حوّله أسد لثكنة ومركز اعتقال: تأهيل الملعب البلدي في إدلب بربع مليون دولار ينكأ جراح المعلمين!

حوّله أسد لثكنة ومركز اعتقال: تأهيل الملعب البلدي في إدلب بربع مليون دولار ينكأ جراح المعلمين!

مع انطلاقة الثورة السورية للمطالبة بالحرية والكرامة، تكشّف الوجه الحقيقي لنظام البراميل متمثلاً بالقتل والاعتقال لإسكات صوت المحتجين المنادين بإسقاط نظام الاستبداد، حتى ولو كلفه ذلك تخريب وتعطيل البنية التحتية في كل جزء من سوريا حفاظاً على كرسيه، ولعلّ ملعب إدلب البلدي من أبرز تلك الأمكنة والمعالم التي سنحاول تسليط الضوء على محاولة إعادة تأهليها، بعد أن تحوّل إلى شبح مرعب على يد مغول العصر، وصار سجناً ومركزاً للاعتقال بعد أن ضاقت السجون، وثكنة عسكرية لسربٍ كبير من الدبابات والمدرعات التي خرّبت أرضيته وأبدلت لونها الأخضر بلون الدم ورائحة البارود.

اليوم ومع الهدوء النسبي الذي تشهده المنطقة قامت مديرية الرياضة والشباب بإعادة تأهيل ملعب إدلب ليحتوي الأنشطة الرياضية، أورينت نت زارت الملعب وكان التحقيق التالي:

الملعب يذكّر بأمجاد نادي أمية

اقتصرت الدوريات الكروية في إدلب على ملعبي إدلب الصناعي وأريحا، ملعبان لا يستوعبان حجم المتفرّجين ولا عدد الأندية الكروية المتزايد، فجاءت فكرة إعادة تأهيل الملعب البلدي لتوفير مساحة رياضية إضافية، وعن خطة الترميم والتأهيل تحدث لأورينت نت (محمد السباعي) مسؤول التنظيم والإدارة لمديرية الرياضة والشباب قائلاً: "يعتبر الملعب من أوائل الملاعب التي تم افتتاحها في مدينة إدلب منذ أعوام عديدة، ومع اندلاع شرارة الثورة السورية حوّله النظام المجرم لثكنة عسكرية ما أدى إلى تخريبه وإهماله بشكل كبير. وبعد تحرير مدينة إدلب تعرض الملعب لقصف ممنهج ليخرج عن الخدمة، وأصبح ملاذاً فيما بعد لبعض العوائل التي نزحت ولم تجد مأوى في بداية الأمر، ومع التنظيم الذي عملت عليه حكومة الإنقاذ تم تأمين مساكن للعوائل النازحة، وبدأ التخطيط لإعادة تأهيل الملعب البلدي المتوقع افتتاحه في القريب العاجل. ويعد الملعب مسرحاً مشرفاً لنادي أمية الذي كان في عداد أندية الدرجة الأولى وانشق بكوادره عن مؤسسة النظام المجرم الرياضية، ليلحق بركب الثوار ويضيف بصمة للرياضة الحرة في المناطق المحررة". 

وأضاف السباعي متحدثاً عن كلفة إعادة التأهيل: "نظراً لأهمية الملعب البلدي في مدينة إدلب خصوصاً وفي المناطق المحررة عموماً ولتنشيط دور الرياضة والرياضيين تكفلت حكومة الإنقاذ السورية متمثلة بمديرية الرياضة والشباب بإعادة تأهيل الملعب البلدي والذي يهدف إلى تطوير الخدمات الرياضية وفتح المجال للأندية للمشاركة ببطولات تماثل العربية والدولية، ووصلت تكلفة إعادة التأهيل إلى 225 ألف دولار أمريكي حيث تُقدّر مساحة الملعب بـ25000 متر مربع من أصل 40 ألف متر مربع والتي سترمّم فيما بعد بخطة جديدة وفي وقت لاحق". 

واستطرد السباعي لافتاً إلى ضرورة احتواء الكفاءات الرياضية: “تعود عوامل الازدهار فيما يخص الأنشطة الرياضية إلى إقبال الأهالي بشكل كبير نحو الرياضة بمختلف مجالاتها، ما دعا مديرية الرياضة والشباب إلى تشكيل الاتحادات الرياضية المتخصصة وتنظيم البطولات لتجعل من الرياضة في المحرر مثالاً يُحتذى به رغم كل الصعاب والظروف التي مرت بها، بالإضافة إلى التنظيم المتميز للعمل الرياضي واحتواء ذوي الخبرة والكفاءة العالية من مختلف الاختصاصات، وعن عدد الفرق ففي الدرجة الأولى 14 فريقاً وفي الثانية 12 فريقاً، وقد تم تنظيم العمل الرياضي من خلال خطة سنوية على شكل ”روزنامة" أنشطة سنوية، والإشراف على عمل الاتحادات وتقديم الدعم المتاح لها حيث يعمل كل اتحاد بطريقة تلائم عدد الأندية المشاركة لديه بالإضافة إلى مشاركة بعض الألعاب في بطولات عالمية في دولة تركيا، وتطمح مديرية الرياضة والاتحادات كافة إلى تمثيل سوريا في المحافل الدولية في القريب العاجل بإذن الله".

عبد الوهاب مخزوم: الملعب واجهة حضارية

مع ازدهار الرياضة وزيادة نشاطاتها، كان لا بد من وجود جسم موحّد يشرف عليها وينظّم لوائح المباريات ويضفي عليها شيئاً من القانونية والرسمية، للرعاية والتمثيل المحلي على الأقل، وعن أهمية تأهيل الملعب حدثنا (عبد الوهاب مخزوم) مدرّب نادي خان شيخون لكرة القدم قائلاً: “أهمية الملعب البلدي كبيرة صراحة، لأنه المنشأة الوحيدة القادرة على استيعاب عدد كبير من الجماهير، إضافة إلى ذلك يوجد فيه الكثير من المحلات والصالات التي يمكن استثمارها مستقبلاً، وتعود بدخل مادي جيد على الأنشطة الرياضية.

وكون الملعب واجهة حضارية من خلال امتلاكه بنى تحتية منظمة، فإن هذا سيعطي انطباعاً جيداً لرياضتنا ضمن المناطق المحررة، ومن خلاله نحاول إيصال رسالة للعالم بأثره. فالسوريون شعب يحب الحياة من خلال ممارسة جميع أنواع الرياضة".

وأضاف مخزوم متحدثاً عن الصعوبات: "أهمية وجود جسم رياضي شيء ضروري من أجل تنظيم أي عمل رياضي ضمن المحرر، حالياً يوجد اتحاد كرة قدم ويعمل بشكل جيد رغم صعوبة الواقع الرياضي، الصعوبات كثيرة صراحة ولكن أهم الصعوبات التي تواجهنا نقص المنشآت الرياضية كملاعب كبيرة، إضافة إلى ذلك لا يوجد أي دعم مادي للأندية، وهذا يؤثّر بشكل سلبي على استمرارية الأندية وتطوير الرياضة ضمن مناطقنا المحررة، أما التسهيلات التي يمكن أن تُقدّم فهي كانت حسب الإمكانيات المتاحة لدى الاتحاد وهي على العموم لا تلبّي طموحات الرياضيين بشكل عام. ولدى سؤاله عن طبيعة تلك التسهيلات يقول: "التسهيلات اقتصرت على تأمين الملاعب وطواقم الحكام والحماية الأمنية فقط".

بين الامتعاض الشعبي والترحيب الخجول

كالعادة المعاشة المتمثلة بتباين آراء الشرائح الاجتماعية تجاه أي أمر أو مشروع ولا سيما ما يسمى “مشروعاً بارداً”، انقسمت آراء الشارع في المحرر عامة والإدلبي خاصةً بخصوص مشروع إعادة تأهيل الملعب البلدي، وخاصة بعد أن أعلنت مديرية الرياضة والشباب في حكومة الإنقاذ عن ميزانية المشروع المقدّرة بـ ٢٢٥ ألف دولار، تمنّى (أبو أحمد) الذي يعمل مدرّساً في إحدى مدارس إدلب لو أن هذا المبلغ أُنفق على التعليم معتبراً أنه سيكون "لبنة ممكن أن تسدّ حاجة عشرات المعلمين"، وأضاف: "نحن لسنا ضد تطوير البلد وإعادة تفعيل مؤسساته لا أبداً، ولكن هناك استراتيجيات وأولويات لا بد من مراعاتها، فموضوع ملاعب الرياضة من البديهي أن يأتي بالأهمية بعد مشروع تأمين رواتب للمعلمين للنهوض بواقع التعليم الصعب الذي لا يخفى على أحد". 

من جهته عبّر (علي حامض) وهو طالب بجامعة إدلب عن رأيه قائلاً: "فكرة تأهيل الملعب جميلة، وخطوة إيجابية في تنشيط الرياضة والاهتمام بالرياضيين، وخلق مساحة مناسبة للناس الذين يعشقون المباريات ويتفرجون عليها بشغف". 

وبحسب أغلبية استطلاعات الرأي التي عاينّاها، كانت نسبة من رفض المشروع أو تمنى تأجيله أكثر بكثير، كونه – حسب رأيهم- يوجد مشاريع أهم مثل: إعادة توطين النازحين أو دعم الخبز والمحروقات وتعبيد الطرقات.

ورأوا أنه بعد تلبية تلك الضرورات، تأتي المشارع الخدمية المختلفة على كافة الصعد، ومن بينها تأهيل هذا المعلب..  فمن المعلوم أنه لا تقوم حضارة أي بلد إلا بالنهوض بمؤسساته وبنيته التحتية نحو الأفضل ولكن لا بد أولاً من بناء الإنسان، والإنفاق على تعليمه لأنه محور ذلك كله. 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات