يفرض أعضاء ما يُعرف بـحزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) العماد الأساسي في ميليشيا قسد إتاوات مالية تقدّر بآلاف الدولارات في مناطق سيطرته شمال شرق سوريا، وذلك لدعم ميليشيا "حزب العمال الكُردستاني" (PKK) في جبال قنديل، والمُصنّف على قوائم الإرهاب التركية.
وأفادت عدة مصادر محلية في مدينتي الحسكة والقامشلي لأورينت نت، أنه تمّ تشكيل عدة لجان من أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي وموظّفي ما تسمّى بالإدارة الذاتية ويترأّس أغلبها كوادر من ميليشيا حزب العمال الكُردستاني من أكراد تركيا، لتفرض إتاوات مالية تقدّر بآلاف الدولارات.
وقال مصدر من إحدى شركات النقل في القامشلي، إنه عُقد اجتماع لجميع الشركات في المدينة، أداره كادر من عناصر الميليشيا من كُرد تركيا، ليلقي عليهم محاضرة في "النضال"، ثم يؤكّد بأنّ “مقاتلي (الكريلا) وهم (مقاتلو الـ PKK) يدافعون بدمائهم من أجل الشعب، وعليكم أنتم أن تناضلوا بمالكم”، حيث فرض على كل شركة 20 مليون ليرة سورية، أي ما يعادل 4500 دولار أمريكي.
كما فرضت إدارة معبر سيمالكا والوليد على حدود إقليم كُردستان العراق، إتاواتٍ مالية على جميع التجّار، لدعم مقاتلي (PKK) تتراوح ما بين 100 دولار و 5000 دولار وذلك بحسب قربهم من ميليشيا قسد، وشملت هذه الإتاوات جميع المؤسسات والهيئات التابعة للإدارة بدءاً من لجنة المحروقات ومروراً بشركات الصرافة والتجّار والصناعة، وحتى موظفي ما تسمّى بالإدارة لم يسلموا منها، حيث قطعت من رواتبهم ما بين 10 آلاف و 25 ألف ليرة سورية.
ادّعاءات كاذبة
وفي السياق، لطالما كانت تنفي ميليشيا قسد وقادة “حزب الاتحاد الديمقراطي” أية علاقة مع ميليشيا (PKK)، لكن عشرات التقارير الواردة تؤكد وبالأسماء أنّ مَن يدير مناطق شمال شرق سوريا هم قادة وكوادر الـPKK، خاصة مع رفع صور زعيم الميليشيا عبد الله أوجلان، وترديد الشعارات التي تمجّد وتبجّل "العمال الكُردستاني" وفي مقدمتها شعار (Be Serok Jîyan Nabe) والتي تعني (لا حياة بدون حرية "القائد") والمقصود به أوجلان، والتي تتردّد في القطعات العسكرية، والمدارس التي تُدار من قبل "هيئة التربية" التابعة لما تسمّى “إدارة حزب الاتحاد الديمقراطي” والذي يُعرف من قبل العديد من القوى السياسية، وفي مقدمتها الكُردية، بالجناح السوري لحزب العمال الكُردستاني.
فشل الضغوط لفكّ الارتباط
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية سعت جاهدةً خلال الأعوام الماضية للضغط على ميليشيا قسد لفك ارتباطها بتنظيم حزب العمال الكُردستاني (PKK) لدحض الذرائع أمام تركيا والدول الإقليمية التي تضع التنظيم ضمن لوائح المنظمات الإرهابية لديها، كما حاولت واشنطن إشراك ما يعرف بمجلس سوريا الديمقراطي (الجناح السياسي لقسد) في الاجتماعات والمؤتمرات التي تترأسها الأمم المتحدة والتي تتعلّق بالشأن السوري، لكن تلك الجهود باءت بالفشل مع إصرار قسد على الارتباط بميليشيا “PKK” والاعتماد على الكوادر الأجنبية في إدارة منطقة شمال شرق سوريا، وعلى رأسهم متزعم قسد المدعو "مظلوم كوباني" الذي يعد أحد كوادر PKK.
ونشر الإعلامي وعضو المجلس الوطني الكُردي "علي تمي" على صفحته وبحسب مصادر من كوباني، بأنّ قادة من القوات الأمريكية اجتمعوا مع قادة من قسد، في منتصف شهر تموز الفائت، بعد زيارة ليندسي غراهام السيناتور الأمريكي لشمال سوريا في قاعدة خراب عشك في ريف كوباني وفي ظلّ التهديدات التركية لشنّ حملةٍ ضد قسد على حدودها، أكّد على ضرورة فكّ الارتباط من PKK لأنهم لا يستطيعون إيقاف طلب تركيا التوغل ضمن الأراضي السورية، مؤكّدين أيضاً أهمية إزالة صور عبد الله اوجلان وجميع أعلام ورموز PKK، لقطع الذرائع أمام الأتراك.
كما إن المجلس الوطني الكردي اشترط ضمن المفاوضات الكُردية - الكُردية، والتي جرت برعاية أمريكية مع أحزاب الوحدة الوطنية التي يترأسها حزب الاتحاد الديمقراطي، خروج كوادر تنظيم “العمال الكُردستاني” من المناطق الكُردية وفكّ الارتباط بين الطرفين، لإيصال سفينة هذه المفاوضات إلى برّ الأمان، مؤكّدين من خلال العديد من التصاريح والبيانات بأن من يتحكّم بقرار السلم والحرب وموارد المنطقة هم كوادر التنظيم الأجنبي، ناهيك عن عمليات الخطف والاعتقال ورفض مبدأ الشراكة، وعلى إثر ذلك رفض زعيم قسد (مظلوم عبدي) هذا الشرط، ما دفع قيادة “الاتحاد الديمقراطي” لإيقاف المفاوضات، دون إعلانٍ رسمي من قبل أحزاب الوحدة الوطنية.
ومنذ استيلاء قسد على مناطق شرق الفرات بدعم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، فرضت الميليشيا الإتاوات المالية على الأهالي لدعم تنظيم PKK في جبال قنديل، رغم أنّ المنطقة تعيش أزمةً اقتصادية خانقة لم تشهدها منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، إلى جانب المخاوف من شن الجيش التركي عملية عسكرية لإبعاد خطر الميليشيا عن حدوده.
التعليقات (2)