بالوثائق.. القضاء العسكري في الشمال يطلق سراح شبيحة ويلاحق الثوار

بالوثائق.. القضاء العسكري في الشمال يطلق سراح شبيحة ويلاحق الثوار

بينما تفرض مؤسسة القضاء العسكري، في مناطق سيطرة الجيش الوطني، الأحكام التعسفية على الناشطين، وتعتقل وتغيّب المواطنين لأسباب شخصية أو نتيجة الفساد، وتمارس بحق المعتقلين التعذيب والابتزاز، فإنها تستمر بالتعامل مع المتهمين أو المدانين بالخدمة في مؤسسات أسد العسكرية والأمنية حتى الأمس القريب بالمحاباة والتفضيل بل وأحياناً التكريم من خلال منحهم الموظائف والمناصب داخل مؤسسات الثورة العسكرية والمدنية.

وتزايد الحديث خلال الأسابيع القليلة الماضية عن الفساد المستشري داخل مؤسسات الشرطة العسكرية والقضاء العسكري في ريف حلب، خاصة بعد تصدر هذه المؤسسات واجهة الأحداث الأخيرة التي تعيشها المنطقة وتغولها في قمع الناشطين والسكان واعتقالهم، نظير التستر عن عناصر ميليشيا أسد والإفراج عنهم مقابل مبالغ مالية أو لصلة قرابة.

محاضر فساد

وحصل موقع "أورينت" على محضر تحقيق مع المدعو "عبدالله محمود. ك" الذي خدم في ميليشيات نظام أسد لمدة تسع سنوات تقريباً انتهت عام ٢٠١٩، لينتقل إلى العيش في مدينة عفرين، قبل أن يقوم القضاء العسكري في مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي باعتقاله والتحقيق معه ثم الإفراج عنه بعد أيام قليلة دون عرضه على القضاء، بحسب ما توضحه المعلومات التي تضمنتها الوثائق.

وبحسب محضر التحقيق فإن عبدالله. ك خدم في ميليشيا أسد مدة ثماني سنوات وسبعة أشهر وأربعة أيام، ضمن مرتبات الفوج 49 في دمشق اختصاص صواريخ كونكورس موجهة، وقد تم اعتقاله في مدينة جرابلس شرق حلب من قبل الشرطة العسكرية بعد شهر واحد من تسريحه عام ٢٠١٩.

وتظهر وثيقة طلب إخلاء السبيل والموافقة عليها التي صدرت بتاريخ 11 شباط/ فبراير 2019، أي بعد عشرين يوماً فقط من الاعتقال، طلب الإفرج الفوري عن العنصر المحتجز من قبل النائب العام العسكري في مدينة جرابلس المساعد "عبد القادر الكليب"، دون تكلف عناء التدقيق والحسم فيما إذا كان الموقوف قد ساهم بأي عمليات عسكرية أو شارك بأي انتهاكات أو جرائم ضد الثوار والمدنيين خلال فترة خدمته أم لا.

 

مصدر حقوقي مطلع أكد لـ "أورينت نت" "أن هذه القضية تعتبر حالة من عشرات بل مئات الحالات التي يتم إخلاء سبيل الموقوفين فيها من قبل الشرطة والقضاء العسكريين بريف حلب، بطلب من قادة في الفصائل العسكرية أو بعد دفع رِشا من قبل ذوي المعتقلين رغم ثبوت تورطهم بالقتال إن كان في صفوف عصابات أسد المجرم أو تنظيم داعش الإرهابي".

ويضيف: من لا يملك سنداً في فصيل من الفصائل المسيطرة، يؤكل حقه ولا يستطيع الكلام، بينما أصحاب الوساطات والمال، خاصة الفئات المذكورة من عناصر داعش وأسد يعيشون حياتهم دون أن يتعرض لهم أحد.

ولم يفوّت المصدر الإشارة إلى عمليات قتل واعتقال قادة بارزين في داعش التي ينفذها التحالف الدولي ضمن مناطق ريف حلب والتي كان آخرها عملية اعتقال أحد القادة البارزين في صفوف التنظيم منتصف شهر حزيران/يونيو المنقضي في جرابلس، معتبراً هذه العمليات دليلاً على أن دور الشرطة العسكرية التي يجب أن تكون مهمتها البحث عن هؤلاء المجرمين، لا يتعدى العمل على ترهيب السكان وتحصيل الإتاوات.

وبناءً على التجارب السابقة، فإن حالات الإفراج عن عناصر ميليشيا أسد وغيرها من الميليشيات، تتم من خلال دفع الرشا والأموال لقادة عسكريين، ولعل حادثة الإفراج عن العنصر من قبل ميليشيات أسد "محمد حسان المصطفى" من قبل الشرطة العسكرية في مدينة الباب بعد دفعه مبلغ "1500 دولار أمريكي" للعقيد "عبد اللطيف أحمد" قائد الشرطة العسكرية في مدينة الباب، وبالتنسيق مع القيادي في فرقة السلطان مراد "حميدو الجحيشي"، بحسب ناشطين محليين، خير دليل على حالة الفساد التي يعيشها جهاز الشرطة العسكرية والقضاء العسكرية بريف حلب.

 

الكيل بمكيالين

ومقابل تبرئة عناصر ميليشيا أسد دون عرضهم على القضاء، أصدر القضاء العسكري في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، حكماً بسجن الناشط الإعلامي "محمود الدمشقي" لمدة 11 شهراً وفرض غرامة 2000 ليرة تركية، لثبوت اقترافه جرم " الذم والتهديد بالقتل والمساس بالشعور الديني وتحقير الجيش الوطني" وفق قرار المحكمة.

ويأتي هذا الحكم على خلفية القضية التي أثارها الدمشقي في شهر أيار/مايو الماضي، حول تستر أحد القادة الأمنيين في فصيل "جيش الإسلام" المدعو "حسام القعدان"  عن شقيقيه "يزن وقاسم القعدان" وهما عنصران في ميليشيا أسد، متّهمان بارتكاب جرائم ضد المدنيين.

وبدلاً من اعتقال المتهمين ومساءلة القيادي في جيش الإسلام، اعتقلت الشرطة العسكرية في عفرين، الناشط محمود الدمشقي، بعد دعوة قضائية رفعها ضده جيش الإسلام، واتهمه فيها بالتشهير بالفصيل والتهديد بقتل القيادي القعدان، والطعن بالدين الإسلامي، ليتم توقيف الدمشقي على إثرها مدة أسبوع في سجن الشرطة العسكرية قبل أن يطلق سراحه بعد ثبوت براءته بتاريخ 16 أيار الماضي، قبل أن تصدر المحكمة العسكرية حكمها بسجنه وتغريمه، بطريقة غريبة، قبل أيام.

وبحسب ناشطين محليين، فإن دور الشرطة العسكرية في ريف حلب بات محصوراً بالعمل على إسكات الناشطين والسكان واعتقال كل من يحاول التظاهر ضد ممارسات الجهات المسيطرة على المنطقة من مجالس محلية وشركات تركية وفصائل عسكرية.

وما يؤكد هذا الأمر، قيام الشرطة العسكرية باعتقال متظاهرين خلال الاحتجاجات على التصريحات التركية حول المصالحة مع نظام أسد، وما سبقها من اعتداء على الكوادر الطبية في مدن ومنها الباب قبل أسابيع، احتجاجاً على فروق الرواتب بين الكوادر الطبية السورية والتركية.

الفساد المنظم

وشكلت إدارة القضاء العسكري التي تتبع لها منظومة الشرطة العسكرية في مناطق نفوذ الحكومة السورية المؤقتة في أرياف حلب الشمالية والشرقية ومناطق رأس العين بريف الحسكة وتل أبيض بريف الرقة، في أيلول عام 2018، بإدارة العميد "عرفات حمود" الذي يشغل أيضاً منذ أشهر منصب النائب العام العسكري.

ويطبق القضاء العسكري القوانين الجزائية السورية (القوانين الجزائية السورية و قانون العقوبات العسكري الصادر عام 1950 وقانون العقوبات العام الصادر عام 1949) والذي يتيح للقضاء العسكري التدخل في جميع الخلافات والجرائم.

وبحسب مصدر عسكري، فقد أشار إلى أن القانون يمنح صلاحيات موسعة للقضاء العسكري شكلياً، نتيجة تدخل الفصائل من جهة، وبسبب الفساد المتفشي ضمن منظومة القضاء والشرطة العسكرية المرتبطة به من جهة أخرى.

ويقول المصدر: صار القضاء العسكري يستخدم كأداة لإسقاط التهم عن المؤسسات المدنية والعسكرية وحمايتها، بدلاً من مساءلة المخالفين والجناة منهم ومحاسبتهم.

ويضيف: تحولت منظومة الشرطة والقضاء العسكريين إلى فرع عسكري يحاكي أفرع أسد مع فارق الإجرام الذي تمارسه ميليشيا أسد، من خلال الانتهاكات التي تجري داخل مقار الشرطة العسكرية التي يفترض أن تتبع لإدارة القضاء، وتشمل تغييب العشرات دون محاكمة وحالات التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون خلال فترة التوقيف التي قد تطول لأشهر قبل أن يتم تحويل الموقوف للقضاء، وبعد تحويله تبدأ رحلة جديدة من المعاناة بالنسبة لضحايا هذه المنظومة ممن لا يملكون المال أو الواسطة.

يبدو من خلال الواقع الذي تعيشه منظومة القضاء والشرطة العسكرية في مناطق الشمال، أن قضية الإفراج عن العنصر عبد الله. ك التي يكشفها موقع أورينت حديثاً، ومثيلها الإفراج عن العنصر "محمد حسان المصطفى" لم تكن حالات فردية، بل جزء من فساد منظم ترزح تحته هذه المؤسسة ويدفع ثمنه الفقراء والمدافعون عن حقوق الثورة والمواطنون.

 

التعليقات (2)

    سوري للعظم

    ·منذ سنة 7 أشهر
    المواطن السوري عالق بين نظام نصيري إرهابي طائفي إجرامي وميليشياته من قطاع الطرق و مهربي المخدرات و المغتصبين و بين عصابات ما يسمونه الشمال السوري حيث تسرح هذه العصابات و تمرح على حريتها متبعة شريعة الغاب في التعامل مع المواطنين من خطف و اعتقال تعسفي لطلب الفدية و التشليح وفرض الأتاوات و غيرها كثير. كيف يمكن للمواطن السوري أن يعيش هكذا بين نارين أحلاهما مُر? ومع غلاء المعيشة الفاحش و فقدان المستلزمات الضرورية لحياة كريمة أصبح الموت مطلباً للمواطن للتخلص من المعاناة التي طالت و لاسبيل للتخلص منها.

    Omar

    ·منذ سنة 7 أشهر
    إيران المجوسية تريد القضاء على الإسلام لاعتباره هو المسؤول عن تدمير إمبراطورة فارس .لذالك تراهم يحقدون على عمر ويكفرونه ويقدسون قاتله ويبكون علىه ويسمونه فيروز الشجاع وقد أقاموا له مقام في مدينة كاشان في إيران ويذهبون إليه ويبكون عليه ويتبركون بقبره المهوم فجثته أكلته كلاب المدينة بعد أن انتحر..مهمة المجوس الموكلة لهم من قبل الماسونية القضاء على العنصر العربي بالمخدرات ومن ثم ذبحهم حين تحين الفرصة ناهيك هن هدم الكعبة وحفر قبر رسول الله للقضاء على الإيمان في قلوب العباد. ماك الأردن سيسلم الأردن لهم كشقة مفروشة فهم يحشدون قواتهم ويبنون قواعدهم على حدود الأردنية السورية في درعا وما حولها وعينهم على مكة والمدينة. أمريكا وإسرائيل يموهون على المجوس بضربات هنا وهناك بعد إعلامهم بمكان الضربة والزمان حتى يتسنى لإيران وعناصرها من الإبتعاد عن مقام القصف وبهذا تنطلي عملية الخداء على العلمانيين العرب حمير المجوس ويبدأ إعلامهم بالدفاع عن المجوس وبأنهم يقاتلون إسرائيل وأمريكا. ماأغبى هؤلاء القوم ألا ترون أن المجوس لايتجرؤن على الرد.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات