بين "غرف الغاز" النازية و"غرف الملح" الأسدية: نزيف الجرح السوري الصامت

بين "غرف الغاز" النازية و"غرف الملح" الأسدية: نزيف الجرح السوري الصامت

لا تكاد تُطوى ذكرى مجزرة أو جريمة مرعبة، حتى يُفتح ملف جريمة أخرى يبدع فيها نظام الأسد المجرم الطائفي، وآخر فصولها ما عُرف بـ "غرف الملح ". 

تقول العرب:" من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد؟"، نعم لقد فسد الملح! حيث ما يزال المجرم طليقاً حراً يمارس فظائعه على مسمع ومرأى من المجتمع الدولي، وفسدت الممالحة بين من لا يحفظ حرمة الممالحة؛ بين من يروّج لعودة النظام الطائفي للحظيرة العربية، ومن يرغب بالعودة إلى حظيرته.

صورة عن غرف الغاز النازية

يمثّل سجن صيدنايا حالة نموذجية للإبادة الجماعية وهو مماثل لـ "غرف الغاز" النازية" التي كانت موجودة خلال الحرب العالمية الثانية، حيث من الواضح أنه تم تشييد "غرف الملح" هذه لمواكبة العدد الكبير للقتل الجماعي والإبادة ضد المعتقلين في ظل سلطة الديكتاتور الطائفي، لقد قتل نظام الأسد المدنيين الأبرياء واعتقلهم لمجرد أنهم من طائفة أخرى، من السهل لأبناء البلد الذي يرزح تحت ميلشيات طائفية استقصاء نهج الإبادة الممارس بهذه الطريقة الوحشية في الإبادة والتنكيل من حيث الجهة المستهدفة والتي بات السكوت عنها جريمة بحق الشرفاء والأحرار، إنها خاصة بطائفة السنّة، وتلك الحقيقة المرعبة الممارسة في أقبية السجون والأفرع الأمنية؛ حيث مات معظم المعتقلين من الأمراض والجوع والإهمال الطبي المتعمّد، حيث كانوا يكابدون الموت في ظروف غير إنسانية لا تليق حتى بالحيوانات داخل الأقفاص، وصور قيصر توثّق مكابدتهم للموت بأجسادهم النحيلة، أما الأسماء فتوثّق المدن والقرى التي ينحدرون منها.

إذاً؛ نحن أمام إبادة جماعية ترقى لجريمة حرب وتطهير عرقي قائم على الهوية، وغرف الملح المكتشَفة حديثاً تكشف حقائق فظيعة عن جرائم النظام الرهيبة التي لا تنتهي، فقد قامت السلطات بتخزين جثث الضحايا في هذه الغرف المظلمة، ومن ثم يتم نقلها في شاحنات لتفريغها في مكان آخر، والكارثة هنا ما هو عدد الضحايا الذين يتم تصفيتهم تحت التعذيب على مدار الساعة وعلى مدار الشهر والسنة، وعلى مدار عمر الثورة السورية؟ إنها حقيقة مرعبة بمجرد التفكير بها.

لماذا يصمت النظام عن تلك التسريبات؟!

يتوجب على المثقفين المعنيين فضح إجرام هذا النظام الطائفي العميل والتذكير بإجرامه كيما تُقوّض سيادة القانون، ويقوّض نظام العدالة الجنائية، وتُقوّض ثقة الجمهور في المؤسسات العامة والدولة التي يمثلونها، في الوقت الذي يروّج النظام البائس دعوته لعودة اللاجئين، ويستقطب بدعاية رخيصة فنانين انتهت صلاحيتهم الأخلاقية قبل الفنية.

فإذا كانت صور قيصر لم تردع بعض المسؤولين العرب، وإذا كان مجازر الكيماوي وهدم المدن العريقة وتهجير شعب بأكمله، كل هذا لم ينجم عنه موقف أخلاقي واحد قوي رادع، فلا عتب إذاً على المجتمع الدولي.

يلح السؤال ذاته في كل مرة، لماذا يصمت النظام عن تلك التسريبات المهولة؟ الأقرب لغرف الغاز النازية؟

يستخدم النظام المجرم تلك التسريبات بمنزلة عصا غليظة يشهرها على كل من تسوّل له نفسه أن  يتجرّأ وينتقد القيادات أو يتنفس الحرية أو يشعر بأعراض الكرامة داخل حظيرته، فالوقاحة كانت بتسريب مقاطع عن عمد في بداية تفجر الثورة السورية، حول قيام الشبيحة بتعذيب وإهانة مواطنين؛ من خلال إجبارهم على تقليد أصوات حيوانات، وشتمهم وإهانتهم بالضرب، وخصوصاً النساء المحجبات والسخرية من المعتقد الديني، كل ذلك صدّره النظام وقواته الرديفة كرسالة للأغلبية السنّية بالدرجة الأولى، وهذا نهجه في التعامل مع القضية، كذلك يعتبر النظام نشر مثل هذه التسريبات للردع الاستباقي فيما إذا حاول أبناء الطائفة أو الموالون له زحزحة صخرة التشبيح التي تجثم على صدورهم أو البسطار الثقيل الذي  يرزح على رؤوسهم، فهي رسالة ذات وجهين، أما المجتمع الدولي فهو لا يكترث به أصلاً؛ فالذي سكت عن جرائم تضاهي جرائم إبادة وتطهيراً عرقياً في حق الغالبية السنّية، لن يردعه أن تظهر مجزرة كمجزرة التضامن، أو تفصيل صغير من أقبية الجحيم مثل غرف الملح في صيدنايا، ستمرر القضية تحت الطاولة برعاية روسية وإيرانية.

ردة فعل (حماس) حول غرف الملح 

ما يؤلم حقّاً هو في ردّة الفعل العربية والدولية، أن تلك الحوادث الخطيرة تستدعي أن يصدر عنها موقف واضح وصريح، أو على الأقل تعقيب؛ لكن الأكثر حساسية هي ردة فعل الابن الضال لنظام الملالي حركة "حماس" في الوقت التي ظهر فيه التقرير حول غرف الملح؛ أصدروا بياناً يعربون من خلاله عن رغبتهم بعودة العلاقات الكاملة مع النظام المجرم، هم من يريدون العودة الطوعية إلى حضن الطاغية، ما يدفع المرء للسؤال عن مبادئهم الحقيقية، وللمفارقة أنه ليس ببعيد تم التنكيل بأبناء جلدتهم في "مجزرة التضامن"، وسُمّي هذا الحي على عهد الطاغية حافظ بهذا الاسم كناية عن تضامنه مع النازحين من فلسطين والجولان، وكان النتيجة حالة التشّفي الطائفية القذرة التي مارسها شبيح ببزته العسكرية وهو يتباهى بفعلته؛ بل لم يحسب النظام حساباً للمنظمات الفلسطينية الموالية له  مثل اللجان الشعبية التي أسسها "أحمد جبريل"؛ والتي نشطت ضد الثورة السورية، لم يجبر خاطرهم، مع أن الضحايا ممن تم خطفهم واقتيادهم من الحواجز الأمنية، لغرض التشفي والكراهية الطائفية لمجتمع السنّة، والآن حماس بعودتها تلك تثبت للنظام أنه على الطريق الصحيح وهي ملتزمة بخطّه ومنهجه هذا فكيف يتوقّعون أن تكون ردّة فعل الشعب السوري الحر تجاههم؟ نعم! لقد فسد الملح وفسدت الممالحة بين من لا يحفظ حرمة الممالحة.

هل لدى إسرائيل فرع فلسطين؟

من جهة ثانية نجد الإعلام العربي يتجنب الحديث عن تلك القضايا الإنسانية الرهيبة، وفي محاولة لتتبّع ردود الفعل نجد أن المسألة تمرّ مرور الكرام، ولا يتم الحديث عنها باعتبار أن هنالك بعض الدول العربية تتحدث عن عودة النظام إلى حظيرتها وتعويمه، أليس الكشف عن هذه الجرائم الممنهجة والتي ترقى إلى جرائم إبادة وتطهير عرقي يستوجب منها أخلاقياً قبل كل شيء اتخاذ موقف لقطع كافة العلاقات مع النظام المجرم؟

أليس هذا سبباً كافياً لها لاتخاذ تدابير معينة في هذا الصدد، وإلا لماذا تقاطع الكيان الإسرائيلي؟ هل لدى إسرائيل فرع فلسطين؟ هل لديها سجل إجرامي يصل إلى عُشر ما هو موجود في سجل النظام الطائفي المجرم؟ هذا ونشير إلى أن ما خفي أعظم بكثير، فمؤسسات النظام الأمنية أخذت حيطتها من تسريبات أو فضائح تزيد من فظاعة سمعتها الدولية الرديئة التي باتت في الحضيض.

فما هو حجم الكارثة التي وقعت على الشعب السوري الحر؟ إذا تم إسقاط النظام ونبشت كومة الإجرام الفظيعة منذ استلم حزب البعث الطائفي الحكم حتّى يومنا هذا، أنا على يقين أن العالم سيشهد ما هو أفظع بكثير مما شهده في الحروب العالمية الكبرى.

 

التعليقات (1)

    نظام علوي أرهابي

    ·منذ سنة 6 أشهر
    العلوين من اول ماسرقوا السلطة في سوريا ولايمر يوم وألا نكتشف كم هذه الطائفة حاقدة على سوريا والشعب السوري ولكن هذه الطائفة تتبع عقيدة التقية اي تعلن شي وتخفي شي مثلا تعلن اهم اهدافها تحرير فلسطين وفي الواقع تقيم علاقات وتحمي اسرائيل من أي هجوم فلسطيني على الرغم لايمراسبوع وألا اسرائيل تقصف اهداف في العمق السوري وبالطبع دون رد من 50 سنة وتتغنى بالعروبة وهي اهم حليف للفرس ضد العرب وتتشدق بكرامة الأنسان السوري وهي اشد من ذل وشنع بالمواطن السوري من مجازر كيماوية وقصف بالصواريخ والدبابات ... فالعلوين قوة احتلال ارهابية مثلها مثل داعش يجب اقتلاعها من سوريا ففي الظاهر هم سوريون ولكن الواقع يثبت أنهم مجرد عصابة حقيرة مستعدة بيع سوريا وشعبها بابخس الاسعار !!!
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات