بناءً على نجاح أفلامه الوثائقية السابقة (TheBerkepeer) والخيال (السنونو)، وجه المخرج الكردي السوري المقيم في سويسرا “مانو خليل” ضربة أخرى مع فيلم voisons (الجيران) وهي حكاية مأساوية عن الطفولة والتعليم والحرب.
موسم الهجرة إلى التطبيع
يفضل شيرو حمو "سرهد خليل" البالغ من العمر ستة أعوام أن يقوم بممازحة رفقائه بالفصل أو مرافقة عمه آرام "إسماعيل زاغروس" إلى الحدود التركية القريبة بدلاً من الذهاب إلى المدرسة.
رموز البراءة والحرية، بالونات حمراء أخف من الرياح من المشهد الافتتاحي: مخبأة خلف الكثبان الرملية أطلقها الصغير شيرو مع عمه آرام، تحملها الرياح بعيداً على الجانب الآخر من الحدود. يقوم الجنود بإنزالها بالبنادق الآلية. كل ما يقال عن معاناة الكرد في سوريا يبقى هراء مقارنةً بما تعرضت لها غالبيتها العربية السنية، الكل هناك يعيش في سعادة على حساب دمائنا.
قطع رأس دمية إسرائيل
منذ البداية البصرية استهلال جيو سينمائي فاشل. ومع ذلك؛ العودة ستؤذن إلى الأبد بحياته الصغيرة مع وصول المعلم العنيف "جلال الطويل" الذي يبجل نظام حافظ الأسد القمعي والمعادي للسامية؛ يجد المخرج مانو خليل في ذكريات الطفل بفرحه وحزنه، مخزوناً جارفاً للسيناريو ومحاولة للنجاح، في مشهد يدرب الأستاذ البعثي تلاميذه على كره الصهاينة عمل مسرحي ينتهي بقطع رأس دمية صنعت من القش كترميز لإسرائيل؛ يستكثر علينا المخرج الكردي مانو خليل كره محتلنا القديم، من يحتل هضبة الجولان السورية للسوريين والعرب دماء كثيرة في رقبة الاحتلال، كونه من يشترك معهم المخرج بالقومية محتل جديد. يتبع مانو خليل الموت عن كثب، الكراهية التي تزرع في قلوب الأطفال.
عالمان يعيش فيهما شيرو: أحدهما يمتد فيه حنان المنزل وراحته إلى الجيران مدى الحياة؛ والآخر، تهيمن عليه أيدلوجيا الاشتراكية القومية والطعن بكل القيم تحت ستار الفن والتعليم، ممزق بين خطب أستاذ يحمل العصا ويهدد بها، وأعمته حاجته للاعتراف، ودائرة عائلته التي تنهار رغم جهود والده اليائسة؛ شيرو يصرخ ويشك وينتقمدون فهم المحرمات الجديدة. لذلك اختار أن يحلم بتلفزيون يفتح له الأبواب أمام عالم ثالث ويعبر عن نفسه، مثل المخرج مانو خليل من خلال الصور.
التنديد بنظام التعليم
مشروع معقد للتنديد بنظام التعليم السوري، لا يمكن إنكار التلقين والتنديد باليهود ولا يمكن إنكار التلقين والتنديد بالكرد، ولكن هناك مظلومية أكبر لحقت بالطائفة السنية التي أرسى نظام التعليم باللاوعي والانتقائية بالتعليم، جعلها ضحية تكبدت أبشع الأثمان. وأستغرب أن يعود مانو خليل بالكاميرا أربعين عاماً إلى الوراء، أليس الحاضر أشد مأساوية وسوداوية من الماضي ومع الكثير من الشعر يلمح إلى الحنان، حيث يسود العنف، دون إخفاء قسوة هذا الكون. ولا يخفي على المشاهد القسوة على القومية العربية وتحميلها ما لا ذنب لها فيه من أذى تجار المبادئ والقيم ؛ وهو أمر مثير للسخرية، ويطلق سيرو بالوناً أحمر وكأنه إعلان حب "لهانا" الجارة الحنون الذي سيكون مصيرها الهروب؛ إنه موسم التطبيع مع إسرائيل والثيمة العاطفية التي يرغب الجميع أن يلتحق فيها؛ إنه أمر مثير للغثيان.
ذات يوم، قتلت والدة شيرو في وسط الريف برصاص قناص تركي كان يصوب عليها من أجل الضحك. ويحصل والد شيرو على جوازي سفر من أجل هروب جيرانهم اليهود، بينما العم آرام اختفى هروباً من التجنيد الإجباري. في الحرب؛ لا يظل الأطفال أطفالاً بينما يلعب شيرو ويشاهد الرسوم المتحركة، هناك مئات من الأطفال في الخيام يعانون من جرح قذيفة أو بتر عضو نتيجة لغم، هؤلاء هم الأبطال نتيجة الحرب الكارثية.
الموهبة المفقودة لغالبية الوجوه الجديدة لم تنجح في نسج سيرة ذاتية للطفل شيرو، وكلها تجسيد تمثيلي يطمع عبر الرسوم الكاريكاتورية أن يعطي صورة فشلت عن تنوع الطبقات في الحرب السورية. السيناريو والإخراج أيديولوجي يفتقد للنقد والشغل المصقول على الصورة، وغياب التوهج من أداء ممثلين إلى سيناريو مضجر بالأدلجة إلى غياب الإخراج المتعوب عليه المليء بحشو المشاهد عن مدرسة الطفل واللقاءات التي تثير الاستياء أكثر من الاحترام.
السمان اليهودي
جهاد عبدو في فيلم (الجيران) لعب دور السمان اليهودي المجاور لشيرو، ينظر عبدو من نافذته إلى الحرب في الخارج، يشعرك عبدو طيلة الفيلم أن شغله يجمع بين الأداء والمسرح الدرامي ممثل يرتب الأحداث التي تستولي على جسمه وتستولي عليه وينفذها ويعرضها، التحول الذاتي للشخصية في فيلم(الجيران) يجعلنا نعلم حجم الشهرة الت ي يستحقها عبدو عالمياً.
التصوير تم في إقليم (كردستان العراق)، واستفاد الفيلم من ميزانية ضخمة تجاوزت ال30 مليون دولار ويعد فيلم (الجيران) عملاً غير مؤثر بالمرة وليس فريداً، بمقدار ما هو فردي وشخصي لمؤلفه لما يصوره من صور بصرية جيوسياسية.
التعليقات (27)