بسام لطفي: مساهمات رائدة في مسيرة الفن السوري.. وعماء تاريخي يرى في العميل مُحرِراً!

بسام لطفي: مساهمات رائدة في مسيرة الفن السوري.. وعماء تاريخي يرى في العميل مُحرِراً!

ينتمي الممثل بسام لطفي الذي رحل اليوم الجمعة (22/8) والمولود في مدينة طولكرم في فلسطين عام 1940 إلى أسرة أبو غزالة العريقة، التي كان عميدها في الفن، ابن عم والده المسرحي يعقوب أبو غزالة، الذي كان له حضور في المسرح والتلفزيون في سورية منذ خمسينيات القرن العشرين وحتى وفاته عام 1989.. وبهذا كان بسام لطفي أبو غزالة واحداً من الفنانين الفلسطينيين الذين وجدوا في سورية متسعاً للحياة والاستقرار والعمل الفني منذ دخل دمشق مع أسرته طفلاً لاجئاً في الثامنة من العمر، لكنه بخلاف ابن عم والده حين قرر أن يحترف الفن، اختار اسماً آخر غير اسم العائلة، في زمن كان العمل في الفن نقيصة في عرف العائلات العريقة والمحافظة.  

بدايات تأسيسية رائدة 

كانت فلسطين قضية كل السوريين  والعرب، وجزءاً من مفهوم النضال لمن يريد أن يجد تعبيراً حقيقياً عن ذاته في هذا المجال، فما بالك بالفلسطيني اللاجئ وفلسطين وطنه وأرضه وبيته الذي يحلم أن يعود إليه؟ ومن هنا كانت فلسطين محور أول عمل فني يقوم به بسام لطفي حين أسس مع الفنان السوري سليم صبري عام 1958(نادي الشباب العربي) بدمشق وقدم مسرحية عن فلسطين بعنوان (قسماً بالدماء) لاقت نجاحاً مميزاً في حينه. 

انخرط بسام لطفي في عمق المؤسسات الفنية الناشئة في سورية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، فساهم لطفي في تأسيس المسرح القومي السوري الذي شارك في أول عرضين مسرحيين له: (براكساجورا) إخراج رفيق الصبان (المزيفون) إخراج نهاد قلعي... وكلاهما قدّما عام 1960 في موسم واحد. كما شارك في الفترة نفسها في تأسيس المسرح العسكري السوري، وعمل فيه لمدة سبع سنوات... قدم فيها العديد من المسرحيات مع الفنان محمود جبر أشهرها (مدير بالوكالة- ترفيع استثنائي).

والواقع أن الفنان بسام لطفي، كان قاسماً مشتركاً في النشاط الفني الفلسطيني الذي شهدته دمشق، وفي العديد من الأعمال الفنية التي تناولت القضية الفلسطينية، فقد ساهم في تأسيس المسرح الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير عام 1968 وقدم فيه أكثر من عمل مسرحي عن فلسطين (الطريق- شعب لن يموت) وفي المسرح القومي (الغرباء) إخراج علي عقلة عرسان و(كفر قاسم) إخراج محمد الطيب... و(الزوبعة) إخراج حسين إدلبي 1972 وغيرها الكثير.

سينما القضية الفلسطينية

تميز بسام لطفي بقدرات تعبيرية قائمة على البساطة وعمق الانفعال، وربما ساهمت ملامحه الهادئة والبعيدة عن الوسامة الظاهرية في إضفاء مظهر كادح جعله مُفضّلاً لدى مخرجي ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، في زمن المد اليساري، ولهذا كان لبسام لطفي في السينما حضور هام في زمن كانت فيه السينما حلم الكثير من الفنانين السوريين، وخصوصاً من عملوا في المسرح وفي التلفزيون. وهكذا شارك بسام لطفي في أول فيلم روائي طويل تنتجه المؤسسة العامة للسينما في سورية عام 1966 وهو فيلم (سائق الشاحنة) الذي أخرجه المخرج اليوغسلافي بوشكو فوتشينيتش، ولعب بطولته خالد تاجا وصبري عياد وهالة شوكت وعبد اللطيف فتحي وابتسام جبري، وربما شكلت الأفلام التي تناولت القضية الفلسطينية والتي أنتجتها المؤسسة العام للسينما المدخل الحقيقي لمشاركاته كما نرى في: (السكين) لخالد حمادة عن قصة (ما تبقى لكم) لغسان كنفاني و(المخدوعون) للمخرج المصري توفيق صالح عن (رجال تحت الشمس) لغسان كنفاني أيضا الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما في سورية عام 1972، واعتبر لسنوات طويلة أهم فيلم تناول القضية الفلسطينية في السينما. وفيلم (الاتجاه المعاكس) لمروان حداد... إلى جانب فيلم (فدائيون حتى النصر) إخراج سيف الدين شوكت ومن إنتاج القطاع الخاص، والذي جمعه مع قريبه يعقوب أبو غزالة... وكلها أُنتجت في سبعينيات القرن العشرين. 

وقد امتدت مشاركات بسام لطفي السينمائية إلى خارج الحدود فشارك في فيلم (سافاري) الذي أُنتج في الجزائر وأخرجه سليم رياض و(القدس حبيبتي) الذي أنتج في الباكستان، وأخرجه أفتاب أحمد... كما لعب بطولة ثاني فيلم سينمائي روائي طويل أنتجه التلفزيون السوري، حين كانت دائرة الإنتاج السينمائي فيه تقدم إنتاجاً حقيقياً وهو (التقرير: ملابسات حادثة عادية) الذي كتبه دياب عيد وأخرجه هيثم حقي وأنتج عام 1977...

دراما التلفزيون: مساحات وأدوار 

وكان لبسام لطفي حضور دائم في عشرات الأعمال التلفزيونية، منذ أول مسلسل أنتجه التلفزيون السوري وهو (ساعي البريد) الذي أخرجه سليم قطايا عام 1962 ومروراً بكلاسيكيات الأبيض والأسود (مواقف عربية) مع شكيب غنام، (حكايا الليل- انتقام الزباء- قبضاي) مع غسان جبري  (كراكوز وعيواظ) إخراج أنيس سباعي، وانتهاء بالأعمال التي برز فيها في السنوات الأخيرة ونضجت تجربته التمثيلية: (دائرة النار) و(هجرة القلوب إلى القلوب) إخراج هيثم حقي، و(يوميات مدير عام) و(بطل من هذا الزمان) و(جرن الشاويش) إخراج هشام شربتجي، (أحلام كبيرة) و(صقر قريش) و(التغريبة الفلسطينية) إخراج حاتم علي (حمام القيشاني) إخراج هاني الروماني، و(الزعيم) إخراج مؤمن الملا وإنتاج إم بي سي عام 2011 ناهيك عن مجموعة أعماله المتفاوتة القيمة مع المخرج نجدت أنزور كـ(نهاية رجل شجاع – أخوة التراب- تل الرماد).

لكن يمكن القول إن أفضل الأدوار التلفزيونية مساحة قدمها بسام لطفي مع المخرج علاء الدين كوكش، الذي آمن بموهبته وحضوره، منذ شارك معه في المسلسل السيرة النبوية (بيوت في مكة) الذي كتبه د. وليد سيف وأنتج في الأردن عام 1983 ثم في (المجنون طليقاً) من تأليف عبد العزيز هلال وإنتاج التلفزيون السوري 1984 ومروراً بمسلسل (أبو كامل) في جزئه الثاني (1992) وليس انتهاء بالأفلام التلفزيونية الثلاثة التي كتبها وأخرجها كوكش عام 1994 بعنوان (لا، لن ترحل، والقلب يحكم أحياناً) ولقيت احتفاء نقدياً خاصاً حين عرضها.. فيما كانت مشاركته في مسلسل (القربان) آخر أعمال علاء الدين كوكش التلفزيونية، والذي أنتج عام 2014  وحاول أن يفسر انفجار الثورة السورية بغير أسبابها الحقيقية، وبمعزل عن استبداد النظام وجرائمه، آخر مشواره المشترك مع كوكش الذي جمعته به صداقة طويلة، ولقاء في الأفكار والأساليب.  

معسكر العماء التاريخي! 

انتمى بسام لطفي إلى معسكر الفلسطينيين الذين تمسكوا بعمائهم التاريخي، وحولوا خيانات حافظ الأسد وعمالته لإسرائيل وبيعه للجولان وارتكابه المجازر بحق الفلسطينيين في تل الزعتر في السبعينيات وفي حرب المخيمات في الثمانينات، ومساهمته في طرد منظمة التحرير من لبنان، إلى علامات على درب تحرير الأرض.. فزعم في شهادة زور فاضحة أن بشار الأسد سيُحرر الجولان، كما حرر حافظ الأسد القنيطرة، متناسياً أن القنيطرة لم تُحرر بل انسحبت منها إسرائيل بعد انتهاء الحرب وبعد أن دمرتها، وامتثل حافظ الأسد لأوامر منع أهلها العودة إليها وإعمارها، تحت زعم أنه يريد أن يبقيها شاهداً على الوحشية الإسرائيلية! 

لقد آمن بسام لطفي بالعميل الذي باع الجولان محرراً، وانتظر من ابنه الذي باع السيادة لكل شذاذ الأرض أن يسير على درب التحرير الموهوم الذي لا يقود إلا إلى ممارسة التطهير الطائفي بحق السوريين والفلسطينيين معاً كما رأينا في صور مجزرة التضامن الموثقة التي نشرتها صحيفة الغارديان في نيسان/ أبريل الماضي. 

وليس غريباً في هذا السياق أن يختم بسام لطفي مشاركاته التلفزيونية بمسلسل التزوير المخابراتي والتاريخي السخيف (حارس القدس) الذي كتبه المخبر الطائفي حسن م يوسف، وأخرجه باسل الخطيب وأنتجته مؤسسة الإنتاج الدرامي التابعة لنظام أسد عام 2020،  وحكى سيرة المطران هيلاريون كابوتشي من وجهة نظر حلف الأقليات المنضوي تحت راية الاستبداد، والدفاع القذر عن جرائمه. 

 

التعليقات (6)

    خباب

    ·منذ سنة 7 أشهر
    الفلسطينيون عندهم شعار واحد فلسطين ومن بعدها الطوفان

    يحيى

    ·منذ سنة 7 أشهر
    القراءة في الزمن العتيق التي عشنا قسطا منه وماقبله، تهيج الذكريات وتُذكرنا بأن الموت قادم قادم وبأن هذه الدنيا فانية.. ولا ملجأ إلا إليه سبحانه. اللهم ارحمنا. آمين

    وائل

    ·منذ سنة 7 أشهر
    الفلسطيني الذي يعيش في المنفى وخاصة في منفى محكوم من طاغيه رأي هذا الفلسطيني ليس له. ولو انه انبرى ضد النظام البعثي الفاشي لنفوه وراء الشمس. والبديل النفي لدوله أخرى ليست مستعده لإحتواء فلسطيني بلا هويه منفي من منفى إلى منفى.

    بسام فياض

    ·منذ سنة 7 أشهر
    مقال يشبه كثير من الكتابات الفضائية والتي تكثر على موقع اورينت!!!!!! عن أي رأي وعن اي موقف تتحدثون وهكذا وبكل أريحية كعادتكم وانتم خارج سورية!!!!! فلتعودوا جنابكم إلى سورية انتم ومن هو على شاكلتكم ولتتحفونا باراءكم المعارضة ومن داخل سورية ووقتها نعدكم ان نصفق لكم كثيرا وأن نكيل لكم المديح والثناء اكثر واكثر!!!!! هذا الشخص بسام لطفي ليست مشكلته في قول رأي موافق ومطابق لرأي نظام الممانعة الأسدي..... فمن الذي كان يستطيع سوري كان أو فلسطيني أو أي مخلوق ارضي أو فضائي أن يقول غير هذا الكلام في سورية طوال الخمسين أو الستين سنة الماضية ويبقى حيا على وجه الأرض؟؟؟؟؟ ولكن ماذا نقول لكم يا اورينت يا بتوع الإمارات(واتحداكم هنا وللمرة الخمسين أو المئة أن تكونوا صريحين ومباشرين في تناول العلاقة الاسدية الإماراتية) فمن لا يرحم لا يرحم!!!!!!

    السيف الدمشقي

    ·منذ سنة 7 أشهر
    انا ما عم افهم المعلقين اللي عم يدافعوا عن تشبيح المرحوم بسام لطفى... يا اخي ما حدا طلب منه أو من غيره من اللي بداخل سورية اراء معارضة.. بس انو يحترم شهدا الكيماوي والبراميل والمقابر والجماعية ويسكت وما يشبح. اسمعتو شي خالد تاجا أو سليم كلاس مثلا مدحوا بشار بكلمة وقالوا عنه رح يحرر الجولان بعد ما ثار الشعب؟ يعني في كتير فنانين احترموا حالهن وسكتوا وما حدا قرب عليهم وقت ماتوا... لك كان يسكت بس. يسكت احتراما لدماءنا

    soooon101

    ·منذ سنة 7 أشهر
    لك هادا ما شبح لبسار ولابو المقبور بس هذا ظهر بمسيره لابس كنزة عليها صورة بشار!!! وانا الحقيقة ما شفتها الا عندو وعند الق,ح,ب,اء سوزان نجم الدين ومعتز تبع باب الحارة ببداية الثورة... يعني أوسخ الفنانين اللي لبسوها وللأسف هو كان منهم. لا احترم سنو ولا احترم مشاعر اهالي اللي قتلهم هالمجرم!!!
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات