قرار يمهّد لصراع شيعي- شيعي.. مقتدى الصدر يعتزل وأنصاره يقتحمون القصر الجمهوري

قرار يمهّد لصراع شيعي- شيعي.. مقتدى الصدر يعتزل وأنصاره يقتحمون القصر الجمهوري

أعلن زعيم التيار الصدري في العراق (مقتدى الصدر) اعتزاله العمل السياسي بشكل نهائي، في خطوة تضع العراق أمام تحديات جديدة وتزيد الأزمات السياسية التي تضرب البلاد، ولا سيما الهيمنة الإيرانية التي تؤثر كلياً على المشهد العراقي وتعرقل الوصول لحكومة وطنية خالية من التدخلات الأجنبية الطائفية.

وقال الصدر في بيان له على معرفاته في "تويتر" اليوم إنه سيُغلق "كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام"، وألمح إلى احتمالية مقتله في الفترة المقبلة، حين قال في بيانه، "الكل في حلّ مني.. وإن مت أو قتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء".

وأضاف الزعيم الشيعي: “يظن الكثيرون بما فيهم السيد الحائري أن هذه القيادة جاءت بفضلهم أو بأمرهم، كلا، إن ذلك بفضل ربي أولاً ومن فيوضات السيد الوالد قدس سره الذي لم يتخلّ عن العراق وشعبه”، في إشارة إلى المرجع الشيعي الموالي لإيران (كاظم الحائري)، الذي يقطن في قم الإيرانية.

وجاء ذلك بعد انتقادات لاذعة وجهها الحائري للزعيم الصدر حين اتهمه بـ "السعي لتفريق أبناء الشعب والمذهب باسم الشهيدين الصدرين، وأنّه فاقد للاجتهاد أو لباقي الشرائط المشترطة في القيادة الشرعّية"، حيث دعا الحائري أتباع المذهب الشيعي في العراق لإطاعة المرجع الإيراني (علي خامنئي) باعتباره "الأجدر والأكفأ على قيادة الأمة" بحسب تعبيره.

اعتزال الصدر للعمل السياسي يأتي بالتزامن مع استمرار أتباع الصدر بالاعتصام للأسبوع الخامس على التوالي أمام مقرّ البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد للمطالبة بحل البرلمان، مقابل حشود من (الإطار التنسيقي) المحسوب على إيران، للمطالبة باستئناف عمل البرلمان وتشكيل حكومة عراقية جديدة.

وعقب قرار الاعتزال، أعلن مكتب (التيار الصدري) إغلاق الصفحات التابعة للزعيم (مقتدى الصدر) وطالب المكتب أنصاره بمنع استعمال أي وسيلة إعلامية بما في ذلك منصات التواصل الاجتماعي باسم التيار الصدري، وعدم التدخل باسم التيار الصدري في جميع الأمور السياسية والمعاملات المتداولة في مفاصل الدولة.

تفجّر الأزمة

وبدورها أعلنت اللجنة المركزية لتظاهرات التيار الصدري الامتثال لقرار الزعيم الصدري، حيث تقود تلك اللجنة المظاهرات والاعتصامات في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، بالتوازي مع توجه أنصار التيار نحو القصور الرئاسية في بغداد واقتحام أحد القصور تعبيراً عن الغضب الشعبي.

وأعلن الجيش العراقي اليوم حظر التجوال الشامل في بغداد، (اعتباراً من الساعة 2:30 ظهر اليوم الإثنين)، وذلك على خلفية اقتحام أنصار الصدر القصر الجمهوري في بغداد، فيما أجلت قوات الأمن موظفي مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية إثر اقتحامهما من المحتجين الغاضبين، وسط إطلاق نار كثيف وتعزيزات أمنية للسيطرة على المشهد الحالي.

 

العراق غارق في الأزمات

ويعاني العراق فراغاً سياسياً متواصلاً منذ 300 يوم بسبب التناحرات السياسية الداخلية التي أبقت البلاد دون رئيس أو حكومة، مقابل إصرار "الإطار التنسيقي" وهو تحالف الأحزاب الشيعية الموالية لإيران ويتصدره المالكي، على تشكيل حكومة بزعامة محمد شياع السوداني، في ظل تزايد الأزمات على الأصعدة السياسية والاقتصادية بسبب العرقلات الإيرانية لأي خطوات سياسية تسعى لإنقاذ البلاد من الفوضى الأمنية والفراغ السياسي.

ومنذ تشرين الأول الماضي، تواصل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها تصريف الأعمال، وستبقى كذلك حتى تتفق الأحزاب على حكومة جديدة، إلا أن هذا الشلل السياسي ترك العراق دون موازنة عامة لعام 2022، وأثّر على حياة المواطنين والاقتصاد وملف مكافحة الإرهاب، وفق مواقع محلية.

وعلى ما يبدو فإن الانقسام السياسي بين كتلة الصدر و"الإطار التنسيقي" الشيعيتين سيمهّد لصراع شيعي-شيعي، بعدما أعلن "الإطار التنسيقي" الذي يتصدره المالكي في العراق، مضيه في تشكيل حكومة بزعامة محمد شياع السوداني، رغم اقتحام أنصار الصدر الرافضين لذلك مقر البرلمان.

وكان أنصار الصدر اقتحموا مقر مبنى البرلمان العراقي مرتين على التوالي في الأسبوع الأول من شهر تموز الماضي، بعدما تمكّنوا من دخول المنطقة الخضراء المحصّنة في وسط بغداد، وذلك اعتراضاً على "الإطار الدستوري" بتسمية رئيس وزراء جديد وانتخاب رئيس للجمهورية.

صراع شيعي شيعي

وكانت كتلة الصدر فازت بـ 73 مقعداً في الانتخابات، المبكرة التي أُجريت في العراق في تشرين الأول 2021، ما جعلها أكبر فصيل في البرلمان المؤلف من 329 مقعداً، غير أن الصدر غير مرضي عليه من إيران، فلم يستطع تشكيل الحكومة منفرداً، فكان المخرج هو الاتفاق على رئيس حكومة من القوة الشيعية الأخرى التي يسيطر عليها نوري المالكي لكن بموافقة الصدر، إلا أنه منذ ذلك الحين لم يتم تشكيل حكومة جديدة جراء الخلافات حول شخصية رئيس الحكومة .

وسبق أن اعتبر خبير العلاقات الدولية، الدكتور عمر عبد الستار في تصريحات لأورينت نت، أن الصدر والمالكي الذي يتصدر "الإطار التنسيقي" هما خطان متوازيان لا يلتقيان، خاصة أن المالكي يمثل مشروع ولاية الفقيه الإسلاموي العابر للحدود، فالصراع بين الرجلين هو (صراع بين النجف وقُم) إذ إن هذا الصراع لا يمكن تسويته، خاصة أن الصدر مصرّ على منع الإطار التنسيقي من تشكيل حكومة موالية لإيران.

وأضاف عبد الستار أن حكومة الإطار التنسيقي في زمن العبادي وعادل عبد المهدي كانت حليفاً محلياً لوكلاء دوليين في مقاتلة داعش، وهذا يستدعي البحث فيما إذا كان الصدر يشكل حليفاً محلياً أم لا وإذا ما كان بالإمكان الاعتماد عليه في قتال الميليشيات المرتبطة بالحرس الثوري، ما يفتح الباب بطريقة ما إلى قتال شيعي-شيعي في المحصلة.

وأكد أن هذا الأمر يحتاج تفويض الحكومة العراقية التحالف الدولي لمواجهة تلك الميليشيات وبدعم من أمريكا، موضحاً أن وكلاء إيران يمثلون جهات متمردين على العملية السياسية مثل ما كان وضع السُنّة قبل 2003.

من هو الصدر؟ 

ومقتدى الصدر، هو ابن القيادي الشيعي البارز (السيد محمد صادق الصدر) الذي عرف بمقاومته لحكم صدام حسين، حتى مقتله رفقة اثنين من أبنائه بكمين عام 1999، وبعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، برز الصدر (48 عاماً) كقائد شيعي يسعى للخروج من عباءة السنة والحكم "الصدّامي" والتقرب في ذات الوقت من النظام الإيراني.

وبالعفل، نجح الصدر منذ ذلك الوقت بمساعدة إيران مع انضمام آلاف المسلحين الشيعة إليه، ليشكل فيما بعد فصيله المسلح تحت اسم (سرايا السلام) والذي ما زال مقاتلوه يشكلون نواة "التيار الصدري" الحالي.

ويشكل مقتدى الصدر مع قواته سرايا السلام التي ضم إليها قوات سنية وكردية ورقة سياسية فارقة في المعادلات السياسية العراقية وكذلك في في وجه إيران ومخططاتها

الشيعي المنقلب على إيران إيران

اشتهر الصدر بعلاقات قوية تربطه بقائد ميليشيا (فيلق القدس) قاسم سليماني، والذي يعرف بمهندس المخططات الإيرانية في المنطقة العربية، وبعد مقتله بغارات أمريكية في بغداد مطلع عام 2020، عاودت إيران محاولات القرب من الزعيم الشيعي الصدر ولا سيما عبر خلف سليماني، إسماعيل قاآني الذي زاره مرتين في العراق وآخرها في شباط الماضي.

وجرت الزيارة في مدينة النجف العراقية حينها واستمرت لنصف ساعة، وبحسب وكالات إعلامية فإن الصدر استقبل القيادي الإيراني بجفاء مع ارتداء الكوفية العراقية بلونيها الأبيض والأسود ويضع عباءة بنية اللون، في رسالة واضحة لتمسكه بعروبته ووطنيّته على حساب رفض النفوذ والولاء الإيراني، وقال حينها موجها كلامه لقاآني: "ما علاقة السياسة العراقية بكم؟... لا نريدكم أن تتدخلوا".

وانتهت الجولة الإيرانية بالفشل الواضح بعد رفض الصدر لأي تدخلات إيرانية في الشؤون العراقية، ولا سيما رفضه الضغوط لتشكيل حكومة كاملة الولاء لإيران، حيث غرّد الصدر حينها على حسابه في "تويتر": " تويتر": "لا شرقية ولا غربية.. حكومة أغلبية وطنية".

ومنذ عام 2017، أعلن الصدر مواقفه المناهضة للتدخل الإيراني في شؤون العراق، عبر مهاجمة أبرز المحسوبين على إيران أمثال رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وكذلك الانتقاد المتكرر للنظام الإيراني واتهامه بتأجيج الفتنة في الدول العربية في إشارة لسوريا والعراق، إلى جانب التوجه للدول الخليجية والعمل على حل الخلاف الشيعي السني في العراق، من خلال لقاءات جمعته بمسؤولين من الإمارات والسعودية.

ودفعت تقاربات الصدر مع الدول العربية التي تمثل "السنة" في المنطقة، الأحزاب العراقية المحسوبة على إيران للضغط على الصدر بكافة الأساليب الممكنة ولاسيما بهجمات سياسية وعسكرية لضرب حلفاءه العرب والسنة، في إشارة للأكراد في شمال العراق، في محاولة لخلط الأوراق الداخلية والخارجية.

التعليقات (1)

    شي واحد

    ·منذ سنة 7 أشهر
    مجوس إيران و عقيدتهم الشيطانية هم سرطان مدمر ينتشر في كل الدول العربية و لا أحد مدرك لهذا الخطر فالحكام العرب لاهين و مستمتعين بالسرقة و البطش بالعباد و سيأتي اليوم الذي تنحرهم فيه إيران و تستولي على كل بقاع الأرض العربية و تقضي على الإسلام و تنشر العقيدة المجوسية الشيطانية في كل مكان!!!!
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات