ما زالت الميليشيات السورية تعمل "جاهدةً" على إعادة الطغيان سيرته الأولى في المناطق "المحررة" بريف حلب، ولا سيما إنشاء فرع مخابرات جديد تحت مسمى “مكافحة الإرهاب” لملاحقة طلاب رفضوا الفساد الإداري والولاء الأعمى للحليف التركي من خلال طمس الشعارات البعيدة عن الوطنية التي تدعيها ميليشيات الأمر الواقع.
وعلمت أورينت من مصادر متطابقة في مدينة اعزاز، أن ما يسمى فرع "مكافحة الإرهاب" عمم صور وأسماء 6 من طلاب الثانوية العامة، وبدأ بملاحقتهم بتهمة "الإساءة لدولة شقيقة للثورة السورية وطمس علمها" في إشارة للجانب التركي.
ونقل مراسلنا مهند العلي عن مصادر في الشرطة العسكرية والمخابرات في المنطقة، أن ملاحقة الطلاب جاء بسبب طمس عبارة (التآخي ليس له حدود) وكذلك العلم التركي من جدران مدينة التربية في إعزاز خلال مظاهرة غاضبة نفذها الطلاب قبل أيام.
فيما قال والد أحد الطلاب المطلوبين لمراسلنا: إنه يخشى على ابنه الذي بات ملاحقاً من جميع حواجز الميليشيات في المنطقة بعد تعميمه اسمه وصورته واتهامه بالإساءة للجانب التركي، معتبراً أن الأمر هو تصرف كيدي من قبل "المطبّلين والمخبرين" المحسوبين على الفصائل المسيطرة على المنطقة.
وتعد المرة الأولى التي يبرز فيها اسم "فرع مكافحة الإرهاب" المستحدث في مناطق سيطرة الجيش الوطني بريف حلب، لقمع الحريات وزيادة التضييق على المدنيين بكافة الأشكال المتاحة بذرائع الخيانة والعمالة التي تعمد الميليشيات من خلالها على تكميم الأفواه وملاحقة المناهضين والمعارضين لفسادها، وكذلك الرافضين للتبيعة العمياء للجانب التركي.
وكان طلاب الثانوية العامة نظموا وقفة احتجاجية أمام مديرية التربية في مدينة إعزاز قبل أيام، على خلفية وصول نسبة الرسوب في الامتحانات النهائية إلى 80 بالمئة، حيث طالبوا بإعادة تصحيح أسئلة الامتحانات.
ورفض مدير التربية ومعاونيه لقاء الطلاب لإيصال احتجاجهم والتعبير عن مطالبهم أثناء الوقفة الاحتجاجية، ما دفع الطلاب لطمس الشعارات التي تمجّد تركيا المكتوبة على جدران المديرية (التآخي ليس له حدود) والعلم التركي المرسوم على الجدار، تعبيراً عن غضبهم لرفض مدير التربية لقائهم.

سبق ذلك اعتداء أحد عناصر الشرطة المدنية على طالب وهو يكتب عبارات مناهضة لقرارات مديرية التربية على جدران المديرية في إعزاز، (تسقط التربية) (تعليم فاشل)، حيث قام العنصر بمنع الطالب من الكتابة طارده وتهجم عليه بعبارة "لا تكتب عالحيط" ثم أكمل هجومه بالاعتداء على الطالب وضربه أمام العشرات من الطلاب والمدنيين.
وأثار الاعتداء غضباً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعاد الناشطون المقطع المصور مع عبارات تندد بالاعتداء على الطالب بأسلوب "تشبيحي"، مستذكرين بذلك الشرارة الأولى لانطلاق الثورة السورية، حين اعتدت مخابرات أسد على أطفال كتبوا عبارات مناهضة للنظام على جدران المدارس في درعا في بداية عام 2011.
في حين بررت شرطة إعزاز حادثة الاعتداء بأنها جاءت للحفاظ على الجدار والأملاك العامة من قبل العنصر، وقالت في بيان لها: "ما حصل أن أحد الطلاب المتظاهرين قام بالكتابة على حائط مديرية التربية وهو ما دفع عناصرنا إلى منعه وإبعاده عن الجدار، حيث إنه يوجد عدة طرق لإيصال صوته واعتراضه غير الكتابة على الجدار وإلحاق الضرر بالمؤسسات الرسمية".
وتُعاني مناطق سيطرة الجيش الوطني من غياب أي سلطة قضائية مستقلة تفتح المجال أمام محاكم مختصة لمنع الانتهاكات المتكررة تجاه المدنيين، حيث تُلغي الميليشيات المسيطرة أي دور للسلطات المدنية، ولا سيما القضاء وتنصّب نفسها حاكمة مطلقة لا ذراعاً تنفيذية لسلطة مدنية، وهو ما يتنافى تماماً مع شعارات السوريين حين خرجوا بثورة الحرية والكرامة للتحرر من سطوة نظام أسد ومخابراته التي جثمت على صدورهم لعقود طويلة، ليجد السوريون أنفسهم أمام ميليشيات قمعية واستبدادية تحكم بالجهل والتعصب إلى جانب الحديد والنار.
التعليقات (4)