لم توفّر ميليشيات الجيش الوطني الأحراش الطبيعية من جرائمها المستمرة بمناطق سيطرتها بريف حلب، ضمن انتهاكات متفاقمة وتتجاوز كافة القوانين والأعراف وتزيد وتيرة الغضب الشعبي، في وقت تغيب المحاسبة القانونية التي تضمن تطبيق القوانين وتحد من التجاوزات المختلفة.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم، صوراً وتسجيلاً تُظهر عمليات قطع الأشجار بشكل ممنهج من قبل عناصر ميليشيا (السلطان مراد) وتحملها بشاحنات في محيط بحيرة ميدانكي بمنطقة عفرين شمال حلب.
وأرفق الناشطون صوراً توضّح الفرق بين الوضع السابق للمنطقة الحراجية قبل ثلاث سنوات، وبين الوضع الحالي بعد أن باتت تلك الأحراش جرداء وشبه خالية من الأشجار نتيجة عمليات الاحتطاب والقطع الجماعي للأشجار من قبل عناصر الفصائل.
وأثارت التسريبات غضباً واسعاً من قبل الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي لما وصفوه بجرائم الفصائل تجاه الأحراش الطبيعية والتعدّيات الواسعة التي وصلت لـ "إعدام الأشجار"، إذ تعتمد الميليشيات في المنطقة على الاحتطاب كوسيلة لجمع الأموال من خلال قطعها وبيعها لحسابهم الخاص.
وطالب كثيرون وبينهم محامون وناشطون عبر وسم أطلقوه بمحاسبة الفصائل المسؤولة عن تلك الجرائم، ووقف عمليات تقطيع الأشجار، وطالبوا بحماية الأحراش المنتشرة في المناطق المحررة في الشمال السوري، مشيرين إلى أن قطع الأشجار الحراجية يعدّ "جريمة يعاقب عليها القانون وتستوجب تحركاً قضائياً عاجلاً".
واكتفى الجيش الوطني عبر ما يعرف بـ “إدارة التوجيه المعنوي” بقيادة حسن الدغيم بنشر (إنفوغراف) توجيهي يحمل نصائح مدرسية تنادي بمنع قطع الأشجار، وتذكرهم بوصايا الرسول (صلى الله عليه وسلم) حول ذلك، رغم أن (الجيش الوطني) هو المسؤول الأول عن جرائم قطع الأشجار التي ترتكبها ميليشياته في عفرين وباقي مناطق سيطرته بريف حلب، ومن المفترض أن تخرج (التوجيه المعنوي) بياناً بمعاقبة الفاعلين وليس إرشادهم أو نصحهم وكأنها منظمة تهتم بشؤون البيئة وليس جهة قيادية ومسؤولة في الجيش!.
وتضم مناطق الشمال السوري ولا سيما ريف حلب، العشرات من الأحراش الخضراء التي تشكل لوحات طبيعية، وتضم أشجاراً معمّرة ودائمة الخضرة كالصنوبر والسرو وغيرها، ويُخشى من تفشي ظاهرة التعدي على تلك الأحراش من قبل مجموعات مسلحة تستقوي بسلطة الميليشيات وتتجاوز القوانين والأعراف.
وتسيطر فصائل الجيش الوطني بكافة تشكيلاتها على مناطق ريفي حلب الشرقي والشمالي، وتعاني تلك المناطق من انتهاكات واسعة تجاه المدنيين وصلت لجرائم الخطف والقتل تحت التعذيب والسحل والإهانات اللاذعة، وكذلك اعتقال النساء والإعلاميين، لكن الجانب الأمني بدا أكثر خطورة بما تكشّف عنه من فساد تشبيحي يرتكبه الكثير من قادة الفصائل المتنفّذين، خاصة أن الفصائل تحكم بمعايير الفساد والتشبيح والطبقية وبعيداً عن معايير ثورة السوريين التي ترفع "الكرامة والحرية والعدالة" شعاراً لها.
وتندرج جميع تلك الجرائم في إطار الانتهاكات المروِّعة في المناطق "المحررة"، مقابل غياب المحاسبة الحقيقية وعدم وضع آلية للحدّ من تلك الجرائم بحق السكان، الأمر الذي يزيد نسبة الغضب الشعبي في تلك المناطق، خاصة مع غياب السلطة القانونية والأمنية عن محاسبة الجناة ووضع حد لفوضى السلاح الميليشياوي وإنهاء الفوضى الأمنية بشكل كامل.
التعليقات (7)