تعرض منصة (شاهد) مسلسلاً درامياً جديداً، كتبه رافي وهبي وأخرجه مخرج سوري شاب اسمه الفوز طنجور. المسلسل الذي يقدم شكلاً من أشكال الدراما البوليسية الاجتماعية، دفعنا للحوار مع مخرجه، قبل أن نعرض قراءتنا النقدية فيه.
مخرج المسلسل: مدينة جميلة ولكن!
"حاولت قدر المستطاع تجسيد السيناريو، الذي كتبه رافي وهبة لا تعنيني الحبكة البوليسية بمقدار ما تدور الكاميرا في أبو ظبي بين فيلا فخمة وشقة بسيطة في مبنى شعبي وبيت في ضاحية لا يمكن لأحد أن يتصور وجودها في هذه المدينة الجميلة" هكذا يبدأ حديثه لـ (أورينت نت) المخرج السوري الفوز طنجور، ويكمل موضحاً منهجية عمله: "ابتعدت قدر المستطاع عن السيارات الفارهة والفلل ولبس البلكونات"
وحول إمكانيات الممثلين وكيفية اختيارهم يقول طنجور: "قمنا بكستنيك لاختيار الأنسب وبعد جهد كبير حققنا ما نريد"، ويحدث طنجور(أورينت نت) عن إقامة طاقم العمل عشرين يوماً في الفندق قبل أن تدور الكاميرا وعن الصداقة التي جمعتهم "تكاد نحسبهم يعرفون بعضهم منذ الطفولة وشلة واحدة"،. وحول ما إذا كان التصوير في الإمارات خياراً هدفه ترويجي أو دعائي، يردّ طنجور موضحاً: "حينما كنت وراء الكاميرا لا أفكر سوى بنتاجي البصري. أساساً لم أفكر هكذا أبداً".
النوع الدرامي
ثمة شكل متعارَف عليه للدراما البوليسية له قواعد مجرّبة في الحكبة والعقدة والحل. وثمة دراما تنطوي على أبعاد بوليسية لكنها لا تتقيد بالقواعد المعروفة لها. هكذا يبدو سيناريو فيلم (ستة ناقص واحد) الذي أخرجه السوري الفوزي طنجور والسيناريو بتوقيع رافي وهبي. السيناريو يتراوح بين التراجيديا والكوميديا والدراما الاجتماعية. إنه بين هذا وذاك؛ فهو لا يخضع لقواعد نوع واضحة أو مواهب قوية، وإنما يضم الكل ومنه كل شيء وبشكل مركب، الحاضر يتحرك ويعود بنا إلى الماضي.
أساس الدراما عملية "الشد" أي الإمساك بتلابيب المشاهد والاحتفاظ به مشاهداً شغوفاً حتى النهاية، من خلال التناقض وليس عن طريق تطوّر الأحداث وتتابعها التسلسلي دائماً. وفي (ستة ناقص واحد) شلّة أصدقاء من جنسيات عربية متنوعة، يشاهدون فيلماً في السينما أبطاله يتعاطون المخدرات، يقرر "كريم" صديقهم الغني أن يقوموا برحلة بحرية ويخطط كل شيء لها، هنا يُفقد كريم في ظروف غامضة، وبكل رشاقة تنتقل الشخصيات إلى الماضي/ الطفولة كي تستعيد ملامح الحكاية والنشأة وتناقضاتها المثيرة. هنا يلعب المخرج الدور الأكبر مع الأهمية للممثل، وتتشابك وحدات الزمن والمكان والحدث، وتصبح الرحلة بين البحر والصحراء، بطلاً آخر.
الشخصيات
في السيناريو نعرف الشخصيات وتستمر معنا حتى النهاية، خلال الأحداث المطروحة في سياق الأحداث. والدراما الحديثة تعتمد كثيراً على الشخصية لأنها تقدم بطولة درامية لأفراد، في زمن موت القضايا الكبرى. شخصية الممثلة دوجانا عيسى تخرج الشخصية كما يريد المخرج، من البداية المسحة الممنوحة لشخصيتها تتحرك بين أفكارها ورغباتها، تقوم بدور المريضة النفسية، دور مركّب ويحتاج لطاقة تمثيلية في مستوى وأداء عالٍ، والدور النفسي له دور كبير في الشخصية، حتى الحوارات نجد فيها مع دوجانا تركيباً وأشياء غير منتظرة.
السيناريو والصراع
إن الدراما البوليسية تحتاج لسيناريو مغاير ومختلف عن الدراما الاجتماعية وسردياتها المألوفة، وهذا ما نجده في سيناريو رافي وهبي، فهو له مكوناته الخاصة إلى حد ما، وله أبعاده وله شخوصه المتداخلة والمتناثرة، بأسلوب السرد والحكي والصور والفعل الدرامي والأسلوب الخاص والبنية المستقلة، وحمولاته الاجتماعية والنفسية وحتى الاقتصادية؛ ساعياً لإنتاج دراما بوليسية تخاطب العقل والعين والوجدان وهدم الصورة المهترئة والمعروفة والخروج بثوب وحلة جديدة لخلق فرحة هنا وانكسار هناك، تحولات الشخصية التي تنتقل بين الناس"الكلاس" والناس الشعبيين أبناء"الحارة" البسيطة، تبدو كلها جزءاً من محاولة النص الاحتفاظ بحيويته وإن من خلال أحداث بعضها مكرر. أي تشعر أنك شاهدته على نحو ما. فالصراع الدرامي الذي تفرزه رحلة تحفل بمصاعب وأخطار وانقطاع عن المحيط، سبق تناوله مراراً في الدراما العربية والعالمية.
من وراء كاميرا طنجور، نجد كل هذه التناقضات والمشاكل التي تعاني منها الأسرة العربية. بحيث تكون علاقة الصورة المكانية هي ترجمة لعلاقات القوى والضعف بين الأصدقاء التي تتحكم بالحدث "تناقض- عداء- تلصص- مساعدة- حب-كره- سجن- حرية..إلخ" كل هذا جاء في السيناريو المتحرك والمتنقل عبر علاقات الحركة في المكان، أي أن يكون تصويراً للبعد التفسي، يسمح بقراءة جديدة.
التعليقات (0)