مخيم الركبان يواجه مخاطر ميليشيات إيران.. فما دور "مغاوير الثورة" والقوات الأمريكية؟

مخيم الركبان يواجه مخاطر ميليشيات إيران.. فما دور "مغاوير الثورة" والقوات الأمريكية؟

يشتد الحصار على مخيم الركبان في البادية عند الحدود السورية – الأردنية، بعد انحسار كمية المياه المقدّمة من الأردن ومنظمة اليونيسف الأممية إلى ما دون النصف وهي تعدّ قليلة من قبل، إضافة إلى منع ميليشيا أسد المهربين من إدخال الغذاء والدواء إلى المخيم وإخضاع سياراتهم لتفتيش دقيق منذ مطلع أيار/مايو الماضي، وسط مخاوف تسود المخيم مع إنشاء ميليشيا "الحرس الثوري الإيراني" نقاطاً جديدةً في المنطقة المعروفة بـ"55".

ويواصل ناشطون حملتهم الإعلامية تحت وسم "أنقذوا مخيم الركبان" لإيصال صوت الأهالي الذين رفضوا العودة إلى مناطقهم الخاضعة لسيطرة ميليشيا أسد، فيما يقتصر دور الفصائل العسكرية على حماية المخيم أمنياً. ويؤكد أهالٍ من المخيم لـ"أورينت نت" أنَّ القوات الأمريكية لم تقدّم أيّة مساعدة لهم، كما لم تستجب الأمم المتحدة لمناشداتهم ما يضطرهم للعودة إلى مناطق ميليشيا أسد بالتدريج منذ مطلع العام 2019.

وفي هذا السياق، يقول المكتب الإعلامي لـ"جيش مغاوير الثورة" لـ"أورينت": إنَّ الجيش يعمل على حماية المدنيين في المنطقة من أيّ اعتداء، مؤكداً صعوبة الأوضاع الإنسانية في المخيم المحاصر، وجيش مغاوير الثورة يقدّم ما بالإمكان، لكن حاجة المخيم تحتاج إلى تدخل دولي ومنظمات إنسانية، مضيفاً: "إمكانياتنا محدودة". وفيما يخصّ النقاط الإيرانية الجديدة ذكر المكتب أنَّه "لا يملك أيّة معلومات عنها".

ويوضح الباحث في الشأن الإيراني مصطفى النعيمي، لـ"أورينت"، أنَّ الدور المنوط بالفصائل الموجودة في منطقة التنف يقتصر على تقديم الحماية اللازمة لقوات التحالف الدولي المنتشرة في القاعدة العسكرية الأمريكية، ويُساهم وجودهم في منع عمليات التهريب في المنطقة، وإعاقة تحركات ميليشيا أسد وإيران المنتشرة في المنطقة.

ويستدرك، أنَّ السياسة الأمريكية مازالت ضمن "سياسة جز العشب" في مواجهة الميليشيات المرتبطة بإيران والتي تُهدّد القوّات الأمريكية وحلفاءها بشكل مستمر، وليست بالحرب المفتوحة تجاه استئصالها أسوةً بما قامت به في محاربة تنظيم داعش، لكن لولا الضربات الأمريكية للميليشيات على الشريط الحدودي مع العراق لانتقلت إيران وحلفاؤها من طرق التهريب وصولاً إلى فتح طرق تجارة رسمية من طهران إلى بيروت.

أهداف ومخاطر النقاط الإيرانية الجديدة على مخيم الركبان

الصحفي محمد العايد، يوضح لـ"أروينت" أنَّه تم إحصاء أكثر من مئة نقطة عسكرية للميليشيات التابعة لإيران بكافة تشكيلاتها (عربية/أجنبية)، ونهاية حزيران/يونيو الماضي أنشأت ميليشيا "كتائب الإمام علي" خمس نقاط عسكرية جديدة في البادية السورية، وتأتي خطورتها في تشديد الخناق على مخيم الركبان وإغلاق طرق تهريب المستلزمات المعيشية للمخيم، بهدف إخراج من تبقّى من قاطنيه الذين تقلّص عددهم إلى نحو ثمانية آلاف نسمة، إضافة إلى تحدّي قوّات التحالف الدولي المتمركزة في قاعدة "التنف" التي تعدّ نقطة مراقبة لتحركات الميليشيات الإيرانية وعناصر تنظيم "داعش". حسب العايد.

ويشير إلى أنَّ مشروع الميليشيات الإيرانية (فجر3) للاستحواذ على الطريق الحدودي بين الأردن والعراق وسوريا، لن يكتمل ما دامت نقطة الـ55 بريف حمص الشرقي تحت سيطرة المعارضة والقوات الأمريكية، وسبق أن استهدفت الميليشيات الإيرانية عدة مرات عبر طائرات مسيّرة قاعدة التنف التي ردّت على القصف، كما أكد الأردن في تصريحات سابقة ضبطه لطائرات مسيرة إيرانية الصنع، فهذه المنطقة مهمة جداً للميليشيات بسبب موقعها الاستراتيجي لتهريب المخدرات.

بدوره، الصحفي المقيم في مخيم الركبان، خالد العلي، يرى أنَّ النقاط الإيرانية الجديدة قرب الركبان تُعيق وصول المواد الغذائية التي تدخل عبر طرق التهريب، ما يزيد العبء على سكان المخيم، بهدف تجويع السكان وزيادة الضغط عليهم، قائلاً لـ"أورينت": إنَّ قرابة ثلاث آلاف نقطة عسكرية لميليشيا أسد وإيران على مدار منطقة الـ55، بين النقطة والأخرى مسافة ما يقارب الكيلو متراً وهناك نقاط المسافة بينهما 700 متر فقط، وهناك سبع نقاط إيرانية مهمة، نقطتان منها يقتصر عملها على الدعم اللوجستي، وخمس نقاط مهمتها تزويد بقية النقاط بالعناصر حال حدوث طارئ، بينما هناك خط مشترك يصل بين مدينة تدمر وهذه النقاط المنتشرة في البادية.

في ذات الصدد، يؤكد النعيمي، أنَّ إعادة تموضع ميليشيات إيران في محيط مخيم الركبان يهدف بالدرجة الأولى إلى منع إيصال الغذاء والدواء إلى المخيم، وتعدّ استكمالاً لسياسة ميليشيا أسد المعهودة "الجوع أو الركوع"، والتي بموجبها استعاد الكثير من البلدات التي كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة منذ بداية انطلاق الثورة السورية، وما زالت ذات الاستراتيجية متبعة.

اقرأ أيضاً: حسين مرتضى يهدد بتدمير قاعدة التنف في سوريا

تواطؤ الأمم المتحدة مع ميليشيا أسد

مكتب الأمم المتحدة الذي كان مقرّه في الأردن ويدخل قوافل المساعدات الإنسانية إلى المخيم انتقل إلى دمشق، وذلك نتيجة إغلاق الأردن لحدوده عقب مقتل ستة جنود وإصابة 14 آخرين من قوات حرس الحدود الأردني في انفجار سيارة مفخخة في 21 حزيران/يونيو 2016 في منطقة الركبان، والقائمون على مكتب الأمم في دمشق هم موظفون موالون للنظام لذلك أوقفوا القوافل حيث كانت آخر قافلة مساعدات دخلت إليه في مطلع أيلول/سبتمبر 2019. وفقاً لـ العايد.

من جهته، يعتقد النعيمي، أنَّ هناك فيتو روسياً ضمنياً يمنع من إدخال المساعدات إلى مخيم الركبان، والولايات المتحدة لا ترغب بتغيير المشهد في المرحلة الحالية رغم وجود أزمات كبيرة داخل المخيم، خاصّة أنَّها أكدت على لسان مبعوثها الخاص لسوريا جيمس جيفري في 24 تموز/يوليو 2019 وفق صحيفة "واشنطن بوست" أنَّ سبب امتناع أمريكا عن مساعدة أهالي مخيم الركبان سيشير إلى رغبتها بالبقاء في المنطقة للأبد وسيكون ذريعة لروسيا لاتهامها بالاحتلال، وهي لا يمكنها الالتزام بوجود طويل الأجل في التنف أو أي مكان آخر في سوريا.

كما ينوّه النعيمي، إلى معوقات متعددة من أبرزها الأزمات الاقتصادية الكبيرة التي ضربت العالم ما بعد كورونا وألقت بظلالها على حجم المساعدات التي توزعها الأمم المتحدة للشعوب التي تعاني من آثار الحروب وشملت تلك التداعيات منطقة التنف، ورغم آلاف المناشدات التي يطلقها الأهالي الذين يعانون من نقص حاد في الدواء والغذاء إلا أنَّ المناشدات لا تلقى أذناً صاغية رغم قدرة واشنطن على إدخال المساعدات عبر منافذ خاصة لها مع الأردن والتي كانت توصل لهم المساعدات الأممية سابقاً.

وفي 6 نيسان/أبريل الفائت، عبّر "المرصد الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، عن خشيته من انخراط الأمم المتحدة في جهود ما يُسمى "دعم المغادرة الطوعية لأهالي الركبان" دون توفير ضمانات للمغادرين الذين قد يكونون عرضة لأعمال تهدد حياتهم في مناطق سيطرة ميليشيا أسد، موضحاً أنَّه اطلع على وثيقة تلقّاها سكان المخيم العام الماضي تؤكد التعاون الأممي مع الهلال الأحمر السوري لإخلاء النازحين من المخيم.

التقارب بين روسيا وإيران 

تتفق روسيا وإيران حليفتا بشار أسد على إخلاء مخيم الركبان، ورغم مطالبات الأهالي الكثيرة عبر الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات حول سماح روسيا لهم بالوصول إلى مخيمات الشمال السورية كما فعلت (اتفاقات تسوية) في المناطق الثائرة، إلا أنَّ موسكو تمنعهم من هذه "الأمنية" في سبيل إعادتهم قسراً إلى مناطق أسد، ورغم المخاطر الكبيرة باعتقال العائدين واحتجاز العائلات في مراكز مؤقتة بمحافظة حمص، إلا أنَّ دفعات الخارجين من المخيم بدأت تتوالى منذ مطلع العام 2019، وبعدها أعلنت روسيا عن فتح "ممرات إنسانية" في 19 شباط/ فبراير 2019، لتخرج أولى الدفعات بنحو 665 شخصاً مطلع الشهر الرابع 2019، وأعلنت الأمم المتحدة بداية تموز/يوليو 2019 مغادرة 15600 شخص من المخيم.

ويعتقد النعيمي، أنَّ التقارب بين روسيا وإيران "تكتيكياً لا أكثر" ويندرج ضمن تحالفات الضرورة التي لن تدوم طويلاً، فإيران ترغب في استثمار تقوية موقفها السياسي والعسكري في سوريا عبر البوابة الروسية، رغم أنَّ إيران تدرك تماماً بأنَّ إسرائيل عندما توجه ضربات إلى شحنات السلاح القادمة للميليشيات في سوريا يأتي عبر تفاهم مع روسيا من أجل عدم حدوث تماس جوي ما بين الطائرات الحربية والمدنية العاملة ضمن خطوط الملاحة الجوية السورية، وإيران بالمقابل تتهم روسيا بإخفاء معلومات عنها في حيثية الضربات وتوقيتها، لذلك تلجأ إيران إلى عمليات تمويه بشكل مستمر لإدخال وحدات من منظومات الدفاع الجوي لتشغلها بمعزل عن منظومات الدفاع الروسية.

يذكر أنَّ مخيم الركبان تأسس عام 2013 بعد هجوم ميليشيا أسد على مناطق البادية السورية، واعتُبر آنذاك نقطة عبور مؤقتة إلى الأردن، وفي عام 2014 تمدّد "داعش" في أرياف حلب وحمص والرقة ودير الزور ما أدى إلى موجة نزوح كبيرة نحو المخيم، وتراوح عدد سكانه بين الـ70 و100 ألف نسمة، إلى أن أغلق الأردن حدوده عام 2016 وبدأ السكان ببناء غرف من الطين، فيما أطبقت ميليشيا أسد حصارها على المخيم منذ تشرين الأول/أكتوبر 2018 بدعم روسي عبر قطع جميع الطرقات المؤدية إليه، ثم مطلع العام 2020 أغلقت السلطات الأردنية النقطة الطبية الوحيدة (عون) بحجة انتشار فيروس كورونا.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات