تدفّق مشيّعون إلى شوارع العاصمة الإيرانية طهران، الخميس، للمشاركة في جنازة عدد من الضباط الإيرانيين الذين قُتلوا قبل سنوات بمعارك مع فصائل المعارضة السورية، ما يعد دليلاً على التكلفة البشرية التي تكبّدتها إيران وميليشياتها في سوريا.
وكانت ميليشيا الحرس الثوري الإيراني أعلنت العثور على جثث تعود لخمسة ضباط وعناصر من صفوفها في قرية خان طومان في ريف حلب الجنوبي، والتي كانت لسنوات الجبهة الأهم في الحرب، وفق ما ذكرت وكالة الصحافة الأمريكية.
الجنرال مقطوع الرأس
وكشف الحرس الثوري عن هويات عناصره الخمسة، إلا أنه لم يسهب في التفاصيل عن مقتلهم باستثناء الجنرال عبد الله إسكندري الذي أصبح يُعرف باسم "الجنرال مقطوع الرأس" بعد اعتقاله وقطع رأسه في سوريا في 2014.
وجرت استعادة الرفات بعد عملية طويلة وتحليل الحمض النووي (دي إن إيه).
وكانت إيران زادت مؤخراً من اعترافها بسقوط ضحايا منذ تدخلها لإنقاذ حكومة ميليشيا أسد، في وجود برّي تزامن مع الحملة الجوية الروسية لمساعدة أسد على قمع الشعب السوري.
وتكشف الجنازات عن مدى تدخل إيران في سوريا عسكرياً ومدى زيف كذبها بأنها تلعب فقط دوراً استشارياً، في حين أن عشرات الجنود الإيرانيين لقوا مصرعهم في البلاد.
وخرجت عدة جنازات عبر مدن في جميع أنحاء البلاد هذا الأسبوع ابتداء من يوم الإثنين في مدينة مشهد الواقعة شمال شرق البلاد قبل أن تتجه جنوباً، لتعيد رفات كل ضابط إلى مسقط رأسه من أجل دفنه.
وفي معرض كلمة ألقاها قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي أشاد بعودة رفات المقاتلين وبقاء حكومة الأسد.
وأضاف قائلاً: "أردنا بقاء النظام (نظام الأسد) إلا أن الولايات المتحدة وأوروبا والعالم العربي لم يرغبوا في ذلك. والآن انظروا من بقي في البلد".
استغلال الجنائز للتغطية على ضعف نظام الملالي
ويستغل نظام الملالي جنازات من يسمّيهم بالشهداء لقياس الرأي العام ولحشد الدعم للنظام الديني الحاكم في وقت تغرق فيه البلاد بأزمات سياسية واقتصادية حادة.
ويعاني الاقتصاد الإيراني تحت وطأة عقوبات مكبِّلة فُرضت عليه بعد سحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بلاده من الاتفاق النووي، الذي خفّف عن طهران العقوبات مقابل فرض قيود مشددة على برنامجها النووي.
ومع ارتفاع معدل التضخم ووصوله لمستويات جديدة وتزايد اليأس من تدهور أوضاع المعيشة، سعى المتشددون في إيران لتعزيز الأيديولوجيا القومية لتثبيت أركان حكم خامنئي.
5 جثث
وقبل أيام، ذكرت وكالة "مهر" الإيرانية، أن قيادة ميليشيا الحرس الثوري استعادت 5 جثث لقتلاها من منطقة خان طومان بريف حلب شمال سوريا، ممن سمّتهم (الشهداء الكبار) بينهم ضابطان برتبة لواء وينحدرون من محافظات مازندران والبرز وفارس.
وذكرت الوكالة أن استعادة الجثث الخمس جاءت بعد التعرّف إليها من خلال فرق التحقيق الخاصة عبر مطابقة عينة الحمض النووي في مركز علم الوراثة، للقتلى "الذين دافعوا عن المراقد المقدسة في سوريا"، وهم اللواء "عبد الله إسكندري" ، اللواء "رحيم كابلي"، و"مصطفى تاش موسى" ، و"محمد أمين كريميان" و"عباس آسميه".
التدخل الإيراني في سوريا
ومنذ تدخلها لمصلحة لميليشيا أسد في سوريا، شاركت إيران عبر ميليشيات عديدة وأبرزها "الحرس الثوري الإيراني" و"فاطميون" وزينبيون" ولواء الباقر" و"حزب الله، اللبناني والعراقي"، إضافة لإشراف الضباط الإيرانيين على ميليشيا أسد بشكل مباشر ومن خلال الدعم اللوجستي المقدّم لها.
واستعادت إيران العديد من جثث قتلاها الذين سقطوا على الأراضي السورية وخاصة بمناطق ريف حلب من عناصر وضباط عبر صفقات تُجريها مع نظام أسد ويتكتم عليها الأخير، فيما لا تزال خسائرها متواصلة وخاصة بالهجمات المتكررة على مواقع ميليشياتها بمناطق البادية السورية وخاصة بالقرب من الحدود العراقية.
ومنذ بداية الثورة السورية عام 2011، عملت إيران على تجنيد عشرات الميليشيات من مقاتلين محليين وأجانب للقتال إلى جانب حليفها أسد في سوريا، تحت مسميات "الجهاد الإسلامي" ومحاربة الإرهاب من جهة، وتحت شعارات حماية المراقد المقدسة من جهة أخرى، إلا أنها في الحقيقة عمدت إلى تلك السياسة لتقوية تدخلاتها في المنطقة العربية تحقيقاً لمصالحها.
التعليقات (5)