حمية مدى الحياة وتكاليف لا تحتمل.. معاناة مضاعفة لمرضى حساسية القمح في إدلب

حمية مدى الحياة وتكاليف لا تحتمل.. معاناة مضاعفة لمرضى حساسية القمح في إدلب

يعاني سمير رمضان (32عاماً) وهو مصاب بمرض حساسية القمح (حساسية الغلوتين) من صعوبة تأقلمه مع مرضه الذي اكتشفه بداية العام الماضي، بسبب غياب الأصناف الغذائية المخصصة له في محلات وأسواق محافظة إدلب، ما أثر سلباً على حميته وحالته الصحية، نتيجة التجاوزات غير المسموح بها في نظامه الغذائي.

تكاليف مرتفعة وأسعار مرهقة

يقول سمير لأورينت نت إن العلاج الأساسي والوحيد لمرضه يتمثل بالحمية الصارمة مدى الحياة، من خلال الاعتماد على أنماط غذائية محدودة بعيدة عن القمح ومشتقاته، بالإضافة لكل الأصناف الغذائية التي تحتوي على مادة "الغلوتين"، إذ إنه يلاقي صعوبة بالغة في تأمين الغذاء المسموح وبأسعار وصفها "بالمرهقة" إن وجد.

وأضاف أنه يلجأ لصناعة خبز الذرة الخاص به منزلياً لعدم وجوده في الأسواق والأفران، ويحتاج إلى مبلغ  700 ليرة تركية شهرياً لتأمين مادة الخبز، أي نصف راتبه الشهري، لتأمين حاجته من مادة الخبز، فضلاً عن مصاريف الأغذية الأخرى التي لم يعد يحتملها، خاصة وأن غذاءه يقتصر على الأرز والخضروات واللحوم، في ظل غياب الأطعمة المخصصة له في المحلات التجارية والأسواق الشعبية.

وأشار إلى أن السلطات والمنظمات العاملة في محافظة إدلب لا تبدي أي اهتمام بالمصابين بهذا المرض ومساعدتهم في تأمين مستلزماتهم الغذائية من خلال طرحها بالأسواق والمولات، على خلاف الدول المجاورة التي تبدي اهتماماً أكبر بمصابي حساسية القمح أو السيلياك، والتي تؤمن كل ما يحتاجونه من مواد غذائية بديلة "كالحلويات، والمعجنات المصنوعة من الأرز والذرة " وغيرها الكثير من الأصناف الغذائية الأخرى، وهو ما يفاقم من معاناة مصابي هذا المرض في الشمال السوري.

حمية بائسة

ولا يخفي سمير قطعه للحمية التي اتبعها لمدة سنة ونصف، بسبب عدم قدرته على التأقلم مع المرض، إلا أن الأعراض المرضية ما لبثت أن تزامنت مع تركه الحمية، وبأعراض أشد من تلك التي واجهها عند اكتشافه للمرض، ليضطر إلى العودة إلى حميته "البائسة".

ويعمل الرجل الثلاثيني بمهنة تبييض الأواني المنزلية ويحصل على مبلغ يتراوح بين 50 و75 ليرة تركية يومياً، وهو مبلغ بالكاد يؤمن له أغذيته المخصصة، ويمكنه من إعالة أسرته المؤلفة من خمسة أشخاص.

وتعدّ أمراض حساسية القمح والسيلياك والداء الزلاقي والداء الباطني من الأمراض المناعية المكتسبة، وتصيب الأمعاء الدقيقة للأشخاص الذين لديهم قابلية جينية للإصابة به، من خلال عدم تقبل جسم المصاب لمادة "الغلوتين" الموجودة في "القمح والشعير والشوفان والبرغل والمعكرونة"، بالإضافة لأصناف عديدة من النشويات والسكريات والدهون، حيث تندرج ضمن أمراض " سوء الامتصاص"، وذلك من خلال مهاجمة الجهاز المناعي لهذه المادة داخل الأمعاء الدقيقة في جسم الإنسان، ما يؤدي لتضرر بطانة الأمعاء وتلف النتوءات التي تبطنها مع مرور الوقت.

وعلى مقربة من مخيمات مشهد روحين شمال إدلب، يواجه مصطفى البيور(28 عاماً) برفقة طفليه صعوبات كبيرة في تأمين مستلزماتهم الغذائية الخالية من مادة " الغلوتين "، خاصة وأنه يعيش في مخيمات نائية تفتقر لأدنى مقومات الحياة.

يقول مصطفى لأورينت نت إن طعامه وطعام أطفاله يقتصر على الخضروات والأرز المسلوق، بسبب عجزه عن شراء دقيق الذرة الخاص بمرضى حساسية القمح لارتفاع سعره مقارنة مع مدخوله الذي لا يتجاوز 45 ليرة تركية يومياً.

وأضاف أن ندرة هذه المواد في أسواق محافظة إدلب، أدت لارتفاع أسعارها لتصبح حكراً على الأغنياء وميسوري الحال، في ظل عدم وجود خيارات متاحة أو حلول بديلة تضمن وصول هذه المواد إلى الشمال السوري بشكل سلس وبأسعار مقبولة.

وأشار إلى أنه اكتسب مرض حساسية القمح "بالوراثة" وهو بدوره نقله إلى طفليه اللذين يواجه صعوبة كبيرة في إلزامهما بالحمية، لصغر سنهما وعدم إدراكهما للمرض، لافتاً إلى أن طفله الأصغر تعرض لنكسة صحية كادت أن تودي بحياته بسبب تناوله أطعمة غنية "بالغلوتين" مثل " الشيبس، والبسكويت" دون علمه في المدرسة.

ويأمل مصطفى أن تلقى مناشداته في تأمين رعاية واهتمام لمصابي السيلياك وحساسية القمح استجابة من المعنيين، من خلال تأمين احتياجاتهم الغذائية الخاصة بأسعار مقبولة، ومساعدتهم على مواجهة أعباء المرض والتأقلم معه.

لا إحصائيات دقيقة

ولا توجد إحصائية رسمية دقيقة لأعداد المصابين بأمراض سوء الامتصاص في محافظة إدلب، نتيجة غياب البيئة المخصصة لهم من رعاية واهتمام من السلطات والمنظمات الإنسانية، خاصة وأن المساعدات الإنسانية المقدمة لا تحتوي أي مواد مخصصة لهم.

وتختلف خطورة مرض حساسية القمح تبعاً لدرجة الإصابة، حيث يتم الكشف عنها بالتحاليل الدموية وأخذ خزعات لبطانة الأمعاء المصابة، حيث ينقسم المرض إلى درجتين أولى وثانية، وفقاً للطبيب محمد الحلاق.

وقال الطبيب لأورينت نت إن غياب المساحة الغذائية لمرضى سوء الامتصاص بشكل عام، يجعلهم مقيدين بنمط غذائي ثابت وغير قابل للتعديل وهو ما يسبب لهم مشاكل نفسية وصحية تتمثل بعدم اتباعهم للحمية بشكل صحيح.

وأضاف أنه من الضروري تقديم حلول ووسائل تساعد المصابين بمرض سوء الامتصاص على تحمّل أعباء وصعوبة المرض، بالإضافة لتسهيل حصولهم على الأغذية المناسبة التي تخفف عنهم مصاعب الحمية " النادرة"، خاصة في ظل ازدياد أعداد الإصابات بمختلف أمراض سوء الامتصاص في محافظة إدلب.

وأشار إلى أن مرض سوء الامتصاص لا يقتصر على فئة معينة، بل يمكن أن يصيب جميع الفئات العمرية، بما فيهم النساء، وتعدّ الحمية الصارمة الخالية من مادة الغلوتين مدى الحياة، العلاج الأنسب لهذا المرض.  

 

 

التعليقات (2)

    مصطفى

    ·منذ سنة 8 أشهر
    موضوع هام جدا

    خالد

    ·منذ سنة 8 أشهر
    الله يكون بالعون
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات