رحيل المخرج والكاتب غسان جباعي: ذاق مرارة الاعتقال السياسي وعشق المسرح وكتب للتلفزيون ومثل في السينما

رحيل المخرج والكاتب غسان جباعي: ذاق مرارة الاعتقال السياسي وعشق المسرح وكتب للتلفزيون ومثل في السينما

تُوفّي في العاصمة السورية دمشق الكاتب والمخرج "غسان الجباعي" عن عمر يناهز السبعين عاماً ومسيرة حافلة قَرَنَ خلالها العمل الفني الملتزم والهادف بالنضال لأجل الحرية بشتى أشكالها، ولا سيما ضد استبداد عائلة أسد.وخلال الساعات الماضية، نعى العديد من المثقّفين والنقّاد والفنانين السوريين الجباعي مستذكرين انحيازه للثورة ورحلة حياته المليئة بالتقلبات والمصاعب بسبب مواقفه السياسية الرافضة للاستبداد والتوّاقة للحرية والكرامة.

هيثم حقي ينعى زميله

الكاتب والمخرج هيثم حقي وعبر صفحته ألقى تحية الوداع على روح زميله الجباعي قائلاً: "وداعاً غسان جباعي الكاتب والمخرج والمعلم... حزين خبر هذا الرحيل، تتلقاه في المنفى وتحسّ بثقله على قلبك وأنت تستعيد ظلم قضبان السجون التي كان غسان ينتقل فيها مع رفاقه من سجن رهيب إلى سجن قاتل".

وأضاف: "اليوم لا تغيب صورته عن عيني وهو يُدلي بشهادته المؤثّرة في فيلم هالا محمد "رحلة في الذاكرة" ... ولا يمكن أن تنسى صدق وإنسانية اللحظة وهو يحكي كيف عاش سنين طوالاً مع رفاقه قسوة ما عاناه السوريون الذين خرجوا ضد الظلم الذي تعرضوا له مع العديد ممن ينتظرون العدالة ... ولتعيش معه ألم السوريين الذين خطف السجن سنوات طويلة ومؤلمة من شبابهم ... ".

محمد منصور يستذكر رعب الصرخة

الناقد والصحفي محمد منصور نعى جباعي عبر صفحته على فيسبوك مستذكراً دوره في فيلم (كومبارس) للمخرج الراحل نبيل المالح، حينما مثّل الجباعي دور موسيقي أعمى يأتي عناصر الأمن لاعتقاله بعد أن كسروا له العود.

حينها وبإحساس كل سوري رأى شخصاً يُهان من قبل عناصر الأمن وأراد أن يُنجده فلم يستطع وبخبرة سجين سياسي سابق عاش لحظة الاعتقال، يصرخ جباعي مستجيراً بالجيران وبالناس وبمجتمع قتلوا فيه المروءة والشهامة بوحشية وهمجية قذرة: "وينكم يا ناس" وعندما يُفتح له باب إحدى الشقق في البناء ذاته، يندفع مستجيراً به: "يا أستاذ عادل.. الله يخليك.. قلهم ما يذلوني... قلهم ما يهينوني".

ويرى منصور أن غسان جباعي أدى هذا المشهد ببُعديه: رعب الصرخة ورعب الخذلان المر.. فطفق يطبع صالة العرض بلحظات الأسى والغضب والقهر كلما عُرض هذا الفيلم، في مشهد لا يمكن أن يُنسى.

عزام يقتبس

من جانبه وصف الكاتب والصحفي فؤاد عزام المخرج الراحل بالقامة الوطنية لالتزامه بقضايا الناس وآلامهم وأحلامهم، مشيداً بوفائه لمبادئه طيلة حياته مناهضاً للظلم والاستبداد.

واقتبس عزام مقطعاً من آخر كتابات الجباعي يقول فيه:  

أنا ذاك الذي تحمل الريح نعشه

أتيت من مملكة الصمت 

والأمهات اللواتي فقدن الأمومة فجأة

فلبسن السواد فوق السواد

وجلسن على حاشية الموت 

يزغردن للحداد

بلادي تنبض تحت جلد الأرض

بلاد كالبلاد ولكن

صار التراب ظلاً لنا

وأزهارنا لم تفقد كرامتها بعد 

الأطفال عندنا يموتون باكراً

كي يكملوا حياتهم بين ضلوعنا

والعتمة عندنا 

تسرق نجومها من أحداقنا 

والمدن البيضاء

صارت فهارس للشهداء

وداع مع كل الريحان

أما الكاتب والشاعر فادي جومر فنعى جباعي قائلاً “الحرية... والنبل.. والمسرح.. والشعر.. والبلاد... كل البلاد.. مفجوعة برحيلك”.

وخاطب جومر الجباعي قائلاً: "مع كل ريحان الدنيا... ومع حلمك بوطن بيستحق تكون ابنه..

من قلبي.. بوسة أخيرة لجبينك العالي. الله معك يا طيب..  يرحم روحك الحرة... ويصبر كل حبابك ويصبرنا".

إقصاء وتهميش وتاريخ حافل بمناهضة الاستبداد

وُلد "الجباعي" المنحدر من محافظة السويداء في بلدة قطنا عام 1952، وتنقل خلال سنين دراسته من النبك إلى حمص والسويداء واللاذقية التي تخرّج في جامعتها باختصاص الأدب العربي.

اتجه الجباعي عام 1975 إلى دراسة الإخراج المسرحي في معهد كاربينكا كاري الحكومي في العاصمة الأوكرانية كييف لينال في العام 1981 شهادة الماجستير في الاختصاص الذي يحب.

عاد بعد ذلك ليعمل ممثلاً ومخرجاً مسرحياً، ومدرّساً في المعهد العالي للفنون المسرحية، إلا أنه سرعان ما اعتُقل في نهاية العام 1982م ولغاية 1991م بتهمة الانتماء لحزب البعث الديمقراطي.

وبسبب مواقفه السياسية، مُنع من التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية أكثر من مرة، ومُنع من ممارسة عمله كمخرج كما منع من السفر ولا سيما بعد الثورة السورية. ولم يتم تصوير أو أرشفة أي عمل مسرحي له من قبل تلفزيون أسد.

كتب الجباعي في المسرح نصوصاً ودراسات، كما كتب عدة روايات، وله كتاب أيضاً عن العلاقة بين الثقافة والاستبداد، وأخرج الكثير من العروض المسرحية، التي مُنع بعضها من العرض.

من أبرز الأعمال السينمائية التي شارك فيها كممثل ""شيء ما يحترق" مع غسان شميط، " "اللجاة" مع رياض شيا ، وكلا المخرجين من أبناء الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها،  "الترحال" مع ريمون بطرس، إضافة إلى العديد من الأعمال الدرامية التلفزيوينة التي قام بكتابتها  كمسلسل "عمر الخيام" إخراج شوقي الماجري و"بقايا صور" إخراج الأمي نجدت أنزور، و"رمح النار" و"تل الرماد".

التعليقات (2)

    الرحمة

    ·منذ سنة 7 أشهر
    للشرفاء الأحرار اللعنة والعار للخونة عبيد البوط والاحذبة

    مرحبا

    ·منذ سنة 7 أشهر
    الله يرحمو يا رب.. بس جد عجبتني لما كاتب المقال كتب (الأمي) نجدت انزور ....حلوة ههه...
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات