كشفت صحيفة ("لوفيغارو) الفرنسية عن مساع أردنية لتعويم نظام الأسد مقابل وقف تهريب المخدرات من مناطق سيطرته إلى الأراضي الأردنية، ما يشير إلى الخطر الواسع الذي بات يهدد الأردن وأمنه بسبب تدفق المخدرات بكثافة نحو أراضيه تجاه الدول الخليجية بعد سنوات على سيطرة أسد وميليشياته على المنطقة الحدودية.
وذكرت الصحيفة في تحقيق مطوّل تحت عنوان (من سوريا إلى السعودية.. على طريق الكبتاغون.. المخدر الذي يُهدد الشباب) أن المملكة الأردنية تسعى لحل سياسي يؤدي لتعويم نظام بشار أسد، لقاء وقفه تصنيع وتهريب المخدرات باتجاه أراضيها.
وقال كاتب التحقيق (جورج مالبرونو) نقلاً عن مصدر أردني، أن المقايضة بين الطرفين "كانت حاضرة في صلب محادثات سرية أجراها مسؤول أردني رفيع المستوى مع وزير خارجية سوريا فيصل مقداد".
وبحسب الكاتب، فإن الجانب الأمريكي لا يمانع تلك المقايضة، مشيراً إلى أنّ الملك الأردني تناول تلك الصفقة لدى لقائه الرئيس ماكرون مؤخرا الذي بدا مهتماً بحسب الصحيفة الفرنسية التي لفتت في المقابل إلى أن تلك المقايضة قوبلت بمعارضة من قبل دبلوماسيين فرنسيين.
رحلة المخدرات
ويسلّط التقرير الفرنسي الضوء على رحلة المخدرات التي تنطلق من مناطق سيطرة نظام أسد في سوريا وكذلك مناطق سيطرة ميليشيا حزب الله في لبنان، من التصنيع وحتى الترويج والتهريب إلى الدول المجاورة وخاصة الأردن، من خلال شبكة عنكبوتية تتبع أساليب شيطانية لتهريب تلك المواد الخطرة وتخبها ضمن القوافل التجارية العابرة للمعابر الرسمية.
ويقول التحقيق الفرنسي المؤلف من صفحتين إن "سوريا هي أكبر منتج للكبتاغون، والسعودية أول مستهلك له والأردن ولبنان ممراته"، ويشير الكاتب جورج مالبرونو إلى أن "آفة الكبتاغون تخطت منطقة الشرق الأوسط" وأنه تم ضبط 250 مليون حبة منه منذ بداية العام الحالي، لافتاً إلى أن التهريب عبر الحدود الشمالية للأردن ازداد منذ استعادة بشار أسد سيطرته على جنوب سوريا عام 2018، وأن "الجيش الأردني بات يُحبط يومياً 13 عملية تهريب".
كما قالت مصادر مخابراتية أردنية للصحيفة، إن ميليشيا الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر شقيق بشار أسد هي المسؤول الأبرز عن تصنيع وتهريب الكبتاغون بالاشتراك مع "المخابرات العسكرية السورية" وحزب الله، حليف أسد، وأن "الجزء الأكبر من الكبتاغون يُهرّب إلى السعودية حيث يشعر الشباب بالملل".
وقال مسؤول أردني للصحيفة إن “المهربين أصبحوا مبدعين للغاية.. يمكنهم أيضًا إخفاء حبوبهم في حواف الأمشاط التي يتم إرسالها إلى الحلاقين في الأردن أو دول الخليج العربي، في زجاجات زيت زيتون، في الباذنجان، أو داخل كتل خرسانية مخصصة للبناء يصعب اكتشافها، حتى مع وجود الليزر".
خطر المخدرات يحاصر الأردن
وتتكرر محاولات تهريب المخدرات من مناطق سيطرة أسد وإيران إلى الأراضي الأردنية، بإدخال كميات ضخمة بوسائل مختلفة بهدف توريدها إلى دول الخليج العربي، وهو أمر زادت نسبته في الآونة الأخيرة عبر المعابر الرسمية وغير الرسمية من قبل عصابات تابعة للميليشيات، حيث تُعدّ حكومة ميليشيا أسد وحليفها حزب الله اللبناني من أبرز المصدِّرين للمخدرات على مستوى الشرق الأوسط، وكشفت العديد من التقارير الخط الإنتاجي للمخدرات والحبوب المخدرة وطرق التصدير إلى دول الخليج وأوروبا وغيرها من الدول الأخرى.
وكان الأردن أعلن في الأشهر الماضية النفير العام بسبب ما وصفه خطر المخدرات والأسلحة المهرّبة من سوريا تجاه أراضيه، وقال حينها مدير الإعلام العسكري، مصطفى الحياري إن “المجموعات المُهرِّبة تتلقى دعماً أحياناً من مجموعات غير منضبطة من حرس الحدود السوري، ومن مجموعات أخرى، وبالتالي هي عمليات ممنهجة”، مشيراً إلى أن الحدود الأردنية "تشهد يومياً عمليات تهريب من قبل 3 أو 4 مجموعات، وكل مجموعة تتألف من 10 إلى 20 شخصاً، وتقسم المجموعات إلى فئة استطلاعية، وفئة تعمل على تشتيت القوات المسلحة، وفئة أخرى تنتظر الفرصة المناسبة لتقوم بعمليات التهريب".
والشهر الماضي، طلبت السلطات الأردنية من ميليشيا أسد “إغلاق ومطاردة ورشتين على الأقل لديها معلومات عنهما في الجانب السوري من الحدود”، وسط أنباء عن تعاون على مستوى منخفض بين الطرفين لضبط الحدود، بعد ارتفاع معدل خطر تهريب المخدرات باتجاه الأراضي الأردنية.
سبق ذلك تحذير الملك الأردني عبد الله الثاني، من تصعيد محتمل على حدود بلاده مع سوريا، بسبب التوسع الإيراني المتزايد على حساب الانسحاب الروسي في المنطقة الجنوبية، وقال الملك في مقابلة مع معهد (هوفر) في جامعة "ستانفورد" الأمريكية الأسبوع الماضي: إن “الوجود الروسي في جنوب سوريا، كان يشكّل مصدراً للتهدئة”، مضيفاً: "هذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".
التعليقات (4)