غورباتشوف والثورة السورية: عندما اكفهرّ وجه حافظ الأسد!

غورباتشوف والثورة السورية: عندما اكفهرّ وجه حافظ الأسد!

قد يستغرب المتابع علاقة غورباتشوف الزعيم السوفياتي السابق ( الذي توفي  في 30  من آب/ أغسطس  الماضي) مع بوتين، ولكن إن تم التدقيق جيداً في الأمر فإن إيراد هذا العنوان غايته لفت النظر إلى حجم الخراب الذي أحدثه طاغية العصر بوتين مشاركة مع المجرم بشار الأسد.

يبدو أن بوتين أراد معاندة حتمية التاريخ التي كانت تقتضي إجراء إصلاحات تأخرت عنها الشعوب السوفيتية وجاء غورباتشوف ليصحح وينقذ ما يستطيع إنقاذه ولو بعد مرور وقت طويل على الفساد والتحجر الإيديولوجي والجمود العقائدي، إنه غورباتشوف صاحب البيروسترويكا والغلاسنوست أي الإصلاح والتطوير والعلنية والشفافية،  لكن بوتين حاول أن يعيد أمجاد الاتحاد السوفيتي،  وذلك بالقبض بيد من حديد على الاتحاد الروسي وممارسة الاستبداد والدكتاتورية بحق الشعب الروسي وملء المعتقلات بالمعارضين لسياسته وإشعال حروب إبادة جماعية ضد الشيشان وجورجيا وضم جزيرة القرم والتدخل الهمجي البشع في سوريا وأخيراً وليس آخراً  إشعال حرب أوكرانيا التي يئنّ  الجيش الروسي هذه الأيام تحت ضربات الأوكران بدعم غربي واضح.

نعم لو أن إصلاحات غورباتشوف جرت في مسارها الصحيح ولم يعطبها ويدمرها بوتين طاغية العصر لما وجدنا ثورة الشعب السوري تنتكس إلى هذه الدرجة التي نجدها، ولا ننكر الأسباب الأخرى لانتكاس الثورة، لكن الدور الروسي كان خطيراً ومدمراً للثورة وللشعب وللمجتمع السوري كله لقد مارس بوتين أبشع الجرائم بحق الشعب السوري عند تدخله العسكري المباشر عام 2015 وحتى الآن وقبلها  الفيتوات المشتركة مع الصين في مجلس الأمن الدولي التي تعني منع الشعب السوري من اختيار طريقه في السياسة والحياة الاجتماعية والاقتصادية.

يذكر أن المقبور والد الدكتاتور الحالي كان قد زار الاتحاد السوفياتي وقابل غورباتشوف وتحدث المقبور إلى غورباتشوف عن “حاجته إلى السلاح المختلف كمّاً ونوعاً” للأسباب أعلاه عن السادات، إذ لم يبق سوى الأسد في مواجهة إسرائيل، ولذلك هو يسعى إلى إيجاد ذلك التوازن الاستراتيجي لاسترداد الأراضي العربية المحتلة، ولم ينس تذكير الرئيس الروسي غورباتشوف بأن دولته السورية فقيرة ونامية، وتحتاج إلى نوع من الرعاية لتنهض، وتقف على قدميها.عند ذلك، دخل غورباتشوف في الرد الموجع مباشرة، وبالأرقام والأسماء، فأشار إلى أن السوريين يقفون طوابير في ذلك الوقت أمام مؤسّسات الدولة الاستهلاكية للحصول على القليل من المواد التموينية الضرورية، من سكر وأرز وشاي وزيت نباتي.. إلخ في وقت تستورد فيه الدولة سيارات مرسيدس وبيجو وغيرها من البلدان الأوروبية واليابان وكوريا الجنوبية بالعملة الصعبة، إضافة إلى استيراد مواد كمالية لزوم النخبة الحكومية والعسكرية كالأدوات المنزلية والرخام الإيطالي. والتفت إلى الأسد يسأله: لماذا لا يركب أعضاء الحكومة السورية سيارات مثل "لادا" أو "فولكا" الروسيتين اللتين يركبهما الوزراء عندنا وأعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي؟! وهل من العدل والإنصاف في شيء، خصوصاً في العلاقات الأخوية بين صديقين، أن يشتري أحدُهما السلاح من صديقه بالدَّين، بينما يدفع الدولارات لخصوم صديقه من أجل سلع استهلاكية لا ضرورة لها؟ ثم ذكَّره بالفيتناميين الذين حرّروا بلادهم وكانوا شبه حفاة وجياع، يقتاتون بالأرز المنقوع بالماء فحسب، وقد استطاعوا أن يُخْرجوا الأميركان من بلادهم مخذولين ومخلّفين نحو ثلاثمئة ألف قتيل بشجاعة الفيتناميين واستغلالهم الطاقات الموجودة لديهم.

يعرف الأسد جيداً محتوى الدرس الوطني الذي أراده غورباتشوف، لكنه أراد حماية كرسي حكمه، وأناساً تمجِّده، ومن لهذه المهمة غير الفاسدين المفسدين، وهكذا استمر الوضع مع بشار الذي زعم أنه يريد إصلاحًا وتطويراً، لكنه حذا حذو الأب، فدمَّر الوطن وأهله، وأدخل الأغراب من كل صنف ولون.

وكان غورباتشوف قد وضع أمام المترجم الداغستاني الذي يجيد اللغة العربية تماماً، كل الوثائق عن تلك الصفقات السورية مع البلدان الرأسمالية، وفي النهاية، طلب منه أن يقرأ عليه الآيتين 21 و22 من سورة النجم: "ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذًا قسمة ضيزى". والآيتان استنكاريتان توبيخيتان. وعندها اكفهرَّ وجه الأسد وتلوَّن، ويعلّق مؤلف الكتاب بقوله:

"لا أعتقد أن الأسد تعرّض في حياته إلى "دش ماء بارد" وموقف صادم من هذا النوع، سواء في علاقاته مع الاتحاد السوفييتي أو غيره، خصوصًا حين جرت مقارنة سلوكِه بسلوك(كفار مكة)"   ( 1)

إن الطاغية المقبور حافظ وابنه بشار المجرم قد خربوا ودمروا سورية السياسة والمجتمع والثقافة والاقتصاد، وأبادوا قبل ذلك البشر وشردوا نصف الشعب السوري.  وكما قلنا  لولا الدعم الروسي ويضاف إليه الإيراني مع تخاذل دول العالم قاطبة لما كان للثورة السورية أن تتراجع وتتأخر، وهي في كل الأحوال موجودة، ومن يدري قد تكون الثورة السورية سبباً لتغيير منظومة القيم السياسية في العالم أجمع.

الهوامش

(1) انظر  محمود الوهب " يوم نعت غورباتشوف حافظ الاسد بالكافر " العربي الجديد  6 /9 /2022

 

التعليقات (1)

    المقبور الفاطس

    ·منذ سنة 7 أشهر
    هذه سياسة المقبور حافظ الفاطس لعنة الله عليه ومن بعده الوريث القاصر من خلال اذلال السورين وتجويعهم واخضاعهم للفساد ((منذ الانقلاب وسرقة الحكم في سوريا و السوريين يقفون طوابير أمام مؤسّسات الدولة الاستهلاكية للحصول على القليل من المواد التموينية الضرورية، من سكر وأرز وشاي وزيت نباتي ومن أسوأ الأنواع للشعب المسكين ..... و في وقت تستورد فيه حكومة المقبور سيارات مرسيدس وبيجو وغيرها من البلدان الأوروبية للفاسدين !!! حرم السورين من ابسط مقومات الحياة وارجعهم للعصر الحجري
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات