هدف واحد وأربع ثغرات كبيرة.. القصة الكاملة لاتفاقية "توحيد موارد الجيش الوطني" وانقسام الفيلق الثاني

هدف واحد وأربع ثغرات كبيرة.. القصة الكاملة لاتفاقية "توحيد موارد الجيش الوطني" وانقسام الفيلق الثاني

كشفت مصادر مطّلعة في الجيش الوطني لـ "أورينت نت" أن الاتفاقية التي وُقّعت بين فيالق الجيش الثلاثة، يوم الجمعة ما زالت "سارية"، رغم الإشكالات التي حصلت داخل الفيلق الثاني، بينما شكّك الكثيرون باستمرارها، نظراً إلى القصور الذي تعاني منه المبادرة، والذي ظهرت بوادره منذ اليوم الأول لتطبيقها.

ورغم تأكيد القائمين عليها أنها يمكن أن تشكّل أرضية لإصلاح المناطق المحررة وبالتالي البناء عليها لاحقاً، إلا أن الانقسام الذي وقع داخل الفيلق الثاني أكد أحقّية التحفظات التي أطلقها البعض على هذه المبادرة، معتبرين أنها سبب رئيسي في هذا الانقسام، ومقدمة لمزيد من التشظّيات داخل الجيش الوطني.

 

قصة المبادرة

المبادرة التي حملت اسم "المبادرة الموحدة" هي نتاج دمج بين ثلاث مبادرات كانت قد انطلقت أولها عقب الاقتتال الذي وقع منتصف حزيران/يونيو الماضي، داخل الفيلق الثالث، بين الفرقة ٣٢ (أحرار الشام/القاطع الشمالي) وبين الجبهة الشمالية، حيث عرض الشرعي العام لفيلق الشام "عمر حذيفة" أفكاراً لحل المشكلة التي أساسها الخلاف حول معبر فرعي.

لاحقاً تقدم عدد من العلماء والمشايخ، على رأسهم حسن الدغيم، مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني، بمبادرة أوسع لحل مشكلة المعابر في مناطق سيطرة الجيش بشكل عام، قبل أن تطرح نقابة الأكاديميين السوريين الأحرار، بقيادة الدكتور جواد أبو حطب، مبادرة ثالثة لإصلاح المناطق "المحررة" غداة المظاهرات التي شهدتها هذه المناطق الشهر الماضي.

وبعد التواصل بين الأطراف الثلاثة، تم الاتفاق على دمج هذه المبادرات في مبادرة واحدة عنوانها "توحيد الموارد الاقتصادية"، حيث رأى القائمون عليها أن الفشل المتكرر في توحد الفصائل واندماجها، سببه الرئيسي عدم التوزيع العادل لهذه الموارد، واحتفاظ كل فصيل بموارده الخاصة، ما يؤدي إلى استمرار الخلافات والتوتر.

 

سبب الخلاف

بعد طرح المبادرة على قادة الفيالق الثلاثة التي يتكون منها الجيش الوطني، وافق الفيلق الأول بشكل فوري عليها، وهو ما كان متوقعاً بالنظر إلى أنه الأقل دخلاً، قبل أن تعلن قيادة الفيلق الثالث، وهي الطرف الذي يسيطر على أهم المعابر عليها، بينما استمر الفيلق الثاني بالتحفظ والاعتراض بسبب الخلاف على توزيع النسب.

لكن تفجر الغضب الشعبي يوم الخميس الماضي مجدداً، على خلفية جريمة اغتصاب وقتل طفل في مدينة رأس العين بريف الحسكة، وإصدار الناشطين بياناً حازماً هددوا فيه بالتصعيد ضد قادة الفصائل، في حال استمروا بعرقلة مبادرات إصلاح المناطق الخاضعة لسيطرتهم، عجّل من تجاوز نقاط الخلاف والتوقيع على "المبادرة الموحدة" يوم الجمعة.

ورغم تحفظ الكثيرين على هذه المبادرة كونها لا تلبي الطموحات والمطالب، إلا أن غالبية الناشطين والثوار عبروا عن دعمهم لها، آملين أن تشكل بالفعل تحولاً حقيقياً على طريق إصلاح "المحرر".

لكن بعد أقل من ٢٤ ساعة على إعلان التوصل لاتفاق، أصدرت قيادة الفيلق الثاني، الذي يقوده بشكل فعلي فهيم عيسى، قائد "فرقة السلطان مراد"، قراراً يتضمن فصل فرقتي "الحمزة" و"السلطان سليمان شاه" من صفوف الفيلق، دون توضيح الأسباب.

وحسب البيان الذي تضمن قرار الفصل، فإن السبب هو عدم التزام مسؤولي الفرقتين بقرارات قيادة الفيلق، لكن مصادر مطلعة أكدت أن خلافات قديمة بين قادته ظهرت للعلن مع توقيع الاتفاق على تطبيق المبادرة.

وحسب هذه المصادر فإن فهيم عيسى لم يكن مرتاحاً للتقارب الذي كان يظهره قائد فرقة الحمزة، سيف أبو بكر، وقائد فرقة السلطان سليمان شاه، محمد الجاسم "أبو عمشة" مع الجبهة الشامية، ليستغل الأول ترشيح الطرفين لـ"أبو عمشة" كأحد ممثلي الفيلق الثاني في مجلس القيادة من أجل فصلهما.

لكن قيادياً في الجيش الوطني كشف لـ "أورينت نت" حقيقة ما حصل على هذا الصعيد، مؤكداً أن المبادرة التي تم الاتفاق عليها لعبت دوراً حاسماً في إخراج هذا الخلاف إلى العلن وتسريع الانقسام.

ويكشف المصدر، أنّ كلاً من سيف أبو بكر ومحمد الجاسم، استغلوا توقيع الاتفاق ليستفزّوا فهيم عيسى من أجل فصلهم من الفيلق بدل أن يتخذوا بأنفسهم قرار الخروج منه، بعد أن شعروا بأن الاتفاق يُنهي مخاوفهما من التهديدات التي دفعتهم للانضمام إليه، والتي كان مصدرها الجبهة الشامية، معتبرين أنهم أصبحوا في مأمن الآن.

وفي الوقت نفسه، يتابع القيادي الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فإن الأمر كان مناسباً جداً بالنسبة لفهيم عيسى الذي لم يصدر قرار فصل الفرقتين إلا بعد ضمان حصة الفيلق الثاني من الواردات الاقتصادية كما نصت عليه الاتفاقية.

 

مضمون الاتفاق

وينص الاتفاق الذي نجم عن المبادرة الموحدة، على تشكيل مجلس قيادة للمناطق المحررة، يتألف من ثمانية وعشرين شخصاً، بواقع سبعة ممثلين عن كل فيلق من الفيالق الثلاثة، إلى جانب سبعة مستقلين.

وبالإضافة إلى ذلك تم التوافق على ما يلي:

تشكيل قوة عسكرية مركزية من الفيالق الثلاثة-توحيد المعابر والحواجز وتشكيل إدارة مركزية لها تتبع لمجلس القيادة-تأسيس إدارة اقتصادية مشتركة تقوم على جمع وتوزيع الموارد وصرفها-تأسيس هيئة رقابة مركزية، بالإضافة إلى مكتب علاقات عامة وهيئة تعنى بذوي الشهداء، ومكتب قانوني.

أما فيما يتعلق بالواردات التي تم الاتفاق على جمعها وتقسيمها، فهي الواردات التي يتم تحصيلها من المعابر الداخلية والخارجية، على أن تُوزّع بنسبة ٣٦ بالمئة للفيلق الثاني، باعتباره يضمّ العدد الأكبر من العناصر، و٣٤ بالمئة للفيلق الثالث، و٣٠ بالمئة للفيلق الأول.

 

التحفّظات

ملاحظات كثيرة وتحفّظات عديدة سجّلها الناشطون والمتابعون على الاتفاقية التي نتجت عن هذه المبادرة، يمكن إجمالها بما يلي:

١-شرعنة الموارد غير الشرعية: يُعتبر هذا المأخذ هو أكثر النقاط التي أثارت الجدل والتحفظات، حيث سجّل الكثيرون تساؤلات حول السند الذي اعتمد عليه القائمون على هذه المبادرة في إقرار عمل المعابر غير الشرعية التي تربط بين مناطق سيطرة الجيش الوطني من جهة، ومناطق سيطرة كل من ميليشيا النظام وقسد من جهة أخرى، وتقوم جميعها تقريباً على التهريب والإتاوات.

لكن مقربين من الشخصيات القائمة على المبادرة، أكدوا أن المعابر التي تعنى بها مبادرتهم هي المعابر الخارجية والمعابر الداخلية الرسمية مع مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى معابر النفط مع قسد فقط، على أن يتم إعادة النظر ببقية المعابر غير الشرعية والتي لا تخضع لأي ضابط.

لكن هذا التوضيح لا يبدو كافياً من وجهة نظر الكثيرين، الذين يؤكدون اعتماد معظم الفصائل على هذا النوع من المعابر التي تُدرّ عليهم أموالاً طائلة، وبالتالي سيرفض قادتها التخلّي عنها، ما يترك نقطة خلاف قائمة ويمكن أن تفجّر توتراً في أي لحظة، ناهيك عن أن المبادرة لا تعالج واحدة من أهم أوجه معاناة المواطنين مع هذه المعابر بسبب الإتاوات التي يُضطرون لدفعها مقابل التنقل.

٢-تجاهل الملف الأمني: وبينما يدّعي قادة الفصائل أن سبب منعهم التنقّل الحر وبشكل رسمي للمواطنين بين مناطق سيطرتهم وبقية الأراضي السورية الأخرى هو سبب أمني بامتياز، فإن وجود معابر عديدة تعمل بشكل غير رسمي على السماح بهذا التنقل مقابل مبالغ مالية يدفعها المواطنون يؤكد عدم صحة هذه الادعاءات، بل ويزيد من المخاطر الأمنية على "المحرر" كما يرى الناشطون.

ويقول هؤلاء إن دخول الأشخاص عن طريق التهريب مقابل المال يسمح باستغلال ذلك من جانب تنظيمي داعش وحزب العمال الكردستاني، الذين يستهدفان هذه المناطق بالتفجيرات والاغتيالات، بينما كان يتوجب أن تتضمن المبادرة إغلاق معابر التهريب وإعادة العمل بالمعابر النظامية بعد فرض آلية تسجيل ومراقبة واضحة للوافدين إلى "المحرر".

٣-قصور "المبادرة الموحدة" لا يتوقف على هذا الجانب وحسب، بل يتعداه إلى إغفال أو تجاهل المشاكل الأخرى التي يعاني منها السكان في مناطق سيطرة الجيش الوطني، وتتعلق بغياب سلطة القانون وضعف دور مؤسسات الشرطة والقضاء، إلى جانب الفساد الإداري واحتكار المواد وعدم وجود إليات لتحسين الواقع الاقتصادي وإنهاء معاناة السكان على مختلف الصعد الخدمية.

٤-إهمال الجانب السياسي: تتجاهل المبادرة والاتفاقية التي نتجت عنها أيضاً أي إشارة إلى الجانب السياسي، حيث تجنبت الحديث عن المطالب الشعبية باستعادة القرار الوطني وتشكيل قيادة سياسية تعبّر عن الثورة وتمثّلها، بالإضافة إلى فك ارتباط المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني بالولايات التركية التي تتحكم بمعظم الشؤون في هذه المناطق، عن طريق المجالس المحلية للمدن والبلدات، حيث يطالب الناشطون بضرورة أن تكون هذه المجالس منتخبة أيضاً.

لكن مصادر مقربة من القائمين على "المبادرة الموحدة" قالوا إن هذه النقاط ليست غائبة عن بال أصحابها، لكن ترتيب الأولوية استدعى البدء بهذه النقاط باعتبارها الأكثر إلحاحاً، على أن يتم الانتقال للنقاط الأخرى بشكل تدريجي وعلى التوالي.

 

هدف واحد فقط

لكن وائل علوان، الباحث في مركز جسور للدراسات، أكد أن المبادرة محدودة بقضية المعابر وواردتها الاقتصادية فقط، مستبعداً أن يكون لها أي أهداف إضافية أخرى.

وفي تصريح لبرنامج "هنا سوريا" الذي يُبثّ على شاشة أورينت، قال علوان: “رغم كل ما يراد تحميله للمبادرة والدفع لبناء آمال إصلاحية عليها، إلا أن الحقيقة أن هدف هذه المبادرة هو خلق صندوق مالي تجمع فيه واردات المعابر ومن ثم تُقسّم بشكل مُرضٍ على جميع الفصائل”.

ويضيف: “رغم التحفظ الموجود على شرعية العديد من المعابر، إلا أن واردتها في حال تم التعامل معها بشفافية، ستكون كافية لتغطية احتياجات فيالق الجيش الوطني ورواتب عناصره، بل وزيادة هذه الرواتب بما يساعد على تحسين ظروف هؤلاء المقاتلين الذين يعانون بشدة نتيجة الراتب الشهري المتدنّي الذي يحصلون عليه حالياً”.

رغم كل التحفظات والملاحظات على المبادرة التي تم الاتفاق عليها من قبل فصائل الجيش الوطني، إلا أن الكثيرين رحّبوا بهذا الاتفاق، على أمل أن يساعد في تغيير الواقع المرير الذي تعيشه مناطق الشمال، لكن تفجر الخلافات بعد أقل من يوم واحد على توقيعه، أكد أحقية التحفظات والمخاوف التي سجلت حيال المبادرة، بينما كان لافتاً التزام القائمين عليها بالصمت وتجنبهم الظهور على وسائل الإعلام لشرح المبادرة وتوضيح بنودها والإجابة عن أسئلة الجمهور حولها، الأمر الذي يعتبره الناشطون إقراراً بصحة الملاحظات عليها وعدم ثقة أصحابها أنفسهم بنجاحها.

التعليقات (1)

    مهاجر

    ·منذ سنة 7 أشهر
    لازمكن إما تلقوا هالسلاح يلي بين ايدكين وتعطوا للشعب أو F16 ماتخلي ولا راس منكم يا اولاد. معبر جرابلس أكبر عصابة سلب ونهب ، شلة حرامية فاشلين.
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات