رغم اعتماد غالبية السكان عليها.. لماذا تصرّ حكومة أسد على رفض تشريع عمل "الأمبيرات"؟

رغم اعتماد غالبية السكان عليها.. لماذا تصرّ حكومة أسد على رفض تشريع عمل "الأمبيرات"؟

لا تزال حكومة ميليشيا أسد ترفض تشريع عمل مولّدات الكهرباء الأهلية في مناطق سيطرتها، رغم اعتماد غالبية السكان على كهرباء الأمبيرات لتغطية ساعات التقنين الطويلة، الأمر الذي يزيد من حجم الضغوط والأعباء المادية على السكان وأصحاب المهن والمحال التجارية.

وشهد سعر الأمبير ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأسابيع القليلة الماضية في مناطق سيطرة النظام، وصل إلى 20 ألف ليرة للأمبير الواحد في بعض المناطق، متأثراً بارتفاع أسعار المحروقات، وخاصة مادة "المازوت" التي يعتمد عليها أصحاب المولدات لتشغيل أجهزتهم، ما دفع السكان للمطالبة بتشريع عمل المولدات الأهلية بدلاً من ملاحقة أصحابها والتضييق عليهم.

لا أمبيرات ولا كهرباء

لكن وزير الكهرباء في حكومة أسد "غسان الزامل" عاد وأكد في حديثه لراديو "شام إف إم" الموالي نهاية شهر تموز/يوليو الماضي، أن الوزارة لن تشرّع عمل الأمبيرات حالياً أو في المستقبل، معتبراً أن أمرها سينتهي مع عودة إنتاج الكهرباء لما كان عليه سابقاً.

وبيّن الزامل، أن نظام الأمبيرات "يشكل خسارة للاقتصاد الوطني ويؤدّي إلى تلوث بيئي كبير وتشوّه بصري"، متوعداً بإجراءات قانونية مشددة في المستقبل ضد أصحاب المولّدات، لكن "عندما تصل الكهرباء بشكل كاف وتغطي احتياجات المواطنين". وهي عودة كان قد أكد الوزير أنها بعيدة في ظل فشل الوزارة بإعادة تأهيل محطات التوليد الحرارية وتشغيلها بطاقتها الإنتاجية الكاملة.

أسباب تمنع النظام من تشريع الأمبيرات

العديد من الأسباب التي تمنع حكومة ميليشيا أسد من تشريع عمل المولدات الأهلية، منها ما هو مباشر مرتبط بالدستور السوري باعتبار وزارة الكهرباء مؤسسة سيادية، وأيضاً زيادة التكاليف المادية على مؤسسة الكهرباء، بالإضافة إلى أسباب غير مباشرة، تتمثل بالتعدي على البنية التحتية وشبكات للكهرباء، حسب الرؤية الحكومية.

ويوضح الخبير الاقتصادي يونس الكريم "أن الكهرباء في سوريا شبكة غير مستقرة، وبالتالي فإن السماح بمشاريع منافسة يؤدي إلى هجرة المشتركين، وهو ما يوسّع خسائر المؤسسة على مستوى التكاليف الثابتة والمتغيرة من خلال اضطرارها إلى تشغيل محطاتها وخسارة الوقود، بغض النظر عن أعداد المشتركين وهو ما يزيد كميات الهدر".

ويقول: “مع الخسائر الخاصة بعمل مؤسسة الكهرباء، فإنها ستواجه خسائر مضاعفة في حال قوننة نظام الأمبيرات، إذ ستكون مجبرة على تهيئة بنية تحتية ومعدات مناسبة لتوصيل الأمبيرات، إضافة إلى مسؤوليتها عن توفير الوقود المدعوم للمولدات الأهلية، وهذا أيضاً يزيد من حجم الطلب على المحروقات”.

وأضاف: "السماح بعمل المولدات الأهلية أمر غير دستوري، حيث يعتبر الدستور وزارة الكهرباء مؤسسة سيادية واحتكارية، وتخلّيها عن جزء من مهامها لصالح طرف آخر تحت أي ظرف يحتّم على الحكومة تعديل بنود الدستور الحالي المتعلق بعمل مؤسسة الكهرباء.

ويعتبر يونس الكريم، وهو مدير منصة "اقتصادي" أن اعتماد مشروع الأمبيرات يؤثر بشكل مباشر على سياسات النظام الأخيرة ومحاولاته استقطاب وتشجيع الاستثمار في قطاع الكهرباء التي ينظر إليها على أنها مدخل لمشاريع إعادة الإعمار في سوريا. 

تناقض أم غض الطرف؟

لكن اللافت في قضية كهرباء الأمبيرات وإصرار حكومة أسد عدم الاعتراف بها، تشريع بعض مجالس المحافظات، مثل مجلس محافظة حلب، عمل المولدات الأهلية بإشراف من المكتب التنفيذي ومديرية حماية المستهلك في المدينة، التي حدّدت سعر الأمبير بـ "125" ليرة للساعة، قبل أن يرتفع إلى 18 ألف ليرة للأمبير المنزلي، و "25 ألف ليرة" للصناعي والتجاري أسبوعياً.

وأرجع أصحاب المولدات رفع التسعيرة الأخير إلى إيقاف مجلس المحافظة التابع للنظام توزيع المخصصات من المازوت منذ أشهر، واضطرارهم إلى شراء المادة من السوق السوداء بأسعار وصلت إلى "4500" ليرة لليتر الواحد.

وبحسب عامل مولدة في أحياء حلب الشرقية، فإن مجلس المحافظة توقف عن توزيع المخصصات من مادة المازوت التي تُقدّم بالسعر المدعوم "1700" ليرة لليتر، منذ شهر نيسان/أبريل الماضي، ما أجبر أصحاب المولدات على رفع سعر الأمبير إلى "320" ليرة للساعة الواحدة لمنع الخسارة.

ويقول: “سعر الأمبير قد استقر على 10 آلاف ليرة للمنزلي الشهر الماضي، مقابل تخفيض ساعات التشغيل من 7 ساعات إلى خمسة، بسبب قيام الكثير من المنازل بتخفيض حجم اشتراكهم إلى أمبير واحد فقط، وهو ما زاد من خسائر أصحاب المولدات من خلال هدر بين 20_30 أمبيراً على الأقل دون استخدام”.

ويشير إلى أن أصحاب المولدات يتخوفون من إنهاء دعم المحافظة لهم، وبدء سياسة التضييق عليهم على غرار بقية المحافظات، خاصة بعد تشغيل مجموعات توليد في المحطة الحرارية المغذّية للمدينة.

أمر يؤكده أبو إبراهيم، أحد سكان مدينة حلب، الذي أشار إلى إنه "لم يعد هناك سوى قلة قليلة ممن يستجرّون ثلاثة أمبيرات أو أربعة بسبب غلاء سعرها وحالة الفقر والعوز الذي نعيشه اليوم".

ويقول: “أدفع شهرياً ما يقارب 80 ألف ليرة مقابل تمديد أمبيرين من الكهرباء لا تكفي لتشغيل إنارة المنزل، في حين أن مجموع راتبي لا يتجاوز 115 ألف ليرة، إلا أن الأمبيرات صارت حاجة مُلحّة لا يمكن الاستغناء عنها، بسبب غياب الكهرباء الحكومية، وعدم قدرة الموظفين والفقراء على شراء ألواح الطاقة الشمسية التي يصل سعر أقل منظومة فيها إلى 10 ملايين ليرة”.

خسائر مضاعفة

وأمام هذا الواقع المظلم، بات أصحاب الورش والمحال التجارية وتجار المواد الغذائية منهم على وجه الخصوص، الذين يعتمدون على الحافظات والبرادات لتخزين بضائعهم، يواجهون خطر إغلاق مشاريعهم، خاصة خلال الصيف وارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها البلاد، الأمر الذي ينعكس على حركة الأسواق.

ويوضح أبو أحمد، صاحب محل لبيع المواد الغذائية في مدينة حلب، أنه قام بتخفيض كمية بضائع محله إلى الربع تقريباً، خاصة السلع التي تحتاج إلى برادات لحفظها، مثل الآيس كريم والمشروبات الغازية.

ويضيف: “معظم أصحاب المحالات قاموا برفع أسعار المواد بعد غلاء الأمبيرات، مع تقليل الكميات المعروضة، نتيجة الخسائر الكبيرة التي تلحق بنا من تلف الآيس كريم وبعض أنواع المعلبات بسبب غياب الكهرباء، وعدم قدرتنا على تحمل دفع مبالغ مد أمبيرات كافية لتشغيل البرادات”.

تتباين آراء سكان مناطق ميليشيا أسد بين من يعتقد أن النظام مستمر في سياسة غض الطرف عن عمل المولدات الأهلية مع غياب الكهرباء، وآخرين يتخوفون من انقطاع مفاجئ لنظام الأمبيرات، ووقوعهم تحت رحمة وزارة الكهرباء وبرنامج التقنين الذي يصل إلى عشرين ساعة يومياً.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات