وميليشيات كثيرة اختطفت الثورة وحرّفت مسارها، في إشارة لميليشيا الجولاني المعروفة سابقاً بـ (جبهة النصرة) قبل تبديل جلدها وتدرّجها في المسميات البّراقة.
واجبنا حماية العمل الإعلامي
وعلق مدير منظمة "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء) رائد الصالح، على الأمر قائلاً: "التضييق على العمل الإعلامي وتقويض حرية الرأي يتنافى تماماً مع مطالبات السوريين بالحرية طوال11عاماً، لقد ضحى السوريون بحياتهم من أجل صون حرية التعبير،إن منع مراسلي #أورينت أو أي جهة إعلامية تتبنى قيم الحرية في #سوريا مرفوض ومُدان، واجبنا حماية العمل الإعلامي وتعزيز قيمه في مجتمعاتنا".
فيما علق المحلل العسكري العميد أحمد رحال عبر صفحته في "فيس بوك": "ليس غريباً على عصابة الجولاني أن تمنع بث راديو #أورينت ثم تمنع عمل محطة تلفزيون أورينت في المناطق التي تحتلها في إدلب... ألم نخبركم أن الأسد والجولاني وجهان لعملة واحدة عملهما يكمل بعض؟؟".
من جانبه، اعتبر الكاتب والناقد محمد منصور: أن “رفض وإدانة إيقاف عمل مراسلي أورينت في الشمال السوري من قبل هيئة تحرير الشام، واجب مهني لا علاقة له بالارتباط الوظيفي أو الإداري بالمؤسسة، ولا يشترط فيه أن تكون معجباً أو غير معجب بالسياسة التحريرية لها”.
وتابع منصور في منشوره قائلاً: "إنه واجب مهني للصحفيين والكتاب الحقيقيين لا للمتطفلين على هذه المهنة المستباحة من الدخلاء للأسف وما أكثرهم وما أكثرهن. فالسكوت أو اتخاذ مواقف الحياد أمام قرارت منع عمل قناة إعلامية هو تواطؤ مع جهات المنع التعسفية ضد مهنتك".


أسلوب قديم وفاشل
من جهته، اعتبر رئيس تحرير قناة أورينت، الصحفي علاء فرحات، أن منع القناة من العمل في إدلب “هو مؤشّر لانتهاكات واعتداءات وجرائم قادمة ضد السوريين، ولا يريدون أن يراها العالم.. أسلوب قديم وفاشل. هناك تجارب كثيرة لكثير من القنوات مع المنع، كلّها فشلت بطريقة أو بأخرى”.
وأضاف فرحات في منشوره على "فيس بوك": "نحن نقوم بواجبنا الإعلامي في نقل صوت الناس ومشاكلهم وقضاياهم في الداخل السوري، وليس لدينا أيّ نشاط تجاري آخر أو سياسي نتّفق أو نختلف عليه مع ميليشيات الجولاني.. وبالتالي فإن منع أورينت من العمل هو إجراء تعسّفي بحق الإعلام، وهدفه منعنا من القيام بعملنا الصحفي لأننا لا نُحابي أحداً، وننحاز لقضايا الناس وهمومهم".
بدوره، ذكر مدير موقع "أورينت نت" الصحفي يحيى الحاج نعسان، بأن "الإعلام يحارب بالإعلام والفكر بالفكر أم المنع والحظر فهذا سلوك الخائفين والضعفاء أو سلوك الميليشيات والمستبدين.. أن تمنع الإعلام فأنت تدين نفسك وتعادي الحرية والأحرار".


أورينت أشد من مدافع العسكر
في حين تساءل الصحفي منصور صبرا تعليقاً على منع أورينت من العمل في إدلب، وقال: "من هي الجهة المخولة أصلاً بتصنيف الوسيلة إذا كانت ثورية أو معادية للثورة؟؟.. ليست الطامة اليوم في قرار منع الأورينت أو أي وسيلة إعلامية من العمل في الشمال السوري ((إدلب وريف حلب الشمالي)) بل الطامة في مدى أحقية وصلاحية تلك الجهات أصلاً بأن تتخذ هكذا قرار ليس من اختصاصها !!!".
وأضاف صبرا في منشوره أنه "ربما كانت قناة الأورينت في بعض القضايا التي طرحتها وبعض المصطلحات التي استخدمتها غير محقة أو هوّلت في تناولها لبعض الأمور لكن ذلك شيء لا يذكر أمام دورها في الثورة فهي أشد على نظام الأسد وإيران وشبيحتهم وعملائهم.… من كل مدافع العسكر التي تعطلت بوصلتها واستدارت فوهاتها للداخل".
أما إبراهيم حسين فكتب قائلاً: “اتفقنا مع أورينت أو اختلفنا معها فإن الوقوف في وجه قرار منعها من العمل في المناطق الخاضعة لسيطرة الجولاني هو موقف مبدئي نابع من الإيمان بالحريات الإعلامية.. متضامن مع أورينت.. متضامن مع الإعلام في وجه الاستبداد والطغيان”، بينما سخر Muhammed Salih من قرار ميليشيا الجولاني وعلق قائلاً: "إغلاق مكتب قناة أورينت بالشمال السوري تمهيداً لفتح مكتب لقناتي سما والإخبارية السورية... الخبر الحقيقي هيك بس انتو ما بتقرو اللي بين السطور".

بينما اعتبر الناشط الحارث رباح أنه: “رغم التصادم الكثير، ورغم الخلافات الكثيرة، ويمكن ما منلتقي بنقطة معها بس هذا الشي ما يعني اني انا الصح ولا هي الصح..الاورينت هي جزء من الثورة حبينا ولا ما حبينا والها وجهة نظر خاصة فيها مثل ما نحن النا منظور خاص فينا.. عمود من اعمدة الثورة واسمها مشا معنا كل مراحل الثورة”.
فيما كتب الناشط محمد حجار: “كل الشكر لحكومة الإنقاذ الحكيمة الطيبة على قرار منع قناة الاورينت عن العمل في إدلب ، خلتني احذف كتير أشخاص من صفحتي شغلتهم بس يكونوا ابواق فقط لا غير”. وأضاف حجار: "ملاحظة : مقطع فيديو منشور على برنامج يوتيوب لا قناة الاورينت اقدم بكتير من أشخاص راسها مربع وعم تحكي . -__- صب عمي صب".
ويكمن قرار منع أورينت من ممارسة عملها الإعلامي في إدلب بسبب فضحها المتكرر لجرائم ميليشيا الجولاني تجاه المدنيين من انتهاكات شملت الاعتقالات المتكررة وتكميم الأفواه والاستحواذ على مفاصل الحياة، ولا سيما الاقتصاد وما تبعه من أزمات معيشية خانقة، إلى جانب محاولة الميليشيا التطبيع مع ميليشيا أسد من خلال فتح معابر بين الطرفين بقرار فردي يخدم مصالحها، الأمر الذي اعتبره محللون محاولة من الجولاني لاتخاذ إدلب "دويلة" خاصة به على حساب السوريين وثورتهم.
غير أن عمل قناة أورينت في الشمال السوري وتحديداً في إدلب، يقتصر على نقل أوجاع الناس وخاصة النازحين في المخيمات، وتسليط الضوء على متطلبات المرحلة والواقع المعيشي المتردي، وكذلك فضح الانتهاكات والجرائم المتكررة تجاه المدنيين من قبل سلطة الأمر الواقع، وهو أمر آلم ميليشيا الجولاني من خلال تهديدات متكررة بوقف عمل القناة بحال استمرت بسياستها الإعلامية ذاتها، في وقت يخشى فيه كثيرون من ارتفاع وتيرة الجرائم والانتهاكات تجاه السكان في إدلب بعيداً عن عدسات الإعلام التي ترفض محاباة سلطة الأمر الواقع وأن تكون شريكاً في الجريمة.








التعليقات (8)